أكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «أن قانون «الستين» لم يعُد يليق باللبنانيين، وبلبنان في هذه الفترة، والمطلوب أن تتمثّل الشرائح اللبنانية كلها بمستوياتها كافة لتجد نفسها، ولتكوّن معارضتها من داخل المجلس، حتى تكون هذه المعارضة مجدية وفاعلة تستطيع أن تواكب الحكومة وتحاسبها». وخلال زيارة وفد من الكتلة الى بعبدا، ثمّن رعد المواقف الوطنية والقومية لرئيس الجمهورية التي ادلى بها خلال الفترة الاخيرة، والتي عبّرت عن الإجماع الذي انعقد عليه الموقف اللبناني الوطني وكرّسه بيان الحكومة الذي نال الثقة من المجلس النيابي».
النهار
رسالة من عون تعيد الكرة إلى مجلس النواب تأجيل الموازنة أسبوعاً على وقع الشارع
يعطلون الاستحقاق الرئاسي سنتين ولا يحاسب أحد، ويؤخرون تأليف الحكومات من دون تحديد المسؤوليات، ويقفل مجلس النواب من غير ان يعترض أحد، يتمسكون ببنود اتفاق الطائف لكنهم يخالفونه بطلب اعتماد النسبية والمختلط في دوائر كبرى، يسقطون قانون الستين ولا يتفقون على بديل منه، تتوالى جلسات مجلس الوزراء لاقرار الموازنة من دون قطع حساب الـ 11 مليار دولار، يرفعون قيمة الرسوم والضرائب ولا يعطون الموظف سلسلة الرتب والرواتب، يتشددون في تطبيق قانون السير ولا يضيئون الشوارع أو يردمون الحفر، يتقاضون أغلى الاسعار في الخليوي والانترنت فيما خدمات القطاع تزداد تراجعا، يشجعون السياحة ويفرضون على اللبنانيين المنتشرين بطاقات السفر الأغلى، هذا كله في دولة “كل مين إيدو إلو” حيث لا حسيب ولا رقيب ولا تخطيط على رغم انشاء وزارة دولة لشؤون التخطيط لا مشروع ولا هدف لها. واذا كان اللبنانيون تفاءلوا بقرب تسيير أمور الدولة بعد انتخاب رئيس والتوافق على حكومة جديدة، فان الامل في استمرار قطف نتائج التوافق والرعاية الدولية الاقليمية، بدأ يتضاءل في ظل عدم الاتفاق على قانون انتخاب جديد أو اقرار الموازنة أو بدء تحريك الاقتصاد. واللافت ان ممثلي معظم الاحزاب في مجلسي الوزراء والنواب، يرفضون زيادة الضرائب، أو اقرار ضرائب جديدة، ويؤيدون اعطاء سلسلة الرتب والرواتب، وفي الوقت نفسه يمتنعون عن اقرار الحقوق، ويدعون المواطنين الى الاعتصام والتظاهر محولين أياهم أحجار شطرنج يتلاعبون بهم وبحياتهم وبمعيشتهم.
واللافت ان مناقشة الموازنة في جلسات متتالية لمجلس الوزراء آخرها امس تدور في حلقة مفرغة، خصوصاً ان سلسلة الرتب والرواتب لا تدخل في اختصاص مجلس الوزراء بعدما أحيلت قبل ثلاث سنوات على مجلس النواب. وقد حرص وزير المال علي حسن خليل على القول، ردا على الاعتراضات المصرفية على الاجراءات الضريبية المتصلة بالقطاع، إن تلك الإجراءات أقرت في قانون ولم تعد مطروحة للنقاش، فيما الواقع ان الضرائب ارتبطت في حينه بسلسلة الرتب والرواتب التي اسقطت في الهيئة العامة للمجلس، وتالياً تعتبر تلك الضرائب لاغية حكماً.
وعلمت “النهار” في هذا المجال ان درس موضوع السلسلة بين الجهات المعنية، وخصوصا في الاجتماع مع رئيس الوزراء سعد الحريري، تركزت على امكان تقسيط السلسلة على ثلاث سنوات، يقابلها تأجيل أكثر الضرائب وتوزيعها على سنوات أيضاً.
وصرح وزير الاعلام ملحم الرياشي بعد جلسة مجلس الوزراء مساء أمس: “النقاش طويل وعلمي في ما يتعلق بالموازنة وايجابي جدا ولا أعتقد اننا سننتهي غداً (اليوم) لكن الامور سوف تحل”. وقال وزير المال: “بدأنا مناقشة قوانين البرامج والمواد القانونية للسلسلة وقطعنا شوطا مهما وغداً (اليوم) سنعقد لقاءات تحضيرية قبل الجلسة”.
وفيما كان مجلس الوزراء منعقداً عصر أمس، عادت “هيئة التنسيق” الى الشارع، كخيار اعتبرته ضرورياً للضغط لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وأكد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ”النهار”. أن الإضراب والاعتصام خطوة أولى ستليها تحركات تصعيدية ستبحث أشكالها مع مكونات هيئة التنسيق. ولم يستبعد أن يكون سقف التحرك والموقف عالياً في المرحلة المقبلة، ما لم تقر السلسلة، داعياً الى “اقفال هذا الملف”، ومطالباً المعنيين بإقرار قانون غلاء المعيشة الذي أقر عام 2012.
الانتخابات
وفيما سرت شائعات عن ان تأجيل الانتخابات، بل التمديد للمجلس سنة كاملة، صار أمراً محتوماً، ما يدفع الى اطالة عمر الحكومة أيضاً، تحدثت مصادر قريبة من بعبدا الى “النهار”. عن تفكير لدى الرئيس ميشال عون في توجيه رسالة الى مجلس النواب لوضعه أمام مسؤولياته. ويبدو واضحاً ان هذه الخطوة تأتي بعدما رمى، رئيس المجلس الكرة في ملعب الحكومة بدعوتها الى وضع قانون انتخاب فيما القوى المممثلة في الحكومة، المشاركة باللجنة الرباعية وبالاجتماعات الثنائية فشلت في التوصل الى اتفاق على صيغة قانون انتخاب، وهذا ما يجعل وضع الأزمة على طاولة الحكومة من دون جدوى.
وأكدت المصادر القريبة من بعبدا تفاؤلها بامكان الاتفاق على قانون جديد خلال شهر بعدما برزت مرونة في المواقف حيال القانون المختلط، أن لا نية لدى عون للتمديد نهائياً، لان من شان ذلك ان يبدد انطلاقة العهد. ورفضت مقولة الاتفاق المسبق على إبقاء قانون الستين، مؤكدة انه بات قانوناً ميتاً بالنسبة الى الرئيس.
وفي هذا الاطار، اكدت مجموعة الدعم الدولية إلتزامها إستقرار لبنان وأمنه. واعتبرت أن الزخم السياسي الحالي أدى إلى إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في لبنان. وشجع أعضاء مجموعة الدعم الدولية “جميع الأطراف على التوصل إلى تفاهم مبكر من شأنه أن يقدم إطاراً إنتخابياً مناسباً للبنان. إنَ إجراء الانتخابات النيابية في وقتها بشكل سلمي وشفاف خطوة مهمة للحفاظ على تقاليد لبنان الديموقراطية ولتلبية تطلعات الشعب اللبناني”. وأبدت المجموعة استعدادها لتقديم الدعم.
قانون السير
حياتياً، انشغل اللبنانيون أيضاً بالاجراءات الجديدة لتطبيق قانون السير والكاميرات المثبتة في غير مكان من العاصمة ومحيطها لمراقبة المخالفين، وقيام حواجز لقوى الامن للتشدد في تطبيق الانظمة وضبط المخالفات. وعلمت “النهار” ان المشروع الجديد لهيئة ادارة السير قيد التجربة ويقتصر حتى اليوم على كاميرا الكترونية واحدة، فيما الكاميرات العشر التي ركبت في العام 2009 لم تشغل حتى اليوم بحجة عدم وجود فريق عمل لتشغيلها على رغم تكلفتها الباهظة التي بلغت مليون دولار اميركي. ويربط الخبير في ادارة السلامة المرورية كامل ابرهيم العمل بمعلومات عن انتهاء ولاية المديرة العامة لهيئة شؤون السير في ايار المقبل. والحاجة الى الاكثار من الانجازات لضمان التجديد لها. ويشكك في قدرة الكاميرات والاجهزة الامنية على المضي طويلا في الخطة التي تحتاج أيضاً الى توعية واعلام للمواطنين واعمال ضرورية على الطرق.
الاخبار
خرق في مناقشات الموازنة: التيار الوطني الحر لن يعترض السلسلة
المستقبل: حزب الله يخيّرنا بين النسبية والنسبية
شهدت جلسة مجلس الوزراء، أمس، تطوراً لافتاً، إذ أعلن وزير الخارجية جبران باسيل، في خضمّ مناقشة مشروع قانون موازنة عام 2017، أنَّ التيار الوطني الحر لن يقف ضد تخصيص الاعتمادات لتعديل سلسلة الرتب والرواتب في الاحتياطي، إذا كانت هذه هي وجهة الجميع في المجلس. لم يعلّق رئيس الحكومة، سعد الحريري، على هذا الموقف المستجد، واكتفى بتكرار اشتراط أن يكون إقرار السلسلة مقترناً بـ«إصلاحات» في الوظيفة العامة (مقال : محمد وهبة، فاتن الحاج).
يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع، اليوم، لاستكمال مناقشة مشروع قانون موازنة عام 2017، بالإضافة إلى بنود جدول أعماله العادي. وأوضحت مصادر وزارية أنَّ جلسة أمس لم تشهد أي مناقشة للإجراءات الضريبية المقترحة، إلا أنها خطت خطوة إلى الأمام لحسم مسألة إدراج نحو 1200 مليار ليرة في احتياطي الموازنة، مخصصة لتعديل سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، على ألّا يُجاز استخدام هذه الاعتمادات إلا للسلسلة في حال إقرارها في مجلس النواب.
بحسب مصادر وزارية، ظهر أنَّ معظم القوى الممثلة في مجلس الوزراء تميل إلى هذا الموقف، ما عدا تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي. وطغت على المناقشات مخاوف من «الشارع»، في ضوء الاعتصام الحاشد الذي نفذته هيئة التنسيق النقابية والنجاح النسبي للإضراب الذي نفذته روابط المعلمين والأساتذة في معظم المدارس الرسمية والخاصة، وتهديدها بتصعيد التحرك وتعطيل العام الدراسي. وفي ذروة هذه المناقشات، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل، أنَّ وزراء التيار الوطني الحر لن يعترضوا على إدراج اعتمادات السلسلة، إذا كانت هذه وجهة الجميع في مجلس الوزراء. هذا التعديل، بحسب المصادر، استدعى صياغة شروط، أبرزها أن لا يجري نقل هذه الاعتمادات إلى بنود إنفاق أخرى إن لم يقرّ مجلس النواب مشروع قانون تعديل السلسلة المطروح أمامه منذ سنوات، كذلك جرى التداول بإمكانية نقل هذه الاعتمادات من باب الاحتياطي إلى قوانين البرامج، إذا تقرر تقسيط السلسلة وفروقاتها على أكثر من سنة.
وتقول مصادر وزارية إنَّ موقف باسيل أربك رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي كان يراهن على استمرار معارضة التيار الوطني الحر للسلسلة، مُعفياً نفسه من تبعات مثل هذه المواجهة، فلم يعلق بأي كلمة. إلا أنه في مرحلة من مراحل المناقشات طرح تساؤلات عن مصير «الإصلاحات» التي يجب أن تطاول الوظيفة العامة في حال إقرار السلسلة، ما أوحى أنه أيضاً لن يعرقل التوافق على إدراج اعتماداتها.
وتوضح المصادر نفسها أنَّ الأمر لم يُحسَم نهائياً. إلا أنّ هذه الأجواء سمحت بالبدء بمناقشة مواد مشروع قانون الموازنة، فأُنجِزَت مواد الفصل الأول، ما عدا المادة الخامسة المتعلقة بالإجازة بالاقتراض، كذلك بدأ المجلس بمناقشة مواد الفصل الثاني المتعلقة بقوانين البرامج وتعديلاتها. وتشير المصادر إلى أنَّ تعليق بتّ المادة الخامسة جاء على خلفية السجالات السابقة التي دارت في لجنة المال والموازنة النيابية في شأن مخالفتها الأحكام الدستورية والأصول القانونية، ما استدعى الاتفاق على تشكيل لجنة من خارج مجلس الوزراء لإعادة صياغة نص المادة تضم وزير المال علي حسن خليل ووزير الاتصالات جمال الجراح ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان، بالإضافة إلى من يرغب من الوزراء، وستعقد هذه اللجنة أول اجتماعاتها اليوم.
الجدير بالإشارة أنَّ هذه هي اللجنة الثانية التي تشكّل خارج مجلس الوزراء لدرس بعض الأمور المتعلقة بمشروع الموازنة، إذ سبق أن تشكّلت لجنة تضم وزير المال وممثلين عن تياري المستقبل والوطني الحر، وهي تقوم بمحاولة صياغة توافق بين الأطراف الثلاثة وتشكيل موقف أكثري.
بعيداً عن مسألة المادة الخامسة المستجدة، أكّد النائب إبراهيم كنعان أن موقف تكتل «التغيير والإصلاح» ينطلق من «أنَّ السلسلة أقرّت في مجلس النواب، وأنَّ إدراجها في بند الاحتياط لا يشكل أي التزام على الإطلاق لناحية صرفه للمستفيدين من السلسلة، إذا لم يقترن بإقرار قانون السلسلة في المجلس النيابي». وأوضح كنعان لـ»الأخبار» أنَّ «إقرار الموازنة بحالتها الحاضرة لا يعني إطلاقاً إقرار السلسلة، حتى ولو تضمنت كلفتها في بند الاحتياط، وبالتالي إنَّ إبقاء كلفة السلسلة في الاحتياط من دون إقرارها في مجلس النواب يسمح نظرياً للحكومة، بموجب صلاحيات تعطى لها، بنقل اعتمادات من بند إلى آخر لتغطية نفقات و/أو التزامات أخرى». ويرى أنَّ «المعالجة الجدية لهذا الملف تكمن في أن يستأنف المجلس النيابي بهيئته العامة ما كان قد بدأه في جلسة ١٥/٤/٢٠١٤، أي التصويت على بنود السلسلة والإيرادات، هذا إذا كانت الإرادة السياسية هي بتّ هذا الملف، وليس الاستمرار بالمماطلة».
في هذا الوقت، تواصل جمعية المصارف ضغوطها لإجهاض أي اقتراح يرمي إلى زيادة الاقتطاعات الضريبية من الأرباح التي تجنيها المصارف. ومن المقرر أن يزور وفد من الجمعية رئيسَ الجمهورية ميشال عون، اليوم.
في المقابل، حاولت هيئة التنسيق النقابية طمأنة السلطة السياسية إلى أنها ليست «ضد العهد الذي آمنّا به، ولسنا ضد الحكومة، وكلنا ممثلون فيها، ولسنا ضد إدارات المدارس، فنحن معها في خندق واحد». هذه الطمأنة جاءت على لسان عضو نقابة المعلمين أنطوان مدور، الذي قدم الخطباء في الاعتصام الذي نفذته الهيئة أمس في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع الإضراب في المدارس الرسمية والخاصة.
إلا أنَّ هذه الطمأنة لم تنسحب على خطاب رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه جباوي، الذي قال: «رأينا بالأمس بيانات المكاتب التربوية للأحزاب تؤيد الإضراب، وتؤيد المطالب والتصعيد بالتحرك. ألم تكونوا ممثلين لهذه المكاتب في مجلس النواب والوزراء؟». وأضاف: «لا تخطئوا وتفرضوا ضرائب على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، هذه الضرائب لا تفعل شيئاً، هناك أموال تكدست وتراكمت، فوائد وأرباح طائلة تجمعت من حساب هذا الشعب ومن تعبه وعرق جبينه ومعاناته، تفضلوا جيبوا الضرائب من هونيك، تفضلوا أوقفوا هذه المهزلة، عم تحكوا بالإصلاح، مين ضد الإصلاح؟ من هون بيبلش الإصلاح!».
المستقبل: حزب الله يخيّرنا بين النسبية والنسبية
بدأ الضغط الدولي يزداد يوماً بعد يوم، بهدف إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ما يعني دعوة مبطّنة لإبقاء قانون الستين قائماً. أما داخلياً، فيؤكد تيار المستقبل أنه لا يعترض على كل مشاريع القوانين المطروحة عليه، متهماً حزب الله بتخييره «بين النسبية والنسبية»
لا تزال أزمة قانون الإنتخابات على حالها، بسبب الخلاف بين المكوّنات السياسية على شكل القانون الجديد ومضمونه. ونتيجة لهذه الخلافات، تقترب البلاد يوماً بعد يوم من أزمة سياسية ودستورية، مع دنو موعد الإنتخابات في حزيران المقبل، حيث بالكاد تكفي المدّة المتبقية لإعلان الترشيحات والإستعداد للمعارك الإنتخابية.
في هذا الوقت، تستمر القوى الدولية والإقليمية بالتدخل في الشأن اللبناني، بذريعة الدعوة إلى إجراء الانتخابات في موعدها. وتُوّج هذا التدخل أمس ببيان صدر عن «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان»، «شجّعت» فيه «جميع الأطراف على التوصّل إلى تفاهم مبكر من شأنه أن يقدّم إطارا انتخابيا مناسبا للبنان». ورأت المجموعة أن «إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها خطوة مهمة للحفاظ على تقاليد لبنان الديمقراطية ولتلبية تطلعات الشعب اللبناني».
داخلياً، وفيما انكفأ النقاش بشأن قانون الانتخابات لصالح النقاش في الموازنة، نفت مصادر رفيعة في تيار المستقبل لـ»الأخبار» أن يكون التيار يعطّل إمكان التوصل إلى قانون للانتخابات. وقالت المصادر: «كنا قد توصلنا إلى اتفاق في اللجنة الرباعية حول القانون المختلط الذي تقدّم به الوزير جبران باسيل، وكان لا يزال هناك خلاف بسيط حول مقعد أو مقعدين، لكننا تفاجأنا بتراجع حزب الله». وأكدت مصادر التيار أنه «لا يُمكن لحزب الله أن يخيّرنا بين النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة أو النسبية في دوائر مشروع قانون حكومة نجيب ميقاتي»، مشيرة إلى أننا «لسنا نحن من يعطّل، وكنا قد وافقنا على صيغة قانون one man multiple vote، كذلك الصيغة المختلطة»، لذا «لا يُمكن أحداً أن يتهمنا بأننا نحن من نطيّر الصيغ».
وفيما تردد امس أن الرئيس ميشال عون قد يبعث برسالة إلى المجلس النيابي، عملاً بالصلاحيات التي منحها له الدستور، بهدف حث البرلمان على إصدار قانون جديد للانتخابات، يُنتظر أن تُحرّك عودة رئيس المجلس نبيه بري من طهران المشاورات بشأن القانون، وخاصة بعد إعلان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط انفتاحه على المشروع المختلط بين النظامين النسبي والأكثري.
وكان رئيس الجمهورية قد استقبل أمس وفداً من كتلة الوفاء للمقاومة، برئاسة النائب محمد رعد الذي قال بعد اللقاء إن «قانون الستين لم يعُد يليق باللبنانيين ولا بلبنان في هذه الفترة، والمطلوب أن تتمثل كل الشرائح». وأكد «بذل كل الجهود المطلوبة من أجل تحقيق توافق وطني لنخرج من القانون الذي ينعكس تعثراً في الحياة السياسية في البلاد»، مشيراً الى أن «زيارتنا اليوم للرئيس العماد ميشال عون هي من أجل نقل تحيات سماحة السيد حسن نصر الله إليه، والاثناء على مواقفه الوطنية والقومية التي أدلى بها خلال الفترة الأخيرة».
وعلى صعيد آخر، لفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أن «الرئيس الحريري ليس لديه خيار سوى التصريح ضد حزب الله»، وأن هذه التصريحات «جزء من أداء الفاتورة والتوظيف إقليمياً». وشدّد قاسم على أن «إسرائيل ليست قدراً لازماً في المنطقة ويمكن هزيمتها»، مشيراً الى أن هناك «أشياء كثيرة لا تعرفها إسرائيل عن قدرات المقاومة». وأكد قاسم أن حزب الله «لم ينتظر كلام الرئيس عون عن المقاومة بل نعلم عقله وإيمانه بها». وقال قاسم في مقابلة مع قناة «الميادين» إن «حزب الله يحدّد متى يخرج من سوريا» مشيراً إلى أن الأمر «مرتبط باتفاق السوريين وبعودة سوريا إلى شعبها». وقال: «عندما نضمن بقاء سوريا المقاومة عندها ننسحب منها».
ولفت نائب الأمين العام لحزب الله إلى أن «القوات السورية والروسية وحزب الله يقاتلون في الميدان السوري وفق صيغة تعاون تجمعهم بشكل ما» مضيفاً أن «روسيا تقترب من مواقف حزب الله بشكل كبير»، لكن العلاقة لم تتطور إلى «حلف يتجاوز الوضع اللبناني والسوري».
اللواء
تلازم بين إقرار الموازنة.. والسلسلة مجزأة
المصارف ترفض تحميلها عبء التمويل.. واقتراح باسيل للتأهل الإنتخابي يسقط
فرضت الجلسة الخامسة لمجلس الوزراء والمخصصة لمتابعة درس أرقام موازنة العام 2017: نفقات وايرادات وقطع حساب، جملة من الحقائق والوقائع رفعت من وتيرة المسؤولية لدى الحكومة والوزراء مجتمعين، بما فيها أركان الدولة، وأسفرت هذه الوقائع عن تمديد جلسات مجلس الوزراء، حيث بات من المؤكد ان لا تنجز الموازنة اليوم، وعن منهجية بحث جديدة في الارقام، بدءاً من جلسات عمل يعقدها وزير المال علي حسن خليل مع الوزراء في مختلف الوزارات والإدارات، بحثاً عن ترشيد الانفاق وعصر النفقات ووقف الهدر، في محاولة لاعادة النظر بميزانية كل وزارة، وكمحاولة أخيرة لإعادة قراءة الأرقام، بما هي ارقام في موازنة، وليس دفتر حسابات، كما كشف وزير الاعلام ملحم رياشي.
ومن هذه الحقائق والمعطيات ايضاً:
1 – ما لمسه رئيس الحكومة والوزراء من أن مالية الدولة ليست بخير، وأن توفير واردات ومداخيل للخزينة ليس بالأمر السهل، وأن تحميل المالية العامة أية أعباء اضافية في خدمة الدين العام، لا يمكن السير بها، بعدما كادت خدمة المديونية العامة تلتهم أكثر من 35 في المائة من الدخل الوطني.
2 – بدا للحكومة ووزرائها انه لا مفر من إقرار سلسلة الرتب والرواتب، سواء بربطها بالموازنة، وتمويلها من باب الاحتياطي باضافة 1200 مليار ليرة لبنانية (كلفة السلسلة) إلى 850 مليارا (غلاء معيشة تدفع حالياً)، أو من خلال فصلها، وتحويلها الى مجلس النواب والبحث عن تشريعات مالية جديدة بتغطيتها، مع العلم أن امكانية تجزئتها غير مستبعدة.
3 – هنا، تقول المعلومات، أن وزير المال أبلغ كلاً من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء، انه لن يسير بفرض ما نسبته 4 في المائة ضريبة على صفيحة المازوت، أو أية ضريبة يمكن أن يكون لها تأثير على ذوي الدخل المحدود، أو يمكن أن «تمس الطبقات الفقيرة»، كما أعلن الوزير خليل بعد لقاء الرئيس ميشال عون.
وكشف خليل أن ما هو مطروح الآن، في ما خص السلسلة إقرار المبلغ الإجمالي للسلسلة من ضمن الموازنة، أو مناقشة الموازنة بشكل مستقل في المجلس النيابي، معرباً عن تفاؤله بالتوصل إلى تفاهم يسمح بإنجاز الموازنة في مجلس الوزراء، وإحالتها بالتالي إلى مجلس النواب.
4 – وفي الوقت الذي كانت فيه هيئة التنسيق النقابية تنفذ اعتصاماً حاشداً تزامناً مع جلسة مجلس الوزراء في ساحة رياض الصلح للمطالبة بإقرار السلسلة، كانت جمعية المصارف تستبق الجلسة وتزور الرئيس سعد الحريري، برئاسة رئيسها جوزيف طربيه، في محاولة لتجنيب المصارف تجرّع كأس أية تشريعات ضريبية تفرض على الودائع او الارباح المصرفية، من ضمن اصلاحات يجري البحث عنها، وانطلاقاً من ان المصارف هي التي تموّل الدولة وتحمي الاقتصاد بما يتجاوز قيمة الدخل الوطني للبنان.
وحذر طربيه من تراجع حجم شح السيولة إذا ما فرضت ضرائب إضافية، مما يؤثر على تمويل المصارف للدولة، معتبراً أن المصارف لا يمكن أن تحل محل الدولة، سواء في ما يتعلق بالاستجابة للسلسلة، لا عرقلة ولا تشجيع، مشدداً على ان المصارف تسعى إلى عدم التراجع، و«إلا نفقد ميزاتنا التفاضلية»، في إشارة إلى أن أماكن أخرى آخذة بحركة اسرع لاستقطاب الاستثمارات والودائع والرساميل كدبي وقبرص.
إزاء هذه الوقائع، بدا انه ليس من السهل إقرار الموازنة بعد 12 عاماً من عدم وجودها، حيث اصيبت مالية الدولة بأعباء توظيفية ونفقات مالية هائلة، فيما كانت حركة النمو تتباطأ لدرجة لم تتجاوز 1.5 في المائة.
وهكذا فتحت الجلسة الخامسة الباب امام جلسة سادسة اليوم وسابعة أو أكثر، ربما في الاسبوع المقبل، باعتبار انها لم تقطع سوى ثلث الطريق في مناقشة الموازنة وارقامها، وفقاً لما كشفته مصادر وزارية لـ«اللواء».
ولفتت المصادر إلى انه تمت أمس مناقشة المشروع بندا بندا خصوصاً بالنسبة الى الإيرادات والنفقات، وتناول البحث أيضاً موضوع تغطية كلفة السلسلة والأمور التي أقرّت في مجلس النواب لا سيما المواد الإصلاحية.
وهذا ما حدا بوزير الإعلام رياشي إلى الدعوة للصبر وطول البال، مستبعداً انتهاء المناقشات اليوم، وملمحاً إلى أن السلسلة ستقر مع الموازنة في نهاية المطاف.
وتوقعت المصادر الوزارية أن تكون الجلسة السادسة اليوم قصيرة، بسبب حرص الوزراء على حضور مأدبة العشاء التي سيقيمها الرئيس عون مساء على شرف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سيحل اليوم ضيفاً على لبنان في زيارة رسمية تستمر حتى السبت المقبل.
قانون الانتخاب
وفقاً للمعلومات التي تسربت، فإن ما تناهى للناشطين على خط التفاهم على صيغة لقانون الانتخاب من ان النائب وليد جنبلاط لن يعارض مشروع قانون انتخابي يناصف بين النسبي والاكثري شرط ان تكون عاليه والشوف دائرة انتخابية واحدة، جعلهم أكثر تفاؤلاً بإمكان إنجاز هذه الصيغة في وقت قد يكون قبل الانتهاء من التفاهم على الموازنة واقرارها.
وفي كلا الحالين، علمت «اللواء» من مصادر نيابية ان أي صيغة يتم التفاهم حولها، سواء عبر المندوبين أو عبر اللقاءات التي تعقد قبل وبعد جلسات الموازنة، لا سيما بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، فإنها ستقر عبر مشروع قانون في مجلس الوزراء، بعد إنجاز الموازانة، وإذا تعذر هذا الأمر فإن اتصالات تجري لأن يوجه الرئيس عون الدعوة للاقطاب لعقد طاولة حوار والتفاهم على صيغة تُبدّد الهواجس وتقطع المهل، وتؤسس لإنجاز القانون واجراء الانتخابات اما في موعدها بعد تمديد تقني ليس من الصعب التفاهم عليه وهو بين ثلاثة أشهر وسنة.
وفي المعلومات ان الصيغة التأهيلية التي طرحها الوزير باسيل بين النظامين الأكثري والنسبي سقطت بدورها، على غرار الصيغة المختلطة في اللجنة الرباعية.
وفي هذا المجال، نفى مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» وجود خلاف حول مُـدّة التمديد التقني لمجلس النواب بين ان تكون سنة أو ثلاثة أشهر، وقال انه شخصياً لا يعلم شيئاً عن هذا الأمر، وعلى كل حال، فإن الكتلة ستجتمع اليوم لبحث الموضوع الانتخابي برمته، معيداً إلى الأذهان بأن الكتلة سبق ان أكدت انها مع اجراء الانتخابات في موعدها وفق أي قانون يتم الاتفاق عليه، شرط ان لا يقصي فريقاً بعينه.
من جهتها، نفت مصادر تكتل «التغيير والإصلاح» لـ«اللواء» أن يكون الافرقاء قد اقفلوا الأبواب نهائيا أمام التوصل إلى اتفاق على قانون الانتخاب.ولفتت إلى أن هناك طروحات تتم بلورتها، لكنها لم تشكل محور قبول أو رفض حتى الآن.
وقالت: في النهاية يجب الوصول إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات،من دون استبعاد فرضية التصويت على القانون.
وأشار نائب التكتل سليم سلهب لـ«اللواء» إلى أنه لم يحصل أي اتفاق بعد وان رئيس الجمهورية لا يزال يعطي الفرصة للتوافق، غير أن أي تعذر سيدفعه إلى التدخل وفق صلاحياته الدستورية،ملاحظا أن هناك املاً للوصول إلى اتفاق.
ولم يغب موضوع القانون عن زيارة وفد كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمّد رعد للرئيس عون في بعبدا، حيث نقل له تحيات الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، مثمناً مواقفه الوطنية والقومية التي أدلى بها خلال الفترة الأخيرة.
وأعلن رعد انه لمس من الرئيس عون حرصاً على ان تثمر الجهود المبذولة لانتاج قانون انتخابي جديد، بالشكل الذي يحفظ التنوع في المجلس النيابي الذي سينتخب وفق القانون الجديد.
وفي السياق، لفت الانتباه البيان الذي أصدرته مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، والذي شجع جميع الأطراف على التوصّل إلى تفاهم مبكر من شأنه ان يقدم اطاراً انتخابياً مناسباً للبنان.
وشدّد أعضاء المجموعة التي تضم حكومات: الصين وفرنسا والمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، على ان «اجراء الانتخابات ف حينها بشكل سلمي وشفاف خطوة مهمة للحفاظ على تقاليد لبنان الديمقراطية»، مؤكدين استعدادهم لتقديم الدعم.
البناء
مؤتمر طهران يتبنّى دعوة بري لإقفال السفارات إذا نقلت واشنطن سفارتها
جنيف يبدأ باهتاً بسقوف منخفضة بسبب التردّد الأميركي والتلكؤ التركي
الاحتقان الاجتماعي يسبق قانون الانتخاب وحماية المصارف تؤخّر الموازنة
أنهى مؤتمر طهران لدعم الانتفاضة الفلسطينية أعماله بمشاركة عدد من رؤساء البرلمانات العربية والإسلامية وشخصيّات حقوقية ودينية عالمية، وتمثيل جامع للفصائل الفلسطينية، وخرج البيان الختامي بتأكيد المكانة المحورية للقضية الفلسطينية في الوجدان الإنسانيّ وفي صناعة الاستقرار والأمن معاً. وشدّد البيان على دعم المقاومة والفصائل الفلسطينية والدعوة لتوحيد جهودها في مواجهة الاحتلال، مسجّلاً تبنّي توصية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بالدعوة لإقفال السفارات العربية والإسلامية في واشنطن في حال قيامها بنقل سفارتها لدى كيان الاحتلال من تل أبيب إلى القدس، ما يشكّل الثمرة السياسيّة الأهم للمؤتمر برسالة ردع يُنتظر أن تتفاعل على مستوى النخب العربية والشارع العربي والفلسطيني، وأن يُقام لها الحساب السياسي والإعلامي أميركياً لصدورها عن شخصية بوزن رئيس المجلس النيابي اللبناني، بحضور رؤساء مجالس نواب وشورى في العراق وسورية وعمّان ووفود نيابية من عدد آخر من البلدان العربية والإسلامية ومراجع دينية ذات مكانة في العالم الإسلامي.
على ضفة موازية كانت العلاقات الإيرانية التركية تسجّل تصعيداً لافتاً، يدلّ على العجز للمرة الأولى عن احتواء الأزمة الناتجة عن تباينات، يبدو أنها تخطّت سابقاتها، مع حديث تركيا المتناغم مع السعودية وأميركا و»إسرائيل»، باعتبار إيران مصدراً لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وهذا الحديث التركي المكرّر مرات عديدة بإصرار خلال الأسبوع الماضي، يعبّر وفقاً لمصادر دبلوماسية إيرانية عن خيار تركي جديد، معاكس لخيارها الذي عبّر عنه اجتماع موسكو، وما أعقبه من انطلاق لمسار أستانة الخاص بالتهدئة في سورية، ويفسّر الغياب الوازن لتركيا عن اللقاء الأخير في أستانة، كما يفسّر عدم توقيع ممثلها على البيان الختامي الداعي لوقف التمويل وإمداد السلاح والرجال لجبهة النصرة عبر الحدود مع سورية، ويُعيد العلاقة مع تركيا إلى مرحلة ما قبل معارك حلب.
هذا التموضع التركي الجديد ظهر بالغموض المحيط بالتوقّعات من محادثات جنيف، وحديث المعنيّين عن سقوف منخفضة للتوقعات، كما قال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وسط سعي روسي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والاكتفاء بفتح كوّة في جدار تمثيل المعارضة التي نجحت موسكو بكسر احتكارها من جماعة مؤتمر الرياض، في ظل غياب أميركي سياسي فاعل، رغم المشاركة بوفد دبلوماسي في المؤتمر، ليبدو المؤتمر باهتاً، ومجرد محطة انتظار حتى يتّضح مستقبل التعاون الروسيّ الأميركي وفرصه التي لا تزال تبدو متأخّرة وبعيدة، ما يجعل الكلمة مرة أخرى لميادين القتال، أسوة بما جرى مع تجميد واشنطن للتفاهم الروسيّ الأميركيّ قبيل معركة حلب.
لبنانياً، يبدو قانون الانتخاب الجديد قد تراجع عن المكانة الأولى لصناعة الحدث السياسي اليومي، مع تأقلم الفرقاء المعنيين مع معادلة أن مهلتهم مفتوحة لإنتاج القانون الجديد حتى اليوم الأخير من ولاية المجلس الحالي الممددة، واسترخاء ورش البحث عن توافقات سريعة بعدما انقضت مهلة توقيع مرسوم الهيئات الناخبة أول أمس، من دون توقيع رئيس الجمهورية له، وصار الأمر مقضياً.
تحتلّ القضايا المعيشية مكان قانون الانتخاب مع الحراك المطلبي الذي افتتحته هيئة التنسيق النقابية ويتابعه قطاع المعلمين وسط نقاش شائك في الحكومة حول مشروع الموازنة، يطال في شق منه الضرائب الجديدة وإعادة تقييمها ومدى تأثيرها على القطاعات الشعبية. وفي شق مقابل يبدو النقاش معقداً مع وقوف رئيس الحكومة في خط الدفاع عن المصارف بوجه الضرائب التي تضمّنتها الموازنة على أرباحها رغم محدوديتها، ما يفتح الباب مع ظهور دعوات لفصل سلسلة الرتب والرواتب عن الموازنة وربطها بالموازنة المقبلة، لتصاعد الحراك الاجتماعي والمطلبي في الشارع وتصدره واجهة الأحداث.
الموازنة: موارد جديدة والسلسلة إلى المجلس
بينما وصلت مفاوضات اللجنة الرباعية الى طريق مسدود بشأن قانون الانتخاب، وتسود حالة من الركود تمهيداً لجولة جديدة، كما عبّر أحد أركانها النائب علي فياض أمس، حيث طغت مناقشات الموازنة والانقسام حيالها على المشهد الداخلي مع عودة التحرّكات المطلبية في الشارع.
وواصل مجلس الوزراء مناقشة بنود الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وفي كل الملفات المدرجة ضمن الموازنة وقيد الإدراج في جلسة عقدها أمس، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي. وقال وزير المال علي حسن خليل عقب انتهاء الجلسة: «بدأنا مناقشة قوانين البرامج والمواد القانونية للسلسلة وقطعنا شوطاً مهماً وغداً اليوم سنعقد لقاءات تحضيرية قبل الجلسة». وأكد خليل، من بعبدا بعد لقائه الرئيس ميشال عون أن «لا نية لفرض ضرائب على الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود»، مشدداً على أن «رئيس الجمهورية مصرّ على إقرار الموازنة». وقال «هناك ضرائب تصيب أماكن جديدة، وتساهم في تصحيح الخلل الضرائبي الموجود، ولا تؤثر إطلاقاً على مصالح الناس وحياتها».
وأكد وزير الإعلام ملحم الرياشي بعد الجلسة التي استمرّت حتى الثامنة مساء، أن «النقاش إيجابي جداً وهناك إصرار من مجلس الوزراء على حماية مالية الدولة من إيرادات ونفقات، كذلك حماية حقوق المواطنين من دون أي استثناء». وأضاف: «وضع الدولة ليس سهلاً في هذا الظرف، خصوصاً بعد 12 سنة على عدم وجود موازنة، والأمر يحتاج الى طول بال وصبر، وكل الأمور ستُحلّ وأن المناقشات لن تنتهي في جلسة الغد، لأن النقاش طويل، ولكنه علمي وإيجابي جداً».
ولم تحسم بعد مسألة إدراج سلسلة الرتب والرواتب ضمن الموازنة أو عدمه، في حين استبعد وزراء إقرار الموازنة في جلسة اليوم، لكن مصادر وزارية أشارت لـ«البناء» إلى أن «الاتجاه في مجلس الوزراء هو إقرار السلسلة ضمن احتياط مشروع الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي ليتولّى تقسيمها وتحديد كيفية صرفها والمستفيدين منها».
وناقش المجلس بنود الإنفاق في مشروع الموازنة بنداً بنداً وموازنة كل وزارة ووصل الى موازنة وزارة الطاقة، بحسب ما علمت «البناء» وطرح في المقابل «كيفية تأمين الواردات لتغطية نفقات الموازنة، وبالتالي طُرحت موارد جديدة عدة، منها فرض ضرائب على الأملاك البحرية التي ترفد الخزينة بمليار دولار، إعادة مرسوم المينا الى الدولة وليس الى هيئة المينا والذي يؤمن 300 مليون دولار، إحلال المباني المستأجرة من قبل الدولة والبحث عن أرض للدولة وبناء عليها مبانٍ بدلاً من دفع كلفة إيجار ما يوفر على الدولة 208 ملايين دولار كبدل إيجارات، وحتى ذلك الوقت سيتمّ التفاوض مع أصحاب الأملاك لتخفيض بدل الإيجار».
ونفت المصادر الوزارية «فرض ضرائب جديدة تطال ذوي الدخل المحدود باستثناء الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة، لكنها لا تشمل المواد الأولية والأساسية، أما ضريبة الدخل فهي على الشركات وليس على الأفراد»، ولفتت الى أن «المجلس في جلسة اليوم سيتابع البحث في الإنفاق ومصادر جديدة للواردات. واستبعدت المصادر إقرار الموازنة اليوم، مرجحة إقرارها الاسبوع المقبل بعد جلسات متتالية».
وعلمت «البناء» أن «رئيس الحكومة ووزراء المستقبل اعترضوا على سلّة الضرائب الجديدة في مشروع الموازنة على قطاعَيْ العقارات والمصارف، وطالبوا بإجراء تعديلات عليها، لكن وزراء رئيس الجمهورية وحزب الله ووزير المال رفضوا ذلك»… واعتصام لهيئة التنسيق
وفي موازاة ذلك، نفّذت «هيئة التنسيق النقابية» اعتصاماً حاشداً في وسط بيروت، تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، وذلك للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
ودعت الهيئة إلى تمويل السلسلة «من مصادر لا ترهق كاهل المواطنين، وعبر استئصال الفساد من المطار والمرفأ والكهرباء والأملاك البحرية والنهرية والاتصالات والتلزيمات بالتراضي والمصارف والإصلاح الإداري قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة».
وحذّرت مجلس الوزراء «إذا لم يتعاطَ إيجاباً اليوم أو غداً مع هذه الصرخة، فحشود اليوم ستعقد جمعيات عمومية في أنحاء لبنان وسنلجأ إلى خطوات سلبية كبيرة. وأنتم أيها المسؤولون ستتحمّلون مسؤولية العام الدراسي والانتخابات النيابية آتية وسنحاسبكم».
وجمعية المصارف في السراي
وحطّت جمعية المصارف برئاسة جوزيف طربيه في السراي الحكومي، وبحثت مع الرئيس الحريري في التشريعات الضريبية. وأكد طربيه أن «لا يمكن أن نتكلّم عن جبايات ضريبية إضافية من دون إصلاحات، والدولة كلها لديها قناعة بأنها بحاجة إلى إصلاحات». وأكد أن «المصارف هي «أمّ الصبي» التي حمت الاقتصاد وحملت همومه، وهي التي موّلت الدولة ولا تزال».
مرونة جنبلاطية حيال المختلط
أما على صعيد مشاريع قوانين الانتخاب، فلا جديد سوى مرونة، أبداها رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط حيال صيغ المختلط. ولفت النائب أكرم شهيب في تصريح إلى «أننا قلنا لنزاوج بين الأكثري والنسبي وتسهيلاً لإجراء الانتخابات فقدمنا أفكاراً جيدة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري للوصول الى قانون انتخاب يرضي الجميع، في حال كان هناك رغبة جدية على التوافق على قانون انتخاب جديد»، مؤكداً أن «أفكارنا لا تلغي أحداً في البلاد ونحن منفتحون للنقاش». وأكد أن «ليس الهدف من اقتراحنا إرضاء المنطقة بل تأمين التوازن والعدالة».
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إنه «وبعد المناقشات واللقاءات التي حصلت في قانون الانتخاب، ظهر بوضوح أن تيار المستقبل يتهرّب من إجراء الانتخابات كما من إقرار قانون جديد عادل، وكل الإحصاءات التي أجراها أظهرت خسارته مقاعد عدة وفق معظم الصيغ الانتخابية، لذلك يعمد الى اجهاض الصيغ كافة التي طرحت من خلال اختلاق الحجج والعلل فيها».
وتحدّثت المصادر عن مرونة لدى جنبلاط حيال إحدى صيغ المختلط، بعد أن وافق التيار الوطني الحر على اعتماد الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحدة في أي صيغة، لكن هناك بعض المطالب الأخرى لجنبلاط يجري البحث فيها، لافتة الى أن «توزيع التمثيل بين الحزب الاشتراكي والحزب الديموقراطي وحزب التوحيد وغيرها من الأحزاب، لا يشكّل خطراً على الدروز بل يُعتبر ضمانة لهم ويحقق الاستقرار في الطائفة وكل طرف يأخذ حقه وحجمه الطبيعي».
وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن «رئيس التيّار جبران باسيل قدّم أكثر من صيغة انتخابية وتم رفضها من الطرف الآخر»، وتساءلت لماذا لا يُقدِّم الطرف المعارض لصيغنا اقتراحات جديدة للنقاش؟ ولفتت المصادر الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد إقرار قانون اليوم قبل الغد، ولن يستطيع الآخرون إحراجه بالفراغ النيابي، لأن عون وحزب الله قبلا الفراغ في الرئاسة الأولى حتى أتى رئيس يمثل اللبنانيين وكذلك سيأتي المجلس الجديد من وحي إرادة الشعب اللبناني».
وأضافت المصادر أنه «إذا لم يُصَر الى إقرار قانون جديد يحدث تغييراً نوعياً، يسمح بإعادة تكوين السلطة فلن يقبل عون بالعودة الى «الستين» بأي شكل من الأشكال، وعندها الاحتمالات كافة واردة من ضمنها توجيه رسالة الى المجلس النيابي لحثه على إقرار قانون جديد». وذكّرت المصادر «من يعرقل إقرار القانون بمئات الآلاف التي زحفت الى قصر الشعب بعد انتخاب الرئيس عون، وربما تنزل إلى الشارع للمطالبة بإقرار قانون انتخاب جديد، لأن عون جاء بمشروع إصلاحي لإعادة بناء الدولة للجميع واستعادة وحفظ حقوق كل المكوّنات وليس فقط المسيحيين».
«المستقبل»: غير مستعدّين للانتخابات
وفي حين يتمسّك تيّار المستقبل بقانون المختلط، استبعدت أوساط قيادية في التيار الأزرق التوصّل لقانون جديد للانتخابات في ظل التعقيدات التي واجهتها اللجنة الرباعية وكل اللقاءات التي تحصل. وقالت لـ«البناء»: «المستقبل منفتح على المختلط، لكن هناك قوى أخرى ترفضه، كما أن الرئيس بري لا يستطيع أن يتجاوز حليفه جنبلاط نظراً للعلاقة الوطيدة والتاريخية بينهما، كما أن حديث رئيس الجمهورية وكل القوى عن قانون يرضي كافة الاطراف يعني لا قانون في الأفق، فلا يوجد قانون يرضي الاطراف كافة».
وأوضحت الأوساط أن «المستقبل غير مستعدّ لخوض الحملة الانتخابية التي تحتاج تمويلاً، كما سائر الأحزاب والقوى، كما يحتاج التيار الى رصّ صفوفه وتقوية وضعه في المناطق بعد غياب الحريري الطويل عن شارعه وأنصاره»، وتُضيف: «أن المستقبل أجرى حساباته في الصيغ المطروحة كافة. في النسبية يخسر مقاعد في دوائر معينة ويربح في دوائر أخرى، لكن عدد النواب التي حصدناها في انتخابات عام 2009 كانت مضخّمة ولها ظروفها، وبالتأكيد لن تتكرر وفق أي قانون جديد». لكن الأوساط لفتت الى أن «المستقبل ليس قلقاً، وإن أجريت الانتخابات على النسبية أو قانون مختلط يكسب المستقبل كتلة نيابية مهمة ووازنة تضمن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة»، وأشارت الى أن «المستقبل لم يرفض قانون التأهيل والنسبية الذي قدّمه باسيل، لكن نريد معرفة التفاصيل، لأنه لا يراعي المعايير الموحّدة».
رعد من بعبدا: لا للستّين
وأكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «أن قانون «الستين» لم يعُد يليق باللبنانيين، وبلبنان في هذه الفترة، والمطلوب أن تتمثّل الشرائح اللبنانية كلها بمستوياتها كافة لتجد نفسها، ولتكوّن معارضتها من داخل المجلس، حتى تكون هذه المعارضة مجدية وفاعلة تستطيع أن تواكب الحكومة وتحاسبها».
وخلال زيارة وفد من الكتلة الى بعبدا، ثمّن رعد المواقف الوطنية والقومية لرئيس الجمهورية التي ادلى بها خلال الفترة الاخيرة، والتي عبّرت عن الإجماع الذي انعقد عليه الموقف اللبناني الوطني وكرّسه بيان الحكومة الذي نال الثقة من المجلس النيابي».