رحبت كافة الصحف ببيان التسوية السياسية الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، بعد اجتماع الحكومة يوم أمس. لكنها أكدت عزلة "حزب القوات" الذي يرأسه [العميل “الإسرائيلي” السابق] الدكتور سمير جعجع عن الإتصالات التي "طبخته" والجهود التي "ركبت" حروفه. فالـ"الجمهورية" أوضحت أن مصادر وزارية أكّدت لها أنّ "القوات" لم تكن على اطّلاع مسبَق على البيان. فيما قالت "الأخبار" إن البيان كان نتيجة المشاورات التي لم تتوقف بين بعبدا وعين التينة وحارة حريك وبيت الوسط وكليمنصو. وحدها معراب كانت آخر المطلعين على البيان الذي وصلها عشية الجلسة، وكانت تنوي دراسته في اليوم التالي، قبل أن تفاجأ بتحديد موعد للجلسة. مع ذلك، لم يبد وزراؤها أي اعتراض عليه. وخالفت النائبة ستريدا جعجع هذه المعلومات، فقالت ان "قواتها" "لم تكن بعيدة من طبخ التسوية الجديدة وان كان الامر لم يظهر بوضوح في الاعلام". ولكن "البناء" نبهت من أن "القوات" حاولت "الإيحاء بأنها كانت على علم وكانت شريكة بالتسوية المنجزة"، غير أن مصادر وزارية مختلفة أكدت لهذه الصحيفة بأن "نص بيان الحكومة ظلّ حتى موعد الجلسة محصوراً بين مَن عمل على صياغته"، وأن "وزراء القوات أُبلِغوا في وقت متأخّر من مساء الإثنين عبر تواصل تمّ بين وزيرَيْ الثقافة غطاس خوري والإعلام ملحم رياشي بأن الحكومة ستُقرّ قراراً حكومياً بالإجماع، لكن لم يتمّ وضعهم بصورة نص البيان، وبالتالي لم يشاركوا في صياغة البيان ولم يُعرض عليهم، كما حاول وزراء القوات التسريب قبيل الجلسة وبعدها". وقالت "البناء" إن هذه "القوات تحاول استلحاق نفسها في التسوية والحفاظ على وزرائها في الحكومة بعد أن ضاقت خياراتها، ووجدت أن السيناريو السعودي وصل الى طريق مسدود …".
الجمهورية
الحريري يَطوي إستقالته… ومُكوِّنات الحكومة تلتزم البيان – التسوية
عاد الرئيس سعد الحريري عن استقالته ولم يعد «حزب الله» بعد من ساحاته، أكان في سوريا أم العراق أم اليمن. والبيان الذي صدر أمس بعد جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية وتلاه الحريري شخصياً، جاء بمثابة غطاء لهذه العودة. وقالت مصادر سياسية لـ»الجمهورية»: «طبيعي أن يَحظى البيان بتأييد غالبية القوى السياسية ما دامت ممثّلة في الحكومة أصلاً، في حين أنّ الرأي العام اللبناني، وإن كان يتمسّك بالاستقرار ويفضّل عدم دخول البلاد في المجهول والمغامرات، فإنه لم يأخذ هذا البيان على محمل الجد، لأنه لم يأتِ بجديد على صعيد النأي بالنفس سواء لجهة تحديد ساحات التدخّل أو لجهة وَضعِ الآلية لهذا النأي، فجاء إنشائياً أدبياً موسّعاً بنيّةِ إنقاذِ ماءِ وجهِ الحريري تجاه قاعدته من جهة وتجاه دولِ الخليج من جهة ثانية، فيما لمسَ الصحافيون الموجودون في الكويت لتغطية أعمال القمّة الخليجية عدمَ ارتياحٍ خليجي إلى هذا البيان واعتباره «وعوداً بوعود».علمَت «الجمهورية» أنّ سجالات سياسية ولغوية واسعة حصَلت قبل صدور بيان مجلس الوزراء بعد جلسته الاستثنائية التي انعقدت أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكادت هذه السجالات أن تتسبّب بتأجيل الجلسة والبيان معاً، لو لم يكن لبنان الدولة امام استحقاق مؤتمر مجموعة الدعم الدولية الذي سينعقد بعد غدٍ الجمعة في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وسيمثّل الحريري لبنان فيه ويلتقي مسؤولي المجموعة الدولية الكبار وبينهم وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون. وعُلم انّ احداث اليمن سرّعَت في البيان لتخوّفِ المسؤولين من صدور مواقف اخرى تُلقي بتداعياتها على لبنان في الايام المقبلة.
وتوقّفَت مراجع سياسية عند تعبير «التزام المكوّنات السياسية في الحكومة بالنأي بالنفس»، وقالت: «كأنه يوجد في الحكومة غير مكوّنات سياسية، ما يعني انّ هذه العبارة استُخدِمت لاستثناء مقاومة «حزب الله»، وهو حزب سياسي من جهة، وعسكري من جهة اخرى».
وكان الحريري قد اعلنَ انّ مجلس الوزراء أكّد التزام البيان الوزاري قولاً وفعلاً، وأنّ الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وبميثاق جامعة الدول العربية واحترام القانون الدولي حفاظاً على الوطن. وقال: «سنواصل تأكيد الشراكة مع الاتحاد الاوروبي، وتؤكّد الحكومة التزام القرار 1701 والدعم لقوى الامم المتحدة العاملة في لبنان». وأعلن «التزام الحكومة اللبنانية بكلّ مكوّناتها السياسية النأيَ بنفسها عن أيّ نزاعات أو صراعات أو حروب أو عن الشؤون الداخلية للدول العربية». وأعلنَ عودته عن الاستقالة.
المعارضة
وقالت مصادر سياسية معارضة لـ«الجمهورية»: «إذا كان «حزب الله» وحلفاؤه قد استنَدوا إلى ما جاء في بيان استقالة الحريري من الرياض للقول إنّ مضمون الاستقالة سعوديّ وإنّ الرئيس الحريري «محتجَز» في المملكة، فإنّ بيان العودة عن الاستقالة يَسمح للمعارضة اللبنانية بالقول إنّ «حزب الله» هو مَن صاغ البيان وإنّ الحريري ومَن معه في صفقة التسوية عادوا إلى الإقامة السياسية الجبرية عند المحور الإيراني».
وأضافت: «إذا كان الحل لسيادة لبنان وللنأي بالنفس في «خطاب القسم» كما جاء في بيان مجلس الوزراء، فلماذا لم ينفّذ «خطاب القسم» على مدى أكثر من سنة؟ وإذا كان كما جاء في البيان الوزاري فلماذا لم ينفّذ هذا البيان على مدى أحد عشر شهراً؟ وإذا كانت الحكومة صادقةً في الالتزام بالقرارات الدولية فلماذا لم تجرؤ على ذِكر القرار 1559؟ وإذا كانت جدّية في تطبيق القرار 1701 فعليها أن تبسط سيادتها بقواتها الشرعية حصراً على كلّ الاراضي اللبنانية».
وإذ ذكّرَت المصادر، الحكومة ومكوّناتها «بأنّ اتفاق الطائف لا ينصّ فقط على انّ لبنان هو بلد عربي وإنّما ينصّ ايضاً على وجوب حلّ كلّ الميليشيات وتسليم اسلحتِها خلال 6 أشهر»، وتساءلت: «ماذا يعني ما جاء في البيان من انّ الحكومة قررت النأيَ بنفسها عن النزاعات والحروب في الدول العربية؟ وهل إنّ الحكومة هي من قرّرت ان تشارك في هذه الحروب لتعودَ وتنأى بنفسها؟
أمّا إذا كان المقصود قراراً اتّخذته الحكومة بمنعِ «حزب الله» وأيّ فريق آخر بالتدخّل في النزاعات والحروب العربية فعلى الحكومة ان ترفقَ قرارَها بآلية تنفيذية تكلّف من خلالها الجيشَ والقوى الامنية والعسكرية الشرعية الاخرى بتنفيذ هذا القرار من خلال منعِ انتقال مقاتلي «حزب الله» في الاتجاهين عبر الحدود البرّية والبحرية والجوّية».
وخَتمت المصادر: «الصدمة الايجابية التي قال الحريري إنه سعى لإحداثها من خلال استقالته انتهت صدمةً سلبية عند الرأي العام اللبناني الذي اكتشف أنّ القيّمين على السلطة ليسوا أصحابَ قرارهم وبالتالي فإنّهم تخلّوا عن القرار السيادي لجهات غير شرعية في الداخل تعمل وفقاً لأجندات خارجية واضحة».
الجميّل
وقال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل: «إنّ الحكومة التزمت النأي بالنفس وكأنّ من يتدخّل في شؤون دول أخرى هي الحكومة والجيش وفي كلّ ذلك ذرٌّ للرماد في عيون اللبنانيين». وأضاف: «حرامٌ تفويت الفرصة على اللبنانيين للوصول الى حلّ جذري، خصوصاً انّنا عدنا الى ما كنّا عليه وعاد كلّ الأداء الذي رأيناه السَنة الماضية».
حرب
ورحّب النائب بطرس حرب بعودة الحريري عن استقالته، وقال لـ«الجمهورية»: «أتمنّى أن لا يكون بيان التزام النأي بالنفس تعبيراً لفظياً أو إرضاءً لفظياً بلا مضمون، وأن لا نقعَ في الإشكال نفسِه الذي وَقعنا فيه المرّةَ السابقة. تمنّياتي أن أكون مخطئاً، إلّا أنّ تاريخ الممارسة لا يبشّر بالخير».
سعَيد
بدوره النائب السابق فارس سعيد قال لـ«الجمهورية»: «البيان الحكومي لم يتطرّق الى اسباب الاستقالة، بل تطرّقَ فقط الى ابتكار مخرج لفظي لأزمة حكومية من دون تقديم مخرج للأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان والمتمثّلة بوضعِ ايران يدَها على قراره عبر «حزب الله»، وبالتالي فإنّ البيان هو أقلّ مِن «إعلان بعبدا» ويتناقض مع الدستور وقرارات الشرعية الدولية حتى ولو حملَ في طيّاته هذه النقاط».
وأضاف: «مَن يتدخل في شؤون المنطقة هو «حزب الله» الذي يَستخدم لبنان منطلقاً للتدخّل في شؤون الآخرين، ومعالجةُ تدخّلِه في اليمن مسؤولية لبنانية طبعاً، لكن هل كان ليتدخّلَ في اليمن أو في سوريا والعراق لو لم يكن موجوداً في لبنان أوّلاً؟ فوجوده بسلاحه غيرِ الشرعي وهيبتِه على حساب الدولة اللبنانية هو الذي يعطيه البيئة الحاضنة للتدخّلِ في اليمن والعراق وسوريا.
والمعالجة يجب ان تكون لسلاحه عبر العودة الى طاولة الحوار ووضعِ جدولٍ لتسليم هذا السلاح الى الجيش اللبناني تنفيذاً لوثيقة الوفاق الوطني وللدستور ولقرارات الشرعية الدولية حرفياً».
ترحيب وزاري
وكان الوزراء قد أجمعوا على الإشادة بالطريقة التي أدارَ فيها عون الأزمة، وبتضامنِ اللبنانيين، وحيّوا «مناقبية رئيس الحكومة والموقفَ النبيل الذي اتّخَذه». وحيّا الوزير علي قانصو مواقفَ عون وجهودَه ومواقفَ رئيس مجلس النواب نبيه بري، واعتبَر انّ بقاء الحريري «يشكّل اساساً للاستقرار السياسي».
أمّا الوزير مروان حمادة فقدّم ملاحظاته الشخصية ووزّعها على الصحافيين.
وركّز الوزير علي حسن خليل على «التضامن وضرورةِ استكمال المشوار مع الرؤساء الثلاثة، ومتابعة عملِ الحكومة بالفعل لئلّا تكون فترة ما قبل الانتخابات فترةَ تصريف اعمال». وقال: «على الحكومة ان تكون فاعلة وتمارس اعمالَها، وإنّ الموقف الوطني الذي ظهرَ لم يكن عابراً بل هو موقف متضامن سينعكس أداءً جيّداً وفاعلاً وباسمِ الكتلة أعلنُ الالتزام بالنص».
وهنّأ الوزير طلال أرسلان بالوصول الى «النهاية السعيدة»، وثمّنَ دورَ عون وبري، وقال: «الآن علينا العمل لحماية الاستقرار كما جاء في كلمة الرئيس الحريري، وأعلنُ التزام حزبي بالورقة».
وشكرَ الوزير يوسف فنيانوس عون على مواقفه، واعتبَر أنّ عودة الحريري عن استقالته «دليل عافية للوطن»، وتمنّى ان تكون الحكومة منتِجة في الفترة المقبلة.
وأيَّد الوزير ميشال فرعون البيان «بلا تحفّظ»، خصوصاً لجهة التشديد على «خطاب القسم» وابتعاد لبنان عن نزاعات المنطقة والتشديد على فقرة «النأي بالنفس» مع اعتماد إضافةِ الحريري حول «ضرورة الالتزام بالفعل وليس فقط بالقول». وتمنّى «إعادةَ تفعيل العمل الحكومي والعملَ على تحصين العلاقات العربية». وطالبَ باستئناف الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية «لأنّ الاتفاق عليها كفيل بتحصين الوفاق الوطني».
وقال وزير «حزب الله» محمد فنيش: «نشعر بالافتخار بوجود رئيس مِثل الرئيس عون يُدافع عن سيادة البلد وكرامته ومؤسساته مع وجود رئيس حكومة، وعلى رغم الضغوط، يصِرّ على اعتماد سياسة هدفُها خدمة مصلحة لبنان.
وأكّد «أنّ الحكومة أنجَزت خلال فترة ما عجزَت عن إنجازه حكومات طوال 15 عاماً، والمهم البحث عمّا يَجمعنا ويَخدم مصلحة البلد». وأكّد «الحِرص على استمرار هذه الروحية والاستقرار الأمني والسياسي وأن تقوم الحكومة بواجبها لتحقيق الإنجازات المطلوبة»، وأكّد التزامه البيانَ الحكومي.
فنَيش لـ«الجمهورية»
وقال فنيش لـ«الجمهورية»: «عشنا منذ عام ٢٠٠٥ التناحرَ والانقسام والمكايدة، فلم يَنُبْنا سوى تعطيل المؤسسات وتدهورِ الأوضاع على كلّ الصُعد، وفِي هذه المرحلة الزمنية اعتَمدنا الشراكة والحوار فنجَحنا في المحافظة على استقرار لبنان، كلّ واحد منّا لديه مواقفه وسياسته لكنّنا استَطعنا تنظيمَ خلافاتنا، والنهج المتبع بالتوافق والتعاون والتشاور هو النهج السليم، ومِن هنا أبلغتُ مجلس الوزراء انّنا مستمرّون بهذه الروحية وحريصون على الاستقرار ومصلحةِ البلد».
واعتبَر الوزير جبران باسيل «أنّ المواقف التي صَدرت عن مجلس الوزراء تشكّل ضماناً كبيراً وصمامَ أمانٍ للسنوات المقبلة». واقترَح إضافة عبارة «شكر الرئيس الحريري على موقفه وعودته عن الاستقالة». ولوحِظ وقوف وزير الإعلام ملحم الرياشي إلى جانب الحريري لدى تلاوتِه البيان، فيما دخل الوزير غطاس خوري إلى قاعة الصحافة للاستماع الى بيان رئيس الحكومة.
«القوات» لـ«الجمهورية»
وفيما أكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ «القوات اللبنانية» لم تكن على اطّلاع مسبَق على البيان، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «مسوّدةُ البيان ارسِلت الى رئيس الحزب سمير جعجع مساء امس الاوّل فاطّلعَ عليها وطلبَ من وزراء «القوات» تأييدَ مضمونه المرتكز الى مجموعة عناصر ومسَلّمات تتّصل بالقرارات الدولية والشرعية العربية و«اتّفاق الطائف» والدستور اللبناني و»خطاب القسم» وهي مجموعة نصوص مرجعية تشكّل في حدّ ذاتها ضمانَ التنفيذ».
وأضافت: «الأسباب الموجبة للاستقالة انتفَت مع مضمون هذا النص المرجعي الذي يؤكّد الالتزام بسياسة النأي بالنفس، ونؤيّده، وبذلك تكون الاستقالة قد حقّقت هدفَها، وتأكّد أنّنا كنّا على حق في ما ذهبنا إليه من اللحظة الأولى، إذ ذهبنا إلى جوهر الاستقالة وأسبابِها لأنّ الحملة علينا كانت للعودة إلى خط 4 تشرين الثاني، فيما نجحنا عبر تركيزنا على جوهر الاستقالة في نقلِ لبنان من هذا الخط الى مرحلة جديدة، وبالتالي فإنّ الاستقالة أخرَجت لبنان من هذا الخط، وما ركّزنا عليه تَحقّق اليوم من خلال تعديلٍ مهم لجهة النأي بالنفس. فما تحقّقَ كان انتصاراً للبنانيين لأنّ توريطَ لبنان في نزاعات المنطقة ينعكس سلباً عليه».
ولاحظَت المصادر «أنّ النص اليوم يختلف عن النصوص السابقة، فهناك تعهّدات وضمانات خارجية لم تكن متوافرة في مرحلة سابقة، و»حزب الله» اصبَح على دراية في انّ ايّ تجاوزٍ مستقبلاً سيؤدّي الى استقالة وإلى المسار نفسِه، لذلك سيَحسب ألف حساب لأيّ خطوة أو موقف، وسنشهد تبدّلاً في مواقفه وسلوكه. وما حصَل يصبّ في خانة تعزيز التسوية».
«حزب الله»
في غضون ذلك أطلقَ نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم مواقفَ لافتةً في مؤتمر الوحدة الإسلامية الذي انعقد في طهران أمس، فقال:
«لا بدَّ من أن يكون نموذج «حزب الله» كحركة وجماعة حاضرًا وجاهزًا لأنه استطاع خلال حقبةٍ زمنية قصيرة أن يقدّم نموذجَ المقاومة التي هزَمت أعتى قوّة في المنطقة إسرائيل»، وقال: «لن نتفرّج في محور المقاومة على أميركا وإسرائيل يقودان محور الشر للسيطرة على منطقتنا، لتفتيتِها وإنهاء القضية الفلسطينية، هم يجتمعون على باطلِهم ثمّ يقولون لنا تفرّقوا، لماذا يتعاون «حزب الله» مع إيران؟ ولماذا تتعاون سوريا مع العراق؟ ولماذا يتعاون اليمن مع شعوب المنطقة؟ أمّا هم فمِن حقّهم أن تتعاون أميركا وإسرائيل ودول الخليج وآخرون من أجل أن يَقتلوا الأطفال والشيوخ والنساء، نحن نتعاون من أجل استقلالنا ومن أجل مستقبلنا، ولذا نحن أحقُّ في أن نجتمع على حقّنا، خيارُنا أن نكون في محور المقاومة، فبلدُنا يحتاج إلى دعمِ هذا المحور، وبهذا الدعم حقّقنا تحرير لبنان من الاحتلال، وتحريرُ سوريا والعراق من الإرهاب التكفيري كان بدعم وحضور القيادة في إيران».
وأضاف: «نحن اليوم في مرحلة صياغة مستقبل المنطقة، وليسوا هم الذين يصوغونها، نحن الذين نصوغها، ونجاحاتُ هذا المحور على ائتلاف الشر الدولي مؤشرٌ على قدرتنا لحماية خياراتنا».
الأخبار
الحكومة بعد الانعاش: أولوية الاستقرار الاقتصادي والانتخابات
بيان ترميم التسوية ينهي الأزمة والحريري لم يعد «متريّثاً»
ربح الرئيس سعد الحريري، ولم يخسر أي من خصومه. نجح الجميع في ترميم التسوية السياسية من خلال بيان أعاد تأكيد الالتزام بمبدأ النأي بالنفس، من دون أن يضيف شيئاً إلى البيان الوزاري لحكومة الحريري. عاد الأخير رئيساً للحكومة عشية اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي تستضيفه باريس، والذي يشكّل رسالة قوية تؤكد على وجود مظلّة دولية تحمي استقرار البلد السياسي والاقتصادي
لم يعُد سعد الحريري رئيساً مُستقيلاً، ولا رئيساً مُتريثاً عن تقديم استقالته. عاد أمس رسمياً رئيساً للحكومة في جلسة استثنائية عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون. بعد شهر من إجباره من قبل المملكة العربية السعودية على هزّ استقرار البلد، نجح الحريري، بدعم من الرئيسين عون ونبيه برّي، في حياكة حلّ لبناني رمّم التسوية، وأعاد إحياء حكومة الوحدة الوطنية من خلال إعادة مبدأ النأي بالنفس إلى الضوء بشكل يمنع الضرر بعلاقات لبنان بدول المنطقة.
في الشكل، شكّل بيان الجلسة مخرجاً لائقاً يحفظ حق الجميع ويرضي الكل. لكنه، عملياً، لم يختلف عن مضمون البيان الوزاري، ولا عن خطاب قسّم رئيس الجمهورية.
ورغم أن عودة الحريري عن استقالته كانت محتومة تحت عنوان النأي بالنفس وفق صيغة ترضي حزب الله، فإن السؤال عن صيغة البيان الذي أعلنته الحكومة لم ينفك يطرح خلال الأيام الماضية، ليظهر أمس أنه لم يقدم جديداً، لكنه كان حاجة لإعادة تصويب هذه التسوية التي خرج منها الجميع رابحاً. فقد شكّل البيان ورقة قوية للحريري يمكن إشهارها أمام الدول العربية للاستمرار في موقعه، من دون أن يترك لها فرصة تسجيل مأخذ عليه. وكان هذا المخرج أفضل الممكن لجميع الأطراف، بشكل يتيح إعادة إطلاق العمل الحكومي في المرحلة الراهنة، والتحضير للانتخابات النيابية في وقت لاحق، وفقاً لما أفرزته محنة الحريري وتأثيرها على علاقته بالحلفاء وبعض الشخصيات في التيار. البيان، في سياقه السياسي، لم يخرج عن الإطار المعمول به منذ ما قبل 4 تشرين الثاني، حيث لا غالب ولا مغلوب، لكنه أعطى لرئيس الحكومة قراراً صادراً عن مجلس الوزراء يؤكّد الالتزام بالنأي بالنفس، وهو الأمر الذي أيده حزب الله.
وكان الحريري قد دعا إلى الجلسة في وقت متأخر مساء أول من أمس، ولم يكُن الوزراء قد اطلعوا بعد على البيان. مع ذلك، لم يتخلل الجلسة نقاش جدي، وخصوصاً أنه كان قد أشبع نقاشاً بين القوى السياسية، متفقاً عليه نتيجة المشاورات التي لم تتوقف بين بعبدا وعين التينة وحارة حريك وبيت الوسط وكليمنصو. وحدها معراب كانت آخر المطلعين على البيان الذي وصلها عشية الجلسة، وكانت تنوي دراسته في اليوم التالي، قبل أن تفاجأ بتحديد موعد للجلسة. مع ذلك، لم يبد وزراؤها أي اعتراض. وبرّرت مصادرها الأمر بأن «البيان كافٍ بالنسبة إليها لأنه عالج أسباب استقالة الحريري، وأعاد التأكيد على مبدأ النأي بالنفس».
وشدد البيان الذي تلاه الحريري على «ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية»، والتمسك باحترام ميثاق الجامعة العربية مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا. وأكد أن «الحكومة ستواصل تعزيز العلاقات والتأكيد على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية وتؤكد احترامها المواثيق والقرارات الدولية والتزامها قرار مجلس الأمن الدولي 1701 واستمرار دعم قوات اليونيفيل»، معلناً «التزام الحكومة اللبنانية النأي بنفسها عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب وعن الشؤون الداخلية للدول العربية حفاظاً على علاقات لبنان السياسية مع أشقائها العرب».
وبحسب مصادر وزارية، أعاد الرئيس عون التأكيد على أن «الأولوية كانت عودة الرئيس الحريري إلى البلاد، وأن موقف لبنان من الأزمة كان بالدرجة الأولى رفضاً لأي مس بسيادة هذا البلد وكرامته». وعرض في مداخلة وزع نصها مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية «المراحل التي تلت إعلان الحريري الاستقالة من الخارج والتحرك الذي قام به لمعالجة هذا الموقف من خلال الاتصالات التي أجراها داخل لبنان مع القيادات السياسية والروحية والمالية، وعدد من قادة دول العالم»، لافتاً إلى «أن التركيز كان على عودة رئيس الحكومة إلى لبنان والبحث معه في الظروف التي رافقت إعلان الاستقالة». واستعاد «ردود الفعل الدولية المؤيدة لمواقف لبنان، ولا سيما من الدول التي أظهرت تعاطفاً مع المستجدات وتأييداً لضرورة عودة رئيس الحكومة إلى بلده». فيما شدد الحريري على «ضرورة أن يتحمّل الجميع المسؤولية، لعدم الانزلاق إلى مشاريع تهدف إلى جرّ البلد إلى الفوضى». وقال: «من جهتي، لن أضحي باستقرار البلد مهما كانت الظروف. سلامة لبنان وحمايته من الحرائق الأمنية والمذهبية فوق كل اعتبار».
وأضافت المصادر أن الحكومة تعوّل كثيراً على اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي تستضيفه باريس يومي الجمعة والسبت وسيحضره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الحريري، لأنه «سيشكل مناسبة إضافية للتأكيد على استقرار البلد الاقتصادي والسياسي والأمني»، وخصوصاً «أننا بعد الانتهاء من الأزمة، وفي ظل تأكد الرئيس الفرنسي من وجود خطوط حمر تمنع المملكة العربية السعودية من هز الاستقرار السياسي والأمني، سيسعى ماكرون إلى خلق مظلة اقتصادية للبلد، بتفويض غربي وأميركي تحديداً، بعد تصريح وزير خارجية المملكة عادل الجبير ضد المصارف اللبنانية». وهدف هذه المظلة «تحصين الوضع الاقتصادي بشكل يعزّز موقع الحريري في مواجهة خصومه وخصوم الغرب في البلد، ولا سيما حزب الله». وفيما تعوّل بعض الجهات على أن هذا الاجتماع «سيكون مقدمة لحصول لبنان على مساعدات طائلة وقروض كبيرة، وصل بعض المتفائلين إلى تقديرها بما يقارب الـ 15 مليار دولار»، إلا أن هذا الأمر «يبدو مستحيلاً ربطاً بالظروف الاقتصادية للدول المانحة. غير أن أهمية الاجتماع في أنه رسالة واضحة تؤكّد وجود مظلّة دولية تحمي لبنان».
اللواء
الحريري يطوي صفحة الإستقالة .. ويعود إلى السراي اليوم
إجماع على الإلتزام بوثيقة النأي بالنفس.. ومؤتمر باريس يفتح الطريق أمام المساعدات الدولية
استأنف مجلس الوزراء دورة العمل، في جلسة عقدت، استثنائياً في بعبدا، منهياً انقطاعاً عن عقد جلسات واتخاذ القرارات، دام شهرا ونيفا، كانت أبرز محطاته إعلان الرئيس سعد الحريري التريث في المضي في استقالته، يوم عيد الاستقلال في 22 ت2 الماضي.
وهكذا في الجلسة التي وصفت بأنها «جلسة تاريخية»، ومحطة من المحطات ذات الأهمية الاستثنائية في تاريخ لبنان الحديث، عاد الرئيس الحريري عن استقالته، وسط ترحيب مكونات الحكومة وارتياح اقتصادي وسياسي عشية الأعياد المجيدة، الواعدة باقبال لبناني وأمني على تمضية الأعياد في لبنان، ايذاناً بأن «التسوية» المؤسسة للاستقرار اللبناني ماضية إلى الامام.
وإذا كان الرئيس الحريري اعرب خلال الجلسة عن أمله في ان تشكّل «فرصة جديدة للتضامن لحماية البلد» انطلاقاً من قرار نعلن فيه النأي بالنفس قولاً وفعلاً.. وأن مصلحتنا هي ان نحمي علاقتنا التاريخية مع السعودية وكل الخليج، ولا نعطي أي ذريعة للمصطادين بالماء العكر لجر لبنان إلى الفوضى».
وقال مصدر وزاري لـ «اللواء» ان طي صفحة الاستقالة وكان بإجماع مكونات الحكومة على أهمية التبصر بما يحيط بلبنان من منطقة ملأى بالغليان، وإن أساء أحد التقدير، فإن خطوة غير محسوبة كهذه يمكن ان تأخذ البلد إلى الهاوية.
مجلس الوزراء
وفي المعلومات، ان الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء، التي انعقدت أمس، في بعبدا، على مدى ساعة كاملة، لم تخالف التوقعات بالنسبة للبيان المتفق عليه لمعالجة أزمة استقالة الرئيس الحريري، والذي كرس ببضع عبارات مأخوذة من البيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة»، وخطاب القسم ووثيقة الوفاق الوطني، واضيف إليه قرار صدر بإجماع مكونات الحكومة السياسية، أكّد التزام الحكومة «بالنأي بالنفس عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب أو عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، حفاظاً على علاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب».
وذكرت مصادر وزارية ان أجواء الجلسة كانت هادئة وسلسلة وإيجابية، لم يخرج فيه الوزراء عن نص ما هو مكتوب، وعن ما سبق البيان، من مداخلتين مسهبتين لكل من الرئيس عون والرئيس الحريري، قبل ان يفسح في المجال امام الوزراء للادلاء بوجهات نظرهم والنقاش، والذي انتهى بإجماع مكونات الحكومة على الموافقة على البيان من دون اعتراض أحد أو ملاحظة من أي طرف، باستثناء ثلاث ملاحظات اوردها الوزير مروان حمادة في مداخلة مكتوبة عن رأيه الشخصي في البيان من دون أي تحفظ منعا لإنهاء التسوية، ناقلا موقف كتلة «اللقاء الديموقراطي» المؤيد للبيان، فيما لوحظ ان الرئيس عون كان يدون ملاحظات بعض الوزراء الذين تعاقبوا على الكلام، علما ان هذه الملاحظات لم تخرج عن السياق الإيجابي.
ولاحظت المصادر ان البيان عالج مبدأ النأي بالنفس بالتوضيح، وبعبارات محددة، عن النزاعات أو الصراعات أو عن الحروب، أو عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، لكنه لم يتطرق إلى السلاح، ولا إلى «حزب الله» بالاسم، ولا إلى طلب اتخاذ إجراءات رادعة لمسألة انسحابه من بعض الدول العربية، كما لم يرد فيه أي فقرة بالنسبة لوقف الحملات الإعلامية، الا في المداخلة المكتوبة للرئيس الحريري، والذي لفت فيها إلى ان «التهجم على دول الخليج في الإعلام وفي السياسة يُهدّد مصالح لبنان وخصوصا مصالح اللبنانيين الذين يعملون في الخليج، وصار واجباً علينا ان نضع يدنا على الموضوع وأن نتخذ قراراً نعلن فيه النأي بالنفس قولاً وفعلاً، ويجب ان نقتنع ان التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج له انعكاسات خطيرة على اوضاعنا وعلى مصالحنا، وإذا كنا نرفض أي دولة ان تتدخل في شؤون لبنان، فلا يجوز ان نقبل ان أي طرف لبناني يتدخل في شؤون الدول العربية وخصوصا دول الخليج العربي.
ولفت الحريري انتباه الوزراء إلى ان المنطقة تغلي ويجب الا يكون لدينا أي وهم بأن أي دعسة ناقصة يمكن ان تجر البلد إلى مهوار خطير، مشيرا إلى ان ما قمنا به حتى اليوم كان قمّة المسؤولية وأهم ما فيه اننا رفضنا الانجرار خلف شعارات ودعوات لا وظيفة لها إلا استدراج الفوضى»، متمنياً على الجميع ان يأخذوا هذه المسائل بأعلى درجات المسؤولية، وأن نفتح صفحة جديدة للبلد تحمي استقراره وتحمي العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب.
وإذ لاحظ ان التطورات في المنطقة توحي بوجود موجة جديدة من الصراع الذي صار في نهاية الشوط، لفت إلى اننا امام تطوّر غير مسبوق في المنطقة وهو عزم الإدارة الأميركية على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وقال ان هذا التطور ستكون له انعكاسات، وفي حال حصوله، سيكون للحكومة موقف واضح في إطار الموقف العربي الجامع الذي يُؤكّد على حق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة عاصمتها القدس.
وكان الرئيس الحريري أذاع بنفسه البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء، بعد انتهائه، وبدأه بالاشارة إلى ان الجلسة الاستثنائية انعقدت بدعوة من رئيس الجمهورية استناداً إلى الفقرة 12 من المادة من الدستور، مع ان المتعارف عليه هو أن رئيس مجلس الوزراء هو من يوجه الدعوات بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. وجاء ذلك، رداً على ما تردّد في بعض الأوساط من انه لم يكن جائزاً للرئيس الحريري توجيه الدعوة ليل أمس الأول، طالما انه سبق واعلن استقالته ثم استجاب لرغبة الرئيس عون بالتريث.
ثم اختتم الحريري البيان بشكر مجلس الوزراء رئيسه على موقفه، وعلى عودته عن الاستقالة، وهذه الفقرة أضيفت على البيان باقتراح من الوزير جبران باسيل، الذي اعتبر ان مواقف مجلس الوزراء تشكّل ضمانة أمان للسنوات المقبلة، ثم غرّد ليلاً على حسابه عبر «تويتر» قائلاً: «بوحدتنا حول سيادة لبنان وكرامة اللبنانيين نجحنا في تحويل الأزمة إلى فرصة وخرجنا منها أقوى»، مضيفاً «قد نكون حصلنا على استقرار مستدام إذا ما أحسنا».
وسبق مداخلة الحريري، مداخلة مسهبة للرئيس عون استهل بها الجلسة، لم يوزع المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية تفاصيلها، مكتفياً
بأنه عرض بالتفصيل للمراحل التي تلت إعلان الرئيس الحريري استقالته من الخارج، والتحرك الذي قام به لمعالجة هذا الموقف من خلال الاتصالات التي أجراها داخل لبنان مع القيادات السياسية والروحية والمالية ومع عدد من قادة دول العالم، لافتاً إلى ان التركيز كان على عودة رئيس الحكومة إلى لبنان والبحث معه في الظروف التي رافقت إعلان الاستقالة.
وشدّد عون على ان موقفه في هذه الازمة انطلق من عدم قبوله بأن تمس أي سلطة في العالم كرامتنا، فلا وطن صغيراً أو كبيراً، بل الكل يجب ان يكون متساوياً في العزة والكرامة، كما ان الموقف كان موقف مواجهة ووحدة اللبنانيين تبقى الأساس لحماية الاستقرار في البلاد.
مداخلات الوزراء
وبعد مداخلة الرئيسين عون والحريري، تحدث 9 وزراء، ابرزهم الوزراء محمّد فنيش (عن حزب الله)، وعلي حسن خليل (أمل)، مروان حمادة (الحزب الاشتراكي)، علي قانصو (القومي)، طلال أرسلان وميشال فرعون ويوسف فنيانوس (المردة) وملحم رياشي (القوات)، الذي كان أوّل المتحدثين معلناً تأييده لما ورد في نص البيان وكلام الرئيسين عون والحريري، متمنياً ان تستأنف الحكومة اجتماعاتها وتعود للعمل، فيما اجمع الوزراء على الإشادة بالطريقة التي أدار فيها الرئيس عون الأزمة، وبالتضامن بين اللبنانيين وحيوا الرئيس الحريري والموقف النبيل الذي اتخذه.
اما الوزيرحمادة فقد عبر عن موقف شخصي لا عن موقف كتلة النائب وليد جنبلاط، واثار موضوع وجوب حصر السلاح بالدولة اللبنانية وتسليم سلاح «حزب الله» الى الجيش اللبناني والبحث عن حل له بين بعضنا كلبنانيين، ودعا «الى الخروج من الصراعات في المنطقة تسليحاً وتدريباً وتحريضاً اعلامياً ايضا».
وقال حمادة: البيان الوزاري للحكومة تحدث عن ان النمو الاقتصادي كان اقل من 2 في المائة، وان الفقر كان بنسبة 30 في المائة ونسبة البطالة 35 في المائة، والان هذه النسب اصبحت اكثر، والسبب ليس تقصيرا من الحكومة ولا احمل رئيس الجمهورية المسؤولية، انما العبث بالعلاقات مع الدول العربية هو السبب، ولولا ان هناك ازمة فعلية ولولا اهدار التسوية الاولى لماكنا هنا نبحث عن الحل.
وألمح حمادة بشكل غير مباشرالى الاشكال المثار بين وزيرالعدل سليم جريصاتي وبين النائب سامي الجميل والى استدعاء الاعلامي مارسيل غانم للتحقيق، وقال:يجب عدم استباحة الحريات لا العامة ولا الخاصة، خاصة لمن هم خارج القانون ام المتلبسين به.
واستوقف انتباه المراقبين تعقيب وزير «حزب الله» محمّد فنيش، الذي قال خلال الجلسة: «نشعر بالافتخار لوجود رئيس مثل الرئيس عون يدافع عن سيادة البلد وكرامته ومؤسساته، ومع وجود رئيس حكومة، وعلى الرغم من الضغوطات، يصر على اعتماد سياسة هدفها خدمة مصلحة لبنان.
وأكّد فنيش ان الحكومة انجزت خلال فترة ما عجزت عن إنجازه حكومات طوال 15 سنة، والمهم البحث عمّا يجمعنا ويخدم مصلحة البلد. مضيفاً: نحن حريصون على استمرار هذه الروحية والاستقرار الأمني والسياسي وأن تقوم الحكومة بواجبها لتحقيق الإنجازات المطلوبة، وأكّد التزامه بالبيان.
ولاحقاً، أعلن فنيش لوكالة الأنباء «المركزية» ان «البيان الحكومي يعبر عن موقف مجلس الوزراء مجتمعا ونحن موافقون على كامل بنوده، وهولا يشكل بيانا جديدا بل موقف سياسي من مجلس الوزراء نتج من إعلان الاستقالة وتأكيد على البيان الوزاري الحالي، الذي يشكل خطاب القسم جزءا منه».
واضاف: البيان يرتب التزامات على كامل أعضاء الحكومة»، مشيرا الى أنه لم يكن من اعتراضات داخل مجلس الوزراء من قبل أي من الاطراف». وأكد أن «لا أزمة بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، حتى قبل إعلان الاستقالة»، مشيرا الى أن «طرفا آخر افتعل الازمة والكل يعرف من هو»، مضيفا «كان هناك سعي لتخريب هذه العلاقة، لكن في النهاية جرى احتواء الازمة بما يخدم مصلحة البلاد».
اما «القوات اللبنانية» فأكدت عضو كتلتها النيابية النائب ستريدا جعجع لـ«المركزية» «ان «القوات» لم تكن بعيدة من «طبخ» التسوية الجديدة وان كان الامر لم يظهر بوضوح في الاعلام»، واعتبرت «ان التسوية بصيغتها التي اقرّها مجلس الوزراء انتصار لكل اللبنانيين، لانها تعزّز الاستقرار الداخلي وتُعيد الحكومة الى دائرة العمل بعد غياب استمر شهراً، وهذا ما كنا نطالب به كـ«قوات لبنانية».
وقالت «ما حصل في مجلس الوزراء ضمانة لكل اللبنانيين ولتعزيز الاستقرار، لأن التسوية الجديدة خطوة ايجابية جداً ومهمة لطالما كنا ننادي بها كحزب سياسي، ونحن مستمرون في الحكومة، لان ما اُقرّ انتصار لنا كـ«قوات»، وحيّت الرئيس الحريري، لأنه لولا «الصدمة الايجابية» التي احدثها بالاستقالة من الحكومة لما تحققت التسوية الجديدة».
«المستقبل»
وفيما لوحظ ان ايا من وزراء كتلة «التيار الوطني الحر» لم يتحدث في الجلسة، باستثناء باسيل، وكذلك وزراء «المستقبل»، ترأس الرئيس الحريري عصراً اجتماعاً لكتلة «المستقبل» النيابية في «بيت الوسط»، حضره الرئيس فؤاد السنيورة والأعضاء، أصدرت الكتلة في نهايته بياناً رحّبت فيه بقرار مجلس الوزراء القاضي بالتزام الحكومة بإجماع كل مكوناتها السياسية النأي بنفسها عن أي نزاعات أو صراعات أو حروب أو عن أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وحيت الجهود التي قام بها الحريري للوصول إلى هذا القرار وإلى تطبيق النأي بالنفس قولاً وفعلاً، كما تبلغت بارتياح قرار الرئيس الحريري العودة عن الاستقالة بناء لهذه النتيجة، وتمنت عودة سريعة لانتظام عمل الحكومة ومجلس الوزراء لمواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان.
ولاحظ نواب شاركوا في اجتماع الكتلة لـ«اللواء» ارتياح الرئيس الحريري لاجواء جلسة الحكومة، والتزام كافة القوى السياسية بما اتفاق عليه، ولا سيما على صعيد النأي بالنفس، وانه شدّد على وجوب عدم افتعال خلافات مع أحد في هذه المرحلة.
وأشار هؤلاء إلى ان الرئيس الحريري بدا أكثر حزماً سواء في ادارته لعمل الحكومة، أو بالنسبة لأداء نواب الكتلة، وان الحريري قبل 4 تشرين الثاني ليس الحريري بعد هذا التاريخ.
وقالت مصادر السراي ان الحريري سيزاول ابنداء من اليوم عمله في السراي الحكومي حيث سيرعى مؤتمراً تنموياً، وانه يتحضر للسفر غداً الخميس لترؤس الوفد اللبناني إلى مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان رئيس الحكومة اللبنانية «سيلتقي الجمعة في باريس كبار مسؤولي المجموعة الدولية بينهم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذين يريدون دعم العملية السياسية في لبنان بعد الأزمة التي اثارتها استقالته المفاجئة قبل نحو شهر والتي عاد عنها اليوم».
وافادت الخارجية ان «الهدف هو دعم العملية السياسية في فترة حساس، وسيشكل ذلك رسالة للاطراف اللبنانيين ولدول المنطقة في الوقت نفسه».
وقالت المصادر ان الرسالة هي العمل من مدخل تقوية المؤسسات اللبنانية.
وتابعت أن «سعد الحريري اطلق عملية مشاورات مع كل القوى السياسية اللبنانية لتأمين برنامج يتيح له ترسيخ حكومته والعمل على اسس متينة». من جهته قال مصدر دبلوماسي ان ذلك يمر عبر تعزيز الجيش اللبناني، حامي الوحدة الوطنية، ودعم المشاريع الاقتصادية لسعد الحريري التي تتطلب استثمارات اجنبية. واجتماع باريس لن يكون مؤتمرا للمانحين لكن من المتوقع ان يعطي دفعا لتأمين مساعدة دولية في المستقبل للبنان.
اللجان المشتركة
سجلت جلسة اللجان النيابية المشتركة اكثر من محطة سجالية – منها ما هو في صلب الملف النفطي الذي يتفرد به جدول اعمالها – ومنها ما جاء في الشكل، ليؤكد حقيقة الخلاف النيابي الحكومي من جهة، والسياسي في اكثر من فريق من جهة ثانية، فتأجل النقاش بالإقتراحات الاربعة التي تقدمت بها كتلة التتنمية والتحرير بإيعاز من رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان يتم البحث فيها مجددا عند حضور الوزراء المعنيين (وتحديدا وزيري الطاقة والمال)، والذين غابوا لأرتباطهم بجلسة مجلس الوزراء الإستثنائية، ولم تتوصل اللجنة الا الى اقرار مشروع طلب الموافقة على ابرام اتفاقية قرض مع الوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل استثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة بقيمة 34 مليون دولار.
اما النقاشات والتي طالت بعض وتيرتها العالية النبرة، خارج قاعة الهيئة العامة، فبدأت مع ترؤس النائب محمد قباني الجلسة بتكليف من الرئيس بري (بصفته رئيسا للجنة المختصة اي لجنة الأشغال والطاقة)، وهو ما اثار اعتراض النائب انطوان زهرا فرد عليه النائب نواف الموسوي ليذكره بما كان حدث اكثر من مرة خلال الجلسات العامة ، ثم بدأ النقاش العام في ملف النفط والتلزيمات، فطالب اكثر من نائب بتأجيل البت بالإقتراحات الى حين حضور الوزراء، فتولى الرئيس فؤاد السنيورة المطالبة باحترام الإصول والمبادئ وعدم السير بجدول الاعمال المتعلقة بشان النفط، معتبرا ان هذا الامر من صلاحية مجلس الوزراء، فرد عليه النائب علي بزي بالقول: الاصول والمبادئ والقواعد تعطي لمجلس النواب الحق بتقديم الإقتراحات وهو لا يصادر عمل الحكومة، مشيرا ان الحكومات المتعاقبة لم تناقش ملف النفط منذ سنوات، فحرره الرئيس بري من خلال الإقتراحات، فيما اعتبر النائب حكمت ديب ان طرحها يعتبر بمثابة تجاوز للدستور، فجاء رد النائب قباني ان الإقتراحات ارسلت الى الوزراء المختصين لدراستها واللجنة تنتظر الرد، اما النائب عاصم قانصوه فوصف النقاش بالغير مجدي كما الإقتراحات معتبرا ان الحل بإستحداث وزارة للنفط قبل الدخول في تقسيمات طائفية للصندوق، واصفا ما يحدث في وزارة الطاقة بالفساد. والمحطة الثالثة كانت على خط النائب سيرج طور سركيسيان الذي رفع الصوت عاليا واعتبر «ان دراسة هذه الإقتراحات «مجرد علك « لان هناك ازمة نفايات تطال صحة المواطن ، وايده بذلك النائب اكرم شهيب الذي طالب بعقد جلسة عامة حول الأمر، فيما حذر النائب عمار من كارثة بيئية.
وثم طرح مشروع القرض الفرنسي على التصويت، فرفض بعض النواب التصويت الا بعد حضور الوزراء، وخرج اكثر من نائب من القاعة، قبل ان يقر، وينفرط عقد الجلسة، بإنتظار تحديد موعد لاحق من قبل رئيس المجلس.
البناء
دمشق ترتّب أوراق المواجهة مع «إسرائيل»… وتتريّث بالمشاركة في جنيف
ترامب يسخر من العرب بلعبة السفارة… والقمّة الخليجية تنتهي قبل أن تبدأ من صنعاء
الحكومة إلى الانتخابات دُرّ… والنأي بالتوازن والتوازي بين السعودية وسورية وإيران
تمنح دمشق الأولوية لترتيب أوراق المواجهة مع «إسرائيل» في مرحلة الربع الأخير من ساعات الحرب، لتضمن خروجاً من معادلات الأمر الواقع التي حاول «الإسرائيليون» فرضها ضمن يوميات الحرب، وتعيد ترسيخ معادلات ردع تؤكد السيادة السورية المحميّة بالقدرة على الصدّ والردّ في مواجهة أيّ محاولة للعبث «الإسرائيلي» بالأمن أو الجغرافيا، بعدما نجحت معادلات الردع السورية بالتعاون والتنسيق مع الحلفاء بمنع «إسرائيل» من تحقيق أيّ مكسب تفاوضي يتصل بطبيعة القوى التي تنتشر في مناطق جنوب سورية، خصوصاً المتاخمة للجولان المحتلّ، كما نجحت بردع الدعم «الإسرائيلي» للجماعات المسلحة عبر الجولان، وخصوصاً جبهة النصرة، بالاستناد إلى التكامل بين عناصر القوة العسكرية والشعبية داخل الجولان وخارجه، وفيما سجّلت سورية ردعاً صاروخياً لتحليق الطائرات «الإسرائيلية» في أجوائها، فاستعاض عنها «الإسرائيليون» بغاراتهم من الأجواء اللبنانية المطلة بمدى ستين كيلومتراً بصواريخها على بعض هامّ وحساس من الجغرافيا السورية فلاحقتهم الصواريخ السورية في مرحلة ثانية من مراحل الردع، لتخوض سورية بعدها، المرحلة الثالثة التي تتمثل بالتصدّي الصاروخي لصواريخ أرض أرض تستهدف بعضاً أضيق مدى من الجغرافيا السورية من داخل المناطق المحتلة، فتسجّل نجاحاً يشغلُ بال «الإسرائيليين» حول إحاطة تحرّكهم العسكري نحو سورية بمجموعة من الخطوط الحمر الجديدة. في ظلّ هذا الاهتمام الرئيسي، تتحرّك دمشق على جبهتها العسكرية لمواصلة تقدّم الجيش والحلفاء في ريفي إدلب وحلب، وعلى الجبهة السياسية تتركز الجهود نحو التحضيرات لمؤتمر سوتشي الذي دعت إليه موسكو ولم يُحسم له بعد موعد نهائي، بينما تتريّث دمشق في قرار المشاركة في محادثات جنيف، التي تطرح أسئلة جدية حول جدواها في ظلّ تلاعب معارضة الرياض ووفدها المفاوض، وتغاضي المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن هذا التلاعب.
في اتجاه معاكس كان قادة الخليج الذين تقودهم السعودية نحو التطبيع مع «إسرائيل» وصولاً إلى تحالف معلن معها على حساب القضية الفلسطينية، والتورّط بتصفيتها تحت شعار صفقة القرن، موضوع هزء وسخرية من مشغلهم الأميركي، الذي أعلن عبر المتحدثة بلسان البيت الأبيض، عن بيان سيصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب يؤكد فيه عزمه على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، حتى لو أجّل التوقيت لمرة أخيرة، فلملموا أغراضهم من قمّتهم في الكويت هرباً من الفضيحة، من دون أن يذكروا الأمر بكلمة في بيانهم، وحزموا أمتعتهم ليرفعوا أعمال قمة أسقطتها أحداث صنعاء التي كانت القمة مقرّرة للاحتفال باستعادتها، وهي القمّة التي استغرقت دقائق غاب عنها تمثيل وازن للسعودية والإمارات، كان مقرّراً لو نجح الانقلاب في صنعاء، التي شهدت تظاهرة مليونية نظمها أنصار الله تأكيداً لفرض الاستقرار، واحتفالاً بإسقاط الانقلاب، من دون أن ينسوا في هتافاتهم فلسطين وقدسها مؤكدين انتماءهم لخيار المقاومة لنصرة شعبها وقضيتها.
في لبنان عاد رئيس الحكومة سعد الحريري لترؤس أعمال الحكومة، بعد جلسة برئاسة رئيس الجمهورية انتهت ببيان النأي بالنفس، الذي قدّم المخرج للرئيس الحريري لهذه العودة، بينما قالت مصادر متابعة لولادة البيان، إنه إضافة لوظيفته كمخرج، هو التزام بتفادي الإحراج المتبادل لمكوّنات الحكومة بعضهم للبعض الآخر بمواقف تصعيدية ضدّ المحاور الإقليمية التي ينقسم حولها المشاركون في الحكومة، ما يعني التوازن والتوازي بالخطاب السياسي للمكوّنات الحكومية تجاه السعودية من جهة وسورية وإيران من جهة مقابلة، خلافاً للرغبة السعودية بضمّ لبنان لمحورها المناوئ لإيران، كما كانت النسخة الأصلية لاستقالة الحريري.
بيان «النأي» ثبّت الحريري في منصبه
تحت عنوان «التزام الحكومة اللبنانية بمكوّناتها النأي بنفسها عن أيّ نزاعات أو حروب تضرّ بعلاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب»، تمكّنت الحكومة اللبنانية من إنقاذ التسوية الرئاسية من الغرق في وحول العاصفة الإقليمية التي تضرب سواحل البحر الأحمر بلغت ذروتها أمس الأول، مع مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وسيطرة حركة أنصار الله والجيش واللجان الشعبية على صنعاء، واستطاع رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي بالتنسيق مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله و»الفريق العاقل» في تيار المستقبل من نقل لبنان من وسط العاصفة إلى شاطئ الأمان.
وبعد جولات ماراتونية على خط باريس بيروت وتوزعت في الداخل بين بعبدا وعين التينة وحارة حريك وكليمنصو، أبصر «بيان العودة» النور ليل الاثنين الماضي، وكان المدخل لإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري تراجعه عن الاستقالة وتثبيته في منصبه والعودة كرئيس حكومة كامل المواصفات والصلاحيات إلى السراي الحكومي، وذلك بعد جلسة عقدها مجلس الوزراء في بعبدا أمس، برئاسة الرئيس ميشال عون.
ومع عودة الحريري عن الاستقالة طوى لبنان صفحة أزمته التي تفجّرت في الرابع من تشرين الثاني الماضي وأحبط المخطط السعودي «السبهاني» «القواتي» لإطاحة الحريري وإسقاط الحكومة وتوجيه ضربة قاصمة الى عهد الرئيس عون وتشريع البلاد أمام رياح الفتن والفوضى والحروب التي تضرب المنطقة.
كما تمكّن لبنان من تحويل الأزمة إلى فرصة والخرج منها أقوى وعلى استقرار مستدام، كما عبّر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمس، وبالتالي فتح صفحة سياسية جديدة ستظهر معالمها في القريب العاجل، وستفرز، بحسب مصادر مطلعة خريطة تحالفات جديدة، وبالتالي حكومة بتوازنات ومعادلات جديدة ومشهد سياسي جديد مع نضوج الصورة الإقليمية الجديدة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ووصفت مصادر وزارية الجلسة بالممتازة والتوافقية والتأسيسية، حيث أشادت الأطراف الحكومية كافة بحكمة وأداء رئيس الجمهورية خلال الأزمة وصموده أمام الضغوط الخارجية وقدرته على التعامل المناسب برفض استقالة الحريري والإصرار على استعادته أولاً.
وأوضحت المصادر لـ «البناء» أن «القرار الحكومي الذي صدر بالإجماع لم يكن تسوية جديدة، بل تثبيت وإعادة تأسيس للتسوية التي أوصلت عون الى سدة الرئاسة الأولى والحريري الى الرئاسة الثالثة».
ولفتت الى أن «النتيجة التي وصلنا اليها لم تأت وليدة الضغوط الخارجية ولا تنفيذ لإملاءات أو رغبات أو شروط دولة معينة، بل حكمة وطنية وفعل سيادي استقلالي لحفظ لبنان وتجنيبه الصراعات الخارجية»، واعتبرت أن «إحياء أو تجديد التسوية رسّخ الاستقرار وشكّل مظلة أمان دولية وإقليمية ومحلية أقوى من السابق، كما وأثبت للبنان مناعة داخلية وقدرة كبيرة لدى اللبنانيين على صون الاستقرار والوحدة في أصعب المراحل والظروف». وأشارت إلى أن «كما على لبنان بمكوّناته كلها أن ينأى بنفسه عن النزاعات الخارجية توجّهت الحكومة الى الخارج بأن لا يدخلنا في نزاعاته وأن لا يتدخّل في شؤونه الداخلية».
«القوات» خارج التسوية.. وتستلحق نفسها
وفي وقتٍ حاولت «القوات اللبنانية» الإيحاء بأنها كانت على علم وكانت شريكة بالتسوية المنجزة، أكدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر بأن «نص بيان الحكومة ظلّ حتى موعد الجلسة محصوراً بين مَن عمل على الصياغة». وأشارت مصادر وزارية مقرّبة من بعبدا لـ «البناء» الى أن «وزراء القوات اللبنانية أُبلِغوا في وقت متأخّر من مساء الإثنين عبر تواصل تمّ بين وزيرَيْ الثقافة غطاس خوري والإعلام ملحم رياشي بأن الحكومة ستُقرّ قراراً حكومياً بالإجماع، لكن لم يتمّ وضعهم بصورة نص البيان، وبالتالي لم يشاركوا في صياغة البيان ولم يُعرض عليهم، كما حاول وزراء القوات التسريب قبيل الجلسة وبعدها».
وأوضحت المصادر أن «القوات تحاول استلحاق نفسها في التسوية والحفاظ على وزرائها في الحكومة بعد أن ضاقت خياراتها، ووجدت أن السيناريو السعودي وصل الى طريق مسدود فحاولت التراجع»، لكن المصادر تجزم بأن «موقع ودور وقيمة وجود القوات في الحكومة لم يعُد نفسه قبل الأزمة، نتيجة للموقف الذي اتخذته تجاه أزمة الحريري في الرياض». واستبعدت المصادر في سياق آخر توجّه الرئيسين عون والحريري إلى إجراء أي تعديل وزاري في ظل الوقت الضيق قبل الانتخابات النيابية». وتوقّعت المصادر «إقلاعة حكومية جديدة ومنتجة على صعيد جميع الملفات المطروحة وستكون القضايا الاقتصادية والحياتية على رأس أولويات الحكومة».
مع العلم أن مصادر وزارية تفاجأت داخل الجلسة بالأداء القواتي المؤيّد جملة وتفصيلاً لمواقف رئيس الحكومة، إذ أكد الوزير ملحم رياشي الذي تحدّث باسم القوات عن تأييد حزبه لتصريحات الحريري منذ عودته الى لبنان حتى ما تضمّنه البيان الوزاري لجهة النأي بالنفس وضرورة التزام الأطراف كافة من فريقي 8 و14 آذار بعدم التصعيد الإعلامي ضدّ أي محور من المحاور».
وكان مجلس الوزراء الاستثنائي انعقد أمس، في قصر بعبدا خرج بعده الرئيس الحريري وتلا البيان الكامل، فنصّ على أن «مجلس الوزراء أكد بإجماع المكوّنات السياسية الممثلة في الحكومة التزام البيان الوزاري قولاً وفعلاً وبخاصة بالفقرة التالية منه: إن الحكومة تلتزم بما جاء في خطاب القَسَم لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وفي ضوء هذا التأكيد يقرر مجلس الوزراء الآتي: التزام الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها السياسية النأي بنفسها عن اي نزاعات او صراعات او حروب او عن الشؤون الداخلية للدول العربية، حفاظاً على علاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب. إن مجلس الوزراء يجدّد تمسّك الحكومة باتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني لا سيما البند الثاني من المبادئ العامة التي تنص على أن «لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم بميثاقها، وهو عضو في حركة عدم الانحياز. وتجسّد الدولة اللبنانية هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء. ويتطلع مجلس الوزراء بناء على ذلك، الى افضل العلاقات مع الاشقاء العرب وأمتنها، بروح الروابط التاريخية التي تجمع بين دولنا وشعوبنا. في النهاية، يشكر مجلس الوزراء رئيسه على موقفه وعلى عودته عن الاستقالة».
عون: وحدة اللبنانيين أساس حماية الاستقرار
وأكد رئيس الجمهورية أنّ «المهم كان عودة الرئيس الحريري من الخارج والاطلاع على الملابسات التي رافقت موقفه». وشدّد على أن ّ»موقفه انطلق من عدم قبولنا أن تمس أي سلطة كرامتنا إذ نعتبر الا سلطة كبيرة، بل الكل متساوون في العزة والكرامة».
وكان الرئيس عون عرض بالتفصيل المراحل التي قطعتها الأزمة التي نشأت عن استقالة الرئيس الحريري في مستهلّ الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد الازمة الاخيرة. وقال: «موقف لبنان كان موقف مواجهة لما حصل مع رئيس الوزراء وأن وحدة اللبنانيين تبقى الأساس في حماية الاستقرار في البلاد».
جنبلاط: بحسن إدارة الرؤساء اجتزنا الأزمة
وأكّد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ، في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ «حسن الإدارة الدقيق من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الرؤساء الثلاثة ، الّذي رافق الأزمة الخطيرة الّتي مرّت على البلاد، إضافة إلى الرصيد الّذي يتمتّع به لبنان لدى الحريصين على استقراره من مجتمع دولي وفي المقدمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، كلّ هذا سمح لنا باجتياز الأزمة الخطيرة الاستثنائية وصولاً إلى طيّ الاستقالة».
بدورها، عبّرت كتلة المستقبل النيابية التي اجتمعت أمس، برئاسة الحريري في بيت الوسط عن الارتياح لقرار الرئيس الحريري التراجع عن استقالته وتمنت عودة سريعة لانتظام عمل الحكومة لمواجهة التحديات التي يواجهها لبنان.
.. وفريق «السبهان» يرفض التسوية
وقع إحياء التسوية وتثبيت الرئيس الحريري في موقعه وعودته الى السراي الحكومي كان قاسياً على الفريق «السبهاني» في لبنان، فقد بدا الامتعاض والغضب واضحاً لدى الوزير السابق اللواء أشرف ريفي ، مشيراً في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ «ما حصل بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من تريّث واستشارات، مجرّد مسرحية هزلية لا تحترم عقول اللبنانيين».
وشدّد على «أنّنا اليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، نعلن رفضنا للتسوية بشروط الوصاية الإيرانية، ونعتبر أنّ ما حصل استسلام لمشروع « حزب الله ».