حَمِيَتْ خطوط تأليف الحكومة في هذه الأيام. "البوم" و"الثعلب" يتبادلان الهجمات اللسانية. مُنظَمون "قواتجيون" أبرزوا مهارتهم في شن الهجمات الفيزيائية ضد زملائهم من أنصار "التيار" في إحدى الجامعات. ربما لأن المناورة التفاوضية، التي تفتق عنها مخُّ [العميل “الإسرائيلي” السابق] سمير جعجع ضد الرئيس العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، قد فشلت. بين تلك الخطوط فراغات صغيرة. أطل منها سامي وفارس. يا لثقل الدم المضاعف. يرفعان شعاراً "جديداً" : تحرير لبنان من "الوصاية الإيرانية". خطوط التأليف حامية هذه الأيام. وإن لم يصبح "الفول بالمكيول" حتى الآن. وإن لم نعرف متى سيصبح فيه.
البناء
الرياض محاصرة بتصفية الخاشقجي… وفيديوات تركية تضع السعودية في قفص الاتهام
المنطقة منزوعة السلاح تكتمل في إدلب… ومحادثات تركية روسية حول الممتنعين
سجال جنبلاطي أرسلاني يُطيح التفاؤل بالحلحلة… والحريري متمسك بتحقيق تقدّم
لم تعد الرواية السعودية عن اهتمامها بمصير جمال الخاشقجي موضوع تداول. فالموقف الدولي الجامع بات عنوانه أنه ليس مقبولاً أن تطلب السعودية أدلة إدانتها، بل عليها هي أن تقدّم أدلة براءتها، لأن الخاشقجي قد ثبت دخوله حياً إلى القنصلية السعودية في اسطنبول، ولا دليل على خروجه حياً منها. ومع التسريبات التركية لأشرطة فيديو تضع الرياض في قفص الإتهام حفلت الصحف الغربية الكبرى من الواشنطن بوست والنيويورك تايمز إلى الغارديان والفاينايشل تايمز وسواها بالتقارير والمعلومات والسيناريوات، وكلها تدور حول كيف قامت سلطات الرياض باستدراج الخاشقجي من واشنطن إلى اسطنبول ونصبت له فخاً هناك. تمّت تصفيته من خلاله. وقد عرض الأتراك أشرطة فيديو تظهر الأشخاص الذين تشتبه أنقرة في أنهم من قاموا بتصفية الخاشقجي، وكيفية وصولهم صبيحة اليوم ذاته على متن طائرة خاصة وانتقالهم إلى القنصلية بسيارات دبلوماسية، ومغادرتهم بعد ظهر اليوم نفسه وبحوزتهم حقائب دبلوماسية غير قابلة للتفتيش، وأشرطة أخرى تظهر الحركة على باب القنصلية منذ دخول الخاشقجي، من دون أن يظهر أنه غادر القنصلية.
كرة الثلج التي تحاصر الرياض لم تحجب التطورات التي تشهدها تفاهمات سوتشي في تطبيق اتفاق إدلب، حيث أعلنت تركيا اكتمال تنفيذ المنطقة المنزوعة السلاح ضمن المهلة المتفق عليها، بينما أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن الاكتمال يُتوقع إنجازه بعد خمسة أيام. وكشفت مصادر على صلة مباشرة بالوضع في إدلب عن تشاور تركي روسي، تشارك فيه دمشق بطريقة غير مباشرة حول كيفية التعامل مع الجماعات التي رفضت تنفيذ موجبات التفاهم، والتي تتمركز في منطقة جبل الزاوية، وجسر الشغور وينضوي أغلبها في جماعات متشدّدة، يرجّح أن تفشل أنقرة في إقناعها بالالتزام بالخروج من المنطقة، خصوصاً أن أغلب عناصر هذه الجماعات تنتمي لغير السوريين الذي شجّعهم على التفاعل الإيجابي مع التفاهمات مرسوم العفو الذي أصدره الرئيس السوري وشكل مصدر ارتياح عند الكثيرين من الراغبين بتسوية أوضاعهم بعدما بات واضحاً لهم أن لا أمل يُرتجى من مواصلة حمل السلاح.
لبنانياً، أمام هبات باردة وحارة في قضية تشكيل الحكومة، اختصر كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الموقف بقوله، «لا تقول فول ليصير بالمكيول»، خصوصاً بعد ما كان ما ظهر أنه تطور إيجابي في معالجة العقدة الدرزية سبباً وحيداً للتفاؤل، مع بقاء عقدة تمثيل النواب السنة العشرة خارج تيار المستقبل دون إحراز أيّ تقدّم، وتصاعد التجاذب حول عقدة تمثيل القوات اللبنانية، وإذ بالسجال بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، يندلع بلغة سقفها أعلى بكثير مما سجّله السجال بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بصورة صارت الدعوة للتهدئة أكبر وأهم من الدعوات لتسهيل تشكيل الحكومة، فمصطلح أحصنة طروادة الذي أورده جنبلاط تحوّل لمحور السجال تحت عناوين ومواضيع متعددة.
العقدة الدرزية الى المربع الأول…
لم تَصمُد موجة الإيجابية المتبادلة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان طويلاً. فبعد الحديث عن تقدّم باتجاه حلحلة العقدة الدرزية، تجدّد السجال التصعيدي على جبهة الحزبين أعاد الأمور الى المربع الاول، ويبدو بحسب مصادر مطلعة في الحزب الديموقراطي أن رئيس الاشتراكي عندما شعر بأن مبادرة المير طلال تحظى بقبول مختلف الأطراف لا سيما الرئيسين ميشال عون ونبيه بري حاول تسعير التوتر الإعلامي لإجهاض المبادرة. الأمر الذي يؤكد بحسب المصادر وجود أيادٍ خارجية تتخذ من جنبلاط وسيلة لعرقلة تأليف الحكومة. وأوضحت المصادر الديموقراطية لــ»البناء» أن «جنبلاط يعطي تنازلات بالشكل لا بالمضمون وهدفه الإظهار للرأي العام بأنه يتنازل وأن العقدة في مكان آخر»، مذكرة بأن رئيس الاشتراكي كان يُصرّ على أنه هو مَن يسمّي الوزير الدرزي الثالث بالتوافق مع الرئيس بري من بين الوسطيين، لكن ليس هناك من شخصية سياسية درزية وسطية بعد الانتخابات النيابية». وأكدت المصادر أن «أرسلان مُصرّ على أن يكون الوزير الثالث من الحزب الديموقراطي ويمثل الخط السياسي الذي يمثله الحزب على المستويين الداخلي والاستراتيجي، حيث إن هناك خطين داخل طائفة الموحدين منقسمان حيال الوضع في سورية والصراع مع إسرائيل والمقاومة، الأول يمثله جنبلاط والثاني أرسلان، وبالتالي هناك إصرار عند أرسلان أن يمثلنا درزي من خطنا السياسي لا سيما في هذه المرحلة وفي المستقبل، حيث هناك محاولات خارجية لتغيير موقع الدروز في لبنان والمنطقة، حيث من المعروف أن أكثريتهم لا يؤديون خيارات جنبلاط السياسية». وأبدت المصادر استغرابها لتجاهل الرئيس المكلف سعد الحريري نقاش أرسلان كمعني بالعقدة الدرزية، متهمة الحريري بتعمد ذلك لإذكاء الصراع داخل الطائفة الدرزية لأهداف خارجية»، إلا أن مصادر كتلة ضمانة الجبل أشارت لـ»البناء» الى أن «العقدة الدرزية قطعت شوطاً باتجاه الحلحلة بعد موقفي جنبلاط وأرسلان لكن يبقى على الرئيس الحريري أن يدور الزوايا ويوزع الحقائب بشكل عادل متوقعة تأليف الحكومة خلال عشرة أيام». في المقابل أكدت أوساط مطلعة على موقف عين التينة لـ»البناء» أن المخرج المطروح هو شخصية وسطية لا اشتراكية ولا ديمقراطية مع حسم استبعاد النائب أرسلان».
وأشار جنبلاط في حديث على وسائل التواصل الاجتماعي، الى «ان الدعوة الى التسوية مطلوبة من جميع الفرقاء، لكن حذار ان يُفسّرها البعض اياً كان انها تنازل عن الثوابت، وعلى هذا لن نقبل بأحصنة طروادة جديدة في الوزارة المقبلة». ولفت الى «ان هذا التوضيح ضروري لاسكات اصوات النشاز ونعيق البوم». ويقصد جنبلاط هناك بحسب مصادر الاشتراكي أن أرسلان هو حصان العهد والتيار الوطني الحر للدخول الى البيت الدرزي والتدخل بشؤونه، ورد ارسلان على جنبلاط قائلاً عبر تويتر «نؤيد الدعوة الى تسوية من دون التنازل عن الثوابت وعدم القبول بأحصنة طروادة تعطي العهد وما يمثل من طرف اللسان حلاوة وتروغ منه كما يروغ الثعلب». ومن عين التينة أكد عضو اللقاء الديموقراطي النائب اكرم شهيب أنه «عندما يصبح الكل جاهزاً لتقديم تنازلات لولادة الحكومة «يحكوا معنا». وانتقل التوتر من القيادتين الى مستوى الحزبين، حيث ردّ مصدر مسؤول في الحزب الإشتراكي على أرسلان بالقول: «إذ نتفهم الانشغالات الاستراتيجية للأمير طلال في شؤون وشجون المنطقة وتطوراتها، ونعلم حرصه على المبادئ السامية والأخلاقيات الإنسانية إلا أننا نذكره بتسليم المتهم أمين السوقي». وعاد الحزب الديمقراطي ورد على لسان مصدر قيادي فيه، بالقول: «طبعاً يا وليد بيك لا ننكر مدى بعد نظركم ونصائحكم للعالم أجمع، ومدى صوابية خياراتكم الكونية، والدرزية جزء صغير منها، وهدر الدماء تفصيل عابر، إلاّ أننا ندعوكم الى إقفال الزنزانة رقم 3 في المختارة، وكم من خاشقجي زارها». وقالت مصادر الحزب لـ»البناء» إن «الزنزانة التي تحمل الرقم 3 معروفة في الأوساط الشعبية في الجبل كما يعرفها الأمنيون، ومهمتها اعتقال كل من يُغضِب البيك وممارسة أساليب التعذيب بحقه. وهذه الزنزانة مازالت قائمة حتى الآن»، الأمر الذي يشكل إخباراً للنيابة العامة ويدعوها للتحقق من هذا الأمر إن صح والذي يُعد انتهاكاً للحريات العامة ولحقوق الانسان.
الخلاف العوني القواتي إلى الجامعات…
على صعيد العقدة القواتية، لم يسجَّل أي تقدم وسط تمسك القوات بشروطها 4 وزراء مع 4 حقائب، لكن الجديد هو انتقال الخلاف السياسي بين التيار الوطني الحر والقوات الى حرم الجامعات، مع مخاوف من انتقاله الى الشارع، حيث وقع أمس إشكال في الجامعة اليسوعية بين مجموعة من طلاب التيار وطلاب من القوات تطور الى تضارب بالأيدي والعصي على خلفية لافتات حزبية تدخلت إثرها القوى الأمنية لفض الخلاف.
وأوضح قطاع الشباب والرياضة في التيار في بيان أن «الخلاف وقع اثر قيام احد الشباب من غير المنتسبين إلى التيار باستبدال صورة للرئيس بشير الجميل موضوعة على إعلان تستعمله القوات اللبنانية لدعم ترشيح طلابها في انتخابات الجامعة اليسوعية بصورة مسؤول طلاب التيار في حرم هوفلان نويل عبوش دون علمه».
وعلقت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر على الإشكال مشيرة لـ»البناء» الى أن «الإشكال لا يتعدى كونه خلافاً طلابياً داخل حرم الجامعة ولن يتطور الى أكثر من ذلك»، مستبعدة أن تنتقل الاشكالات الى الشارع مجددة تمسك التيار بالمصالحة المسيحية أما الخلاف السياسي. فهو أمر مشروع في بلد ديمقراطي كلبنان ولا يجوز أن ينعكس اي خلاف حكومي او سياسي على الأرض، اذ إن المصالحة شكلت ارتياحاً لدى الشارع المسيحي الذي لا يريد العودة الى مراحل التشنج مهما كان الثمن». ولفتت الى أنه وبعد تأليف الحكومة سنمارس سياسة الانفتاح على جميع الأطراف السياسية، لأن البلد وحجم الأزمات تحتاج تعاون الجميع».
وعن رد الحريري على باسيل بأنه لن يقبل التكليف إن اعتكف، لفتت الى أننا «فريق سياسي كغيرنا من الأطراف ولنا الحق في التعبير عن موقفنا ومقاربتنا لعملية تأليف الحكومة، حيث ان رئيس التيار قدم اقتراحات تتضمن معياراً موحداً بهدف تسهيل التأليف، لكن مسؤولية التأليف تقع على عاتق الرئيس المكلف بالتشاور مع الرئيس عون»، وجددت تمسكها بحكومة الوحدة الوطنية «منسجمة مع عملية الاصلاح ومكافحة الفساد والنهوض بالوطن».
وعما اذا كان اللقاء المرتقب بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس القوات سمير جعجع موجه الى التيار، رأت المصادر أن «هذا اللقاء ليس موجهاً ضدنا ومن حق اي طرف التحالف مع الآخر لكن بما يصب الاستقرار الداخلي». ونقلت المصادر عن الرئيس عون أنه «لن يقبل بحكومة مشلولة قبل ولادتها وبالتالي لن يسمح بأن تمارس بعض الاطراف السياسية سياسة الكيدية وتعطيل مشاريع العهد»، مشددة على «التمسك بالتسوية الرئاسية مع الحريري».
بري: «لا تقول فول تيصير بالمكيول»
وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري على موضوع الحكومة بالقول: «تجارب تأليف الحكومات علمتني أن «ما تقول فول تيصير بالمكيول». واعتبر أن «الأوان قد آن ليتحمل الجميع مسؤولياتهم لحسم الموضوع الحكومي عبر التواضع في التعامل مع عملية التشكيل في ظل وضع اقتصادي دقيق للغاية»، وشدد بحسب زواره على أن «البرلمان سيستمر بتحمل مسؤولياته والقيام بدوره معلناً عن عقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الحالي». ونقل زواره عنه لــ»البناء» أن «ما تم تداوله حتى الآن مجرد أفكار واقتراحات وليست حلولاً جاهزة لتترجم عملياً في صيغة حكومية جاهزة، مشيراً الى أن «كلام رئيس الجمهورية عن تأليف حكومة قبل حلول العام الثاني على ولايته يحمل ايجابيات على صعيد تقديم تنازلات من قبل الجميع لتسهيل التأليف».
وعلى خط الكهرباء التقى الرئيس بري وزير الطاقة سيزار ابي خليل الذي شرح له ما يعترض القطاع من معوقات في ظل ارتفاع سعر البترول عالمياً وجرى الاتفاق على خطوات عدة ستتم متابعتها في مجلس النواب ومع وزير المال علي حسن خليل الذي أكد أن «فتح أي اعتماد يحتاج إلى قانون وسلفة الخزينة تأخذ مجراها وفق الأصول في البرلمان».
وعلى صعيد أزمة المولدات الكهربائية وما أُثير حول إيداع المشتركين مئة ألف ليرة أمانة لدى أصحاب المولدات، أوضح وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري في حديث تلفزيوني إلى انه «من حق الناس ان يشعروا بنوع من الاستغلال من قبل أصحاب المولدات لأنهم يهددونهم أنه في حال لم يدفعوا التأمين فسيقطعون عنهم الكهرباء ولكن أقول للناس أن كل مشترك لسنتين مع صاحب المولد نفسه لا يدفع تأميناً».
أما في أزمة النزوح فأعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ان «عدد اللاجئين السوريين في لبنان يبلغ نحو 1,3 مليون شخص، فيما بلغ عدد اللاجئين العائدين الى سورية نحو 50 ألفاً». وعن المبادرة الروسية لتأمين عودة اللاجئين السوريين فأوضح ان «الامن العام اللبناني شريك رئيسي في هذه المبادرة، وعلى تواصل مباشر مع المعنيين بملف اللاجئين، ومن المبكر الحديث عن مدى زمني لتطبيق المبادرة المذكورة لأن خطة العمل مع الجانب الروسي لم تكتمل بعد»، منوهاً الى انه «تم الاتفاق في الإطار العام مع الروس على النقاط الأساسية، وتبقى هناك تفاصيل لوجستية وغيرها يجري العمل عليها قبل بدء تنفيذ الخطة».
اللواء
الحكومة في «دائرة المراسيم».. وقلق متزايد من إضاعة الفرصة
جنبلاط يرفض تسمية الدرزي الثالث من عون وحده – وتضامن وطني مع «سيدة الجبل» في بيت الكتائب
مَنْ يلعب دور «الزئبق» في البارومتر لتوفير المعلومات حول النشرة السياسية، في لبنان، لا سيما في ما خص حظوظ تشكيل الحكومة أو عدمها، وتوزّع المعنيين الكبار بين متفائل بحذر، ومتشائم بلا حذر، ومنتظر ان «يصير الفول بالمكيول»، كما هو حال الرئيس نبيه برّي، الذي تحوّل صالونه السياسي في مقر اقامته في عين التينة إلى منتدى الشكاوى والمعالجة لما يعرف بعقدتي تمثيل «القوات اللبنانية» وتسمية الدرزي الثالث في حكومة ثلاثينية!
رسمياً، تبلغت القوات اللبنانية عرضاً يقضي بإعطائها نائب رئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن حقيبتين (الشؤون الاجتماعية والتربية) فضلاً عن وزارة دولة، فيما تضمنت تغريدة النائب السابق وليد جنبلاط، اعتراضاً ان يودع النائب طلال أرسلان خمسة أسماء لدى الرئيس ميشال عون، ليختار منها واحداً. وما يرغب به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان يجري اختيار الدرزي الثالث بالتشاور بين الرؤساء الثلاثة ومعه.
«ما تقول فول»
وإذا كان الحذر الذي ابداه الرئيس نبيه برّي في لقاء الأربعاء النيابي بقوله بالنسبة لتأليف الحكومة: «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، قد أزاح أو شكك بمشهد التفاؤل الذي ساد الساحة السياسية، بفعل الجرعات التي ضخها الرئيس المكلف الخميس الماضي ثم عاد وأكّد عليها أمس الأوّل، فإن ما قاله الرئيس برّي، وهو المعني بالاتصالات ومساعي تدوير الزوايا، يؤكد ان الصورة ما تزال ضبابية وغير واضحة، الأمر الذي دفعه الى عدم الجزم بوجود حلحلة حكومية، استناداً إلى المعطيات التي كان قد تبلغها من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، لكن الظاهر ان تطورات طرأت منذ الليلة الماضية، جعلته يقول ما قاله، لكي يكون دقيقاً في اختيار عباراته، بحسب عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي.
ومع ذلك، فقد أكّد برّي، وفق ما نقله عنه النواب، بأنه «آن الأوان لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم من أجل حسم موضوع الحكومة»، داعياً إلى «تواضع كل الاطراف في التعامل مع عملية التشكيل».
وجدد القول ان «الوضع الإقتصادي دقيق للغاية، وهذا يفترض منا ان نتعاون جميعا لمواجهة هذا الاستحقاق الذي يؤثر على الوضع العام في البلاد».
وأشار الى ان «تردي الوضع الإجتماعي والخدماتي لا بل ايضا الفساد يعود الى عدم تطبيق القوانين كما عبرت مرارا».
واكد ان المجلس «سيستمر بتحمل مسؤولياته والقيام بدوره، وسيكون هناك جلسة تشريعية قبل نهاية هذا الشهر».
وفي تقدير مصادر نيابية، ان التطورات السلبية التي طرأت على المشهد الحكومي، ربما تكون متصلة «بالمناوشات» التي حصلت حول الحصة الدرزية بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني بعد التغريدات المتبادلة بين زعيمي الحزبين وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان، والتي ربما اطاحت بالحلحلة التي تحدث عنها الطرفان قبل يومين، إلى جانب تصلب «القوات اللبنانية» بالنسبة للحقائب الخدماتية التي تريدها، وبينها حقيبة العدلية، في مقابل تشبث «التيار الوطني الحر» بأن تكون حصته 11 وزيراً، بما يخالف الصيغة الحكومية التي اعدها الرئيس الحريري بأن تكون الحكومة من ثلاثة أثلاث، أي ان لا يكون فيها ثلث معطّل لأي طرف، فضلاً عن معلومات بسحب عرض الرئيس عون بالتنازل عن منصب «نائب رئيس الحكومة لمصلحة القوات».
ومع ذلك، تؤكد المصادر ان عملية تشكيل الحكومة انتقلت من مرحلة تسهيل الأطراف السياسية لمهمة الرئيس المكلف إلى تفعيل الاتصالات حول توزيع الحقائب بعد التوافق على الحصص بشكل نهائي، ولو استمرت بشكل محدود المناوشات الجنبلاطية – الارسلانية، و«القواتية» مع التيار البرتقالي.
وأكّدت مصادر نيابية متابعة للاتصالات لـ«اللواء» ان ثمة امورا كثيرة تم التفاهم عليها، منها منصب نائب رئيس الحكومة ل «القوات اللبنانية» بلاحقيبة وبقي البحث جار عن توافق حول الحقائب التي ستُسند «للقوات»، وكذلك حول الحقائب التي ستسند الى الحزب التقدمي واللقاء الديموقراطي، فيما اكدت المعلومات ما هو مؤكد وعلى لسان الرئيس بري امس امام نواب لقاء الاربعاء، «بأن حقيبة الصحة حُسمت لـ»حزب الله» «خلال جلسة لثلاث دقائق بينه وبين الحريري»، وهو ما أكده أيضاً وزير «حزب الله» في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش لقناة «المنار»، من ان الحزب سيشغل وزارة الصحة كوزارة خدماتية أساسية، بينما ترددت معلومات عن رغبة «القوات» الاحتفاظ بالصحة، لكن بقي الخلاف قائماً حول بعض الحقائب الخدماتية الأخرى كالاشغال التي يتنازع عليها الحزب التقدمي و«التيار الوطني الحر»، وحول حقيبة التربية التي لم تتشجع لها «القوات» ولا يزال يريدها التقدمي. كما ان المعلومات افادت عن عدم حماسة «القوات» لحقيبة الثقافة، وقبولها ببقاء حقيبة الشؤون الاجتماعية لها.
وذكرت معلومات اخرى، ان حقيبة الأشغال قد تؤول الى «حزب الله»، مقابل حصول تيار «المردة» على حقيبة الصحة، وان التيار الحر لا يمانع بذلك حتى لا يضطر الى الاستغناء عن حقيبة الاتصالات او الطاقة التي يطالب بها «المردة» كبديل عن الاشغال اذا ذهبت الى حصة التيار..
وفي كل الاحوال، فإن المعلومات والمؤشرات تدل على ان تشكيل الحكومة بات قريبا وقبل نهاية هذا الشهر، لأكثر من سبب داخلي وخارجي ضاغط، اهمها ما ذكرته مصادرنيابية مطلعة بأن الرئيس الحريري بات مستعجلاعلى التشكيل قبل فرض العقوبات الجديدة على ايران وبالتالي على «حزب الله» في الثالث من الشهر المقبل، وهو امر يعرقل التشكيل اكثر، كما ان الرئيس ميشال عون بات مستعجلا على تشكيل الحكومة للسبب ذاته ولأسباب اخرى تتعلق بنيّته تحقيق انطلاقة جديدة للعهد.
وذكرت مصادر قيادية في «القوات اللبنانية» ل «اللواء»: ان المفاوضات استؤنفت على قدم وساق منذ ليل امس الاول، ونحن على تواصل دائم مع الرئيس المكلف، لكننا نتحفظ على الاعلان عن تفاصيل هذه المفاوضات، ولن نعلق على اي كلام يتعلق بالحقائب التي نريدها او ما هي طبيعة المفاوضات، اوحول مكمن العقد.
وعما اذا كانت المفاوضات معقدة ام سهلة وهل ستطول؟ قالت المصادر: كل ما نقوله ان المفاوضات قائمة ومستمرة وهي طبيعية وليست معقدة، بانتظار ان نرى كيف ستتطور فصولها. وهناك دينامية جديدة وفعالة في المفاوضات نأمل ان تترجم بالشكل المطلوب، والعمل يجري بظل حيوية سياسية نرجو ان تتفعل.
مصادر التيار
اما مصادر تكتل «لبنان القوي»، فقد أكدت من جهتها لـ«اللواء» بأن الوضع الحكومي متجه نحو التفاؤل، رغم اعتبارها بأنه لا يزال حذراً، وأملت انه مع عودة الرئيس عون من يريفان التي وصلها أمس، تكون العقد قد حلت لكي يتم تشكيل الحكومة.
وشددت هذه المصادر بأن التنازلات التي يتحدثون عنها، يجب ان تأتي من غير التيار، وخصوصاً من قبل «من ينفخ نفسه أكثر من حجمه»، في إشارة إلى «القوات»، لكنها تؤكد في الوقت عينه بأن للتيار بعض «الثوابت الوزارية» ومنها وزارات الخارجية والعدل والدفاع ونيابة رئاسة الحكومة للتيار وللرئيس عون، نافية أن يكون أحد قد تحدث مع التكتل بحسم هذا الموقع إلى «القوات اللبنانية».
وفي اعتقاد المصادر نفسها، ان الحزب الاشتراكي يخطو خطوات باتجاه تقديم تنازلات في موضوع التمثيل الدرزي، ويبقى ان تقوم «القوات» بالخطوات المطلوبة منها، خصوصاً وانها ترفع من مطالبها حيناً وتتخلى عن بعض هذه المطالب حيناً آخر، ولكن في النتيجة نحن ننتظر ما سيقدمه الرئيس المكلف الذي سيحسم هذا الملف.
وتختم بقولها بأن «المعطيات الموجودة لديها تقول بأن هناك تفاؤلاً، ومن غير الضروري الالتزام بفترة الأيام العشرة التي تحدث عنها الرئيس المكلف، لكن بالتأكيد انه قبل نهاية الشهر سيكون لدى لبنان حكومة جديدة».
سجال جنبلاط – أرسلان
إلى ذلك، خلفت حدة السجال التي ارتفعت وتيرته أمس، بين جنبلاط وارسلان قبل ان يتطور الى الحزبين اللدودين، انطباعاً لدى المعنيين بأن العقدة الدرزية ما تزال على حالها، على عكس الكلام الذي قيل في اليومين الماضيين عن ظهور بوادر حلحلة.
وبدأ هذا السجال، انطلاقاً من تغريدة أرسلان بالموافقة على ترشح خمسة أسماء للمقعد الدرزي الثالث لكي يختار أحدهم الرئيس عون بالتعاون مع الرئيس برّي، إذ علق جنبلاط محذراً من ان يفسّر البعض دعوته إلى التسوية بأنها «تنازل عن الثوابت».
واضاف في تغريدة على تويتر: «على هذا لن نقبل بأحصنة طروادة جديدة في الوزارة المقبلة. يكفي الموجود والمتحكم على حساب الكفاءة والانتاجية والاصلاح. ان هذا التوضيح ضروري لاسكات اصوات النشاز ونعيق البوم».
وبعد دقائق حذف جنبلاط التغريدة واستبدلها بأخرى اقل حدة، بعدما شطب منها عبارة «أسكات أصوات النشاز ونعيق البوم».
وكتب طلال ارسلان عبر حسابه على «تويتر» قائلا، ردا على تغريدة جنبلاط: «نؤيد الدعوة الى تسوية من دون التنازل عن الثوابت وعدم القبول بأحصنة طروادة تعطي العهد وما يمثل من طرف اللسان حلاوة وتروغ منه كما يروغ الثعلب».
ورد مصدر مسؤول في «التقدمي» على ارسلان بالقول: نذكره بضرورة تسليم أمين السوقي!(المتهم بجريمة قتل عنصر الدفاع المدني في الشويفات).
ثم ردّ مصدر قيادي في الحزب الديمقراطي اللبناني، داعياًَ جنبلاط إلى اقفال الزنزانة رقم 3 في المختارة، متسائلاً: «كم من خاشقجي زارها». (راجع التفاصيل ص 2).
وترددت معلومات ان أحد الشخصيات الثلاثة: مروان خير الدين، عباس الحلبي، وزياد أنور الخليل، سيكون الدرزي الثالث.
سلفة الفيول
حياتياً، سلكت سلفة تمويل الفيول طريقها السياسي والقانوني بين التيار وعين التينة، من خلال الاجتماع الذي جمع الرئيس برّي مع وزير الطاقة سيزار أبي خليل والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير في حضور وزير المال علي حسن خليل.
وشرح أبي خليل لبري في هذا الاجتماع ما يعترض قطاع الكهرباء من معوقات في ظل ارتفاع سعر البترول عالمياً، وجرى الاتفاق على عدّة خطوات ستتم متابعتها في مجلس النواب مع الوزير خليل الذي أكّد ان فتح اي اعتماد يحتاج إلى قانون، وان سلفة الخزينة تأخذ مجراها وفق الأصول في البرلمان، علماً أن أبي خليل أعلن ان مرسوم السلفة سيصدر بعد ان وقعه الرئيسان عون والحريري، لكنه يحتاج إلى متابعة في مجلس النواب.
التضامن مع «سيدة الجبل»
وسط هذه التطورات، تحول اللقاء التضامني الحاشد الذي استضافه «بيت الكتائب» المركزي في الصيفي مع «لقاء سيّدة الجبل» إلى تظاهرة وطنية، رفضاً للقمع وتمسكاً بالحريات العامة، أكّد خلاله النائب السابق فارس سعيد، ان الخلوة المقبلة للقاء ستعقد الأحد المقبل في فندق روتانا، بعد ان اعتذر فندق «البريستول» عن استضافته في الأسبوع الماضي، بناءً لضغوط وتدخلات من جهات باتت معروفة، وسبق ان أعلنت عن نفسها، وأكد سعيد في بيان تلاه باسم المجتمعين انه في معركة الحريات لبنان لا يخسر. في حين أعلن رئيس تحرير «اللواء» الزميل صلاح سلام الذي مثل الرئيس ميشال سليمان في اللقاء التضامني مع وفد من «لقاء الجمهورية» ان الخطر لا يُهدّد الحرية فقط بل الوطن بأكمله، معتبراً ان «لبنان بلا حرية يصبح أشبه بجمهورية الموز».
وأشار سعيد في البيان الختامي الذي تلاه بأن «لقاء سيّدة الجبل» تأسس في أيلول من عام 2000 بالتزامن مع نداء المطارنة الموارنة برئاسة الكاردينال نصر الله صفير، الذي أطلق معركة الحريات في وجه الوصاية السورية، ثم عمل جنباً إلى جنب مع لقاء قرنة شهوان، لافتاً انه لقاء سلمي قانوني ديمقراطي تمويله شفاف وهو نخبوي التوجه والحركة، وغير باحث عن «نياشين» من أحد، مشدداً على ان يتحمل شباب وشابات لبنان مسؤولياتهم في الدفاع عن حرية لبنان واستقلاله من خلال رفع الوصاية الإيرانية عن القرار الوطني دفاعاً عن الدستور وحفاظاً على العيش المشترك. (راجع ص 3)
الأخبار
الأمن العام يوقف 3 من ضباطه!
الجراح يخنق أوجيرو مالياً
باشرت المديرية العامة للأمن العام بتنفيذ حملة لمكافحة الفساد في صفوفها، افتتحتها بتوقيف ثلاثة ضباط ورتيب بشبهة تلقي رشوة من صيارفة. وفيما تستمر التحقيقات معهم، أكّدت مصادر أمنية أن المديرية ستجري حملة تدقيق شاملة بالمشتبه فيهم من عناصرها وضباطها.
أوقف الأمن العام، في إطار حملة أطلقها اللواء عباس إبراهيم لمكافحة الفساد داخل المديرية، 3 ضباط ورتيباً مشتبه فيهم بالتورط في ابتزاز صرّافين وقبض مبالغ مالية منهم مقابل التغطية على مخالفتهم القانون. وعلمت «الأخبار» أن التحقيق مع الموقوفين يجري بإشراف مباشر من اللواء إبراهيم، علماً بأن القضية بدأت منذ ستة أشهر على خلفية حملة الدهم التي نفّذها الأمن العام ضد صرّافين غير شرعيين. وذكرت مصادر أمنية أن قضية الموقوفين، أحدهم رئيس شعبة، مرتبطة بمؤهل أول أوقف منذ أشهر ليعترف بأنه قبض من أحد الصرّافين مبلغ نحو ١٠٠ ألف دولار كرشوة. وقد أُلزِم الرتيب المذكور بإعادة المبلغ إلى الصرّاف، ثم طُرِد من الأمن العام. وقد فُتِح التحقيق مجدداً، بعدما تردد أن أحد الصرّافين ذكر أنه دفع مبالغ مالية للموقوفين. ولفت مسؤول أمني إلى أن التحقيقات تشير إلى أن واحداً من الموقوفين الأربعة قد يكون بريئاً من الشبهة، وأن التحقيق مع الآخرين مستمر لحسم وجهة كل منهم: الإحالة على القضاء وإنزال العقوبات المسلكية فيه داخل المديرية، أو إطلاق سراحه وإعادته إلى عمله في حال ثبوت براءته. وأكّدت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن حملة مكافحة الفساد في المديرية فُتحت، وستشمل التدقيق في كل المشتبه فيهم، وستُنزَل عقوبات قاسية بحق كل من يثبت ارتكابه للمخالفات أو تورطه في ملفات فساد.
تفاؤل الحريري يتعثر
حكومياً، لم يتأخر الوقت قبل أن يصطدم أمل الرئيس سعد الحريري بإنجاز الحكومة خلال عشرة أيام بالحائط، فتعود مسألة التأليف إلى المربع الأول، ربطاً باستمرار الخلاف على الأحجام والحقائب، وخاصة بين التيار الوطني الحر والقوات. ولما كان الحريري قد بنى تفاؤله على نتائج لقائه برئيس الجمهورية، الذي لمّح إلى موافقته على التنازل عن نيابة رئاسة الحكومة لحساب القوات، عاد هذا المسار ليتعرقل، ربطاً برفض القوات الاكتفاء بالحصول على نيابة الرئيس من دون حقيبة، وإصرارها في المقابل، على حصولها على حصة من أربعة وزراء بحقائب، أحدهم يكون نائباً لرئيس الحكومة. وأكثر من ذلك، فقد أصرت القوات على الحصول على حقيبة العدل، التي يتمسك بها رئيس الجمهورية أيضاً.
وفيما تردد أن باسيل عاد أيضاً إلى التمسك بحقيبة لطلال أرسلان، نفت مصادر الحزب الاشتراكي ذلك، مؤكدة أن العقدة المسيحية هي التي أطاحت التفاؤل الذي تحدث عنه الحريري. مع ذلك، فقد بدا واضحاً أن العقدة الدرزية لم تذهب في طريق الحل، خاصة أن التباين ما زال قائماً بشأن الوزير الدرزي الثالث، الذي يريده النائب السابق وليد جنبلاط شخصية وسطية يُتَّفَق عليها مع رئيس الجمهورية، والذي يصرّ النائب طلال أرسلان على أن يسميه هو.
وبعد أن قال عضو اللقاء الديموقراطي النائب أكرم شهيب من عين التينة: «عندما يصبح الكل جاهزاً لتقديم تنازلات لولادة الحكومة يحكوا معنا»، غرد جنبلاط مشيراً إلى أن «الدعوة الى التسوية مطلوبة من جميع الفرقاء، لكن حذارِ أن يُفسّرها البعض، أياً كان، أنها تنازل عن الثوابت، وعلى هذا لن نقبل بأحصنة طروادة جديدة في الوزارة المقبلة». وأضاف: «يكفي الموجود والمتحكم على حساب الكفاءة والإنتاجية والإصلاح»، لافتاً إلى أن «هذا التوضيح ضروري لإسكات أصوات النشاز ونعيق البوم». ولم يتأخر أرسلان بالرد، إذ أشار عبر تويتر أيضاً إلى أنه «نؤيد الدعوة إلى تسوية من دون التنازل عن الثوابت وعدم القبول بأحصنة طروادة تعطي العهد وما يمثل من طرف اللسان حلاوة وتروغ منه كما يروغ الثعلب».
من جهته، لم يَنسَق الرئيس نبيه بري في الأجواء الإيجابية التي بثها الحريري، فقال: «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، مضيفاً أن هناك «حركة ناشطة اليوم، والبعض يتحدث عن أجواء إيجابية واعدة». كذلك كرر التحذير من مخاطر تأخير التشكيل، مشيراً إلى أنه «آن الاوان لكي يتحمل الجميع مسؤولياتهم من أجل حسم موضوع الحكومة»، داعياً إلى «تواضع كل الأطراف في التعامل مع عملية التشكيل». وفي إطار تأكيده فصل العمل التشريعي عن مسار تشكيل الحكومة، أعلن أن المجلس «سيستمر بتحمل مسؤولياته والقيام بدوره، وسيكون هناك جلسة تشريعية قبل نهاية هذا الشهر». وفي سياق متصل، دعا بري إلى عقد جلسة عامة يوم الثلاثاء المقبل لانتخاب أمينَي سر وثلاثة مفوضين أعضاء هيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان النيابية.
اجتماع كهربائي
وعلى صعيد آخر، استقبل بري وزير الطاقة سيزار أبي خليل والمدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، بحضور الوزير علي حسن خليل، حيث جرى التباحث في السبل القانونية لتغطية العجز في موازنة كهرباء لبنان، وسبل تغطية فارق أسعار الفيول.
وأعلن أبي خليل بعد الجلسة أنه «اتُّفق على خطوات سنتابعها مع وزير المال وفي مجلس النواب مع أمين سر تكتل نواب لبنان القوي ابراهيم كنعان، لكي نؤمن الفيول اللازم حتى آخر السنة من أجل أن نؤمن التيار الكهربائي ولا نلجأ إلى التقنين، ومن أجل استمرار الخدمة الكهربائية كما هي، في ظل ارتفاع أسعار البترول، وفي ظل زيادة القدرة الإنتاجية للكهرباء».
وأوضح وزير الطاقة أنه سبق أن وقع ووزير المال ورئيسي الحكومة والجمهورية على مرسوم سلفة خزينة للكهرباء (بقيمة 640 مليار ليرة)، مشيراً إلى أنه «نحن في إطار متابعة هذا الأمر في مجلس النواب لكي يأخذ الشكل القانوني وفق الأصول المرعية الإجراء» (يتطلب السير بالمرسوم تأمين الاعتمادات اللازمة من قبل مجلس النواب).
الجراح يخنق أوجيرو مالياً
تغرق هيئة أوجيرو بالتوظيفات السياسية بناء على طلب قوى السلطة وعلى رأسهم وزير الوصاية جمال الجراح الذي فرض تعيين مستشارين لتنفيعهم ببدلات مالية مرتفعة. ولم يكتف الجراح بذلك، بل عمد إلى حجز أموال الصيانة، والمماطلة في تسديد مساهمة الوزارة للرواتب والأجور. هذه الممارسات رتّبت هدراً مالياً في ميزانية أوجيرو، وقصوراً في أعمال الصيانة قد يصل إلى مرحلة التوقف التام (مقال محمد وهبة).
في الأسبوع الماضي صدر قرار عن هيئة أوجيرو يمنع المياومين من العمل ساعات إضافية عن الدوام العادي، أسوة بالمستخدمين فيها. بحسب مصادر مطلعة، جاء هذا القرار لضبط آلية الساعات الإضافية بعد «تضخم بشري» في الهيئة ناتج من التوظيف السياسي بناء على طلب القوى السياسية، يضاف إلى فلتان طائفي/ سياسي في توزيع الساعات الإضافية بين الرؤساء والمرؤوسين، وستليه قرارات أخرى تتعلق بإعادة توزيع السيارات وبطاقات الوقود والهاتف الخلوي على الإداريين والموظفين.
ليست هيئة أوجيرو المؤسسة الوحيدة التي أفسدتها الزبائنية السياسية وأغرقتها في هدر مالي وفوضى إدارية، وإنما هي المثال الأكثر وضوحاً خلال فترة ما بعد نهاية النزاع بين وزراء الاتصالات المتعاقبين والرئيس السابق للهيئة عبد المنعم يوسف. ففيما تحرّرت الهيئة من استغلال يوسف للهيئة ونقابتها وموظفيها للضغط على وزراء الاتصالات الذين أتوا من خارج سربه السياسي، ومن استغلال وزراء الاتصالات صلاحياتهم في محاولة لإخضاع يوسف، انطلق عهد جديد من الزبائنية في الهيئة بقيادة وزير الاتصالات جمال الجراح.
كانت الانتخابيات النيابية الأخيرة هي الهدف الأول. الجراح افتتح الموسم الانتخابي مطالباً بتعيين موظفين من ضمن منطقته الانتخابية في البقاع الغربي. ثم رفع من وتيرة طلباته فارضاً تعيين أكثر من سبعة مستشارين في الهيئة هم في الواقع يعملون في هيئة المالكين المسؤولة عن الهاتف الخلوي وفي مديرية الاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات. وحذت الأحزاب والقوى السياسية حذو الجراح، فأعدّت لوائح بأسماء عشرات المرشحين للتوظيف وتمكنت من فرضها على الهيئة.
التوظيف في الهيئة كان حاجة مبنية على دراسة للهيكل البشري أظهرت أن معدل الأعمار فيها ارتفع إلى 54 سنة، وأن هناك وظائف غير مشغولة عددها 900 وظيفة. لوائح القوى السياسية فاقت هذا العدد. لجأت الهيئة إلى عملية اختيار صعبة، إلا أنها لم تتمكن من التوفيق بين حاجاتها وبين طلبات السياسيين التي انطوت على خيارات طائفية أيضاً. لاحقاً تبيّن أن 30% من المعيَّنين حديثاً هم عبء على الهيئة. كذلك أظهرت بعض الإحصاءات أن هناك 7 آلاف ساعة إضافية جرى نقلها من 200 عامل في الهيئة إلى 170 من زملائهم الذي يتبعون لطائفة وقوى سياسية مختلفة، وأن هناك 33 ألف ساعة إضافية يتم توزيعها على العاملين وفق اعتبارات خاصة برؤساء الأقسام والمدراء الإداريين ومرؤوسيهم وهي لا تغطّي، بنسبة كبيرة منها، حاجات المؤسسة. أما توزيع السيارات وبطاقات المحروقات والهواتف الخلوية على العاملين فكان يحمل الصبغة نفسها. لدى الهيئة أكثر من 1500 سيارة موزّعة على ألفي عامل فيها. كلفة هذه السيارات تبلغ 7 مليون دولار سنوياً (غالبية السيارات تستخدم يومي السبت والأحد على رغم أن غالبية العاملين في عطلة). أما كلفة الاتصالات الهاتفية في الهيئة فهي تبلغ ملياري ليرة سنوياً من دون أي مبرّر فعلي لإنفاق مثل هذا المبلغ.
في هذا الوقت كان الجراح يعد مشاريع مختلفة لأوجيرو. فالهيئة كانت تحصل على الرواتب والأجور للعاملين فيها عبر مساهمة من وزارة الاتصالات بقيمة 175 مليار ليرة، وتجري تغطية الإنفاق الاستثماري من خلال فواتير تقدمها الهيئة للوزارة. هذا الوضع لم يكن نهائياً، بل كان مؤقتاً ريثما يوقع الطرفان عقداً شاملاً بينهما بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 أيار 2018 بالاستناد إلى كتاب وزير الاتصالات رقم 5901/1 المرفوع إلى مجلس الوزراء في 28/12/2017.
حتى اليوم لم ينته إعداد العقد بين الطرفين. لكن الوزير يرفض أن يسدّد للهيئة 160 مليار ليرة متأخرة تندرج في إطار الإنفاق الاستثماري من بينها نحو 30 مليار ليرة تعود لـ«حقوق الغير» (أي مؤسسات وأفراد من خارج الهيئة). مصادر مطلعة قالت إن الهيئة لم تحصل على أي قرش من الوزارة في إطار النفقات الاستثمارية منذ سنتين، بل كانت تنفق بعض الأموال المتوافرة لديها في المصارف ومن الأرصدة المدورة في ميزانيتها عن الأعوام السابقة لعام 2015.
الهيئة طالبت الوزير بتسديد الأموال، إلا أنه لم يستجب لمطالبتها بحجّة أن مشروع العقد يشير إلى تسديد الأموال على أربع دفعات متهماً أوجيرو بالتقصير في إنجاز أعمال الصيانة.
الهيئة ذكّرته بأن مشروع العقد ليس سارياً بعد، وأنه طلب منها في كانون الثاني 2018 الاستمرار بتنفيذ الأعمال وخدمات الصيانة والتشغيل والتوسعة بناء على العقد السابق الموقع بين الطرفين في مطلع عام 2016 في انتظار انتهاء الإجراءات المتعلقة بالعقد الجديد.
مراسلات المطالبة والاتهامات بالتقصير امتدت بين الطرفين لأشهر، فيما مشروع العقد الجديد تأخّر سنتين عن موعده بين وزارة الاتصالات وديوان المحاسبة. أما تأخّر تسديد الأموال، فقد أدى إلى إضعاف قدرة أوجيرو على القيام بأعمال الصيانة بكاملها وقد يصل إلى حدود التوقف القسري عنها.
لم يكن هذا كلّ ما قام به الجراح من محاولات لإخضاع أوجيرو، بل تمكّن من تأخير تسديد مساهمة الوزارة للرواتب والأجور أكثر من أربعة أشهر، ما رتّب أعباء مالية أكبر على ميزانية الهيئة.
الحريري (لم) يوقّع مرسوم الخارجية؟
منذ حزيران الماضي، وصل إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروع مرسوم تعيين 25 فائزاً في مباراة السلك الدبلوماسي، دورة 2017 – 2018، لملء المراكز الشاغرة في وظائف الفئة الثالثة. المرسوم وقّعه وزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المالية علي حسن خليل، الذي نقل اعتمادات تغطية رواتب الناجحين إلى «الخارجية»، قبل دخول الحكومة مرحلة تصريف أعمال. عدد من الناجحين في المباراة يؤكد أنّ المرسوم لا يزال عالقاً لدى رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، «تارة بحجة عدم التوازن الطائفي بين الناجحين، وطوراً بحجة عدم توقيع الحريري لأي مرسوم خلال فترة تصريف الأعمال»، وذلك على الرغم من قول الحريري في مقابلته مع «Mtv» الخميس الماضي إنّه وقّع كلّ مراسيم التعيينات. في وزارة الخارجية هناك من ينقل عن مصادر الحريري أنّه «وقَّع المرسوم، الذي لا يزال بانتظار توقيع رئيس الجمهورية. لكن المعلومات لا تزال متضاربة، وهناك احتمال أن لا يكون المرسوم قد وُقع بعد».