بينما بقيت أبواب الوساطات لتشكيل الحكومة مفتوحة، نفذ العدو "الإسرائيلي" اعتداءً جديداً على السيادة الوطنية يوم أمس. فقد اجتازت قوة معادية السياج التقني لبوابة بلدة الغجر المحتلة، وتقدمت نزولاً نحو الضفة الشرقية لنهر الوزاني مقابل المنتزهات. ثم قامت بأعمال تفتيش في حوض النهر، تحت حماية قوات كبيرة من جيش العدو، تمركزت على تلة مشرفة على المكان. وغير بعيد عن هذا الموقع الحدودي، استنفر جيش العدوان بعد تثبيت شبان لبنانيون العلم الفلسطيني في الجانب اللبناني من خط الحدود على رصيف طريق بلدة كفركلا. وقد حضرت فوراً دورية أمنية للتحقيق، ودورية من قوات الأمم المتحدة/ "يونيفيل". كما ظهر فريق من مراقبي الهدنة الدوليين من ناحية حدود فلسطين المحتلة.
الأخبار
«سنّة 8 آذار»: لا وزير إلا من بيننا
مصالحة بكركي: عجيبة باسيل الأولى!
بالرغم من أن الأبواب تُركت مفتوحة من قِبل كل من رئيس الحكومة المكلف وحزب الله، إلا أن المراوحة بقيت سيدة الموقف أمس في ما يخص إيجاد حل لأزمة توزير سنّة 8 آذار. لا تقدم ولا أفكار يتم تداولها بشأن الحل المنتظر للعقدة الأخيرة في وجه تأليف الحكومة. المعنيون بالمسألة، أي نواب اللقاء التشاوري، لم يتلقّوا في اليومين الماضيين أي اتصال من المعنيين بتأليف الحكومة، منذ اللقاء الذي جمع باسيل بالنائب فيصل كرامي في المجلس النيابي يوم الاثنين الماضي. حينذاك، أشار باسيل إلى أن الحريري مصرّ على موقفه، داعياً إلى تقديم تنازل من قبلهم، فكان رد كرامي: لا نملك شيئاً لنتنازل عنه ولا حل إلا بتوزير أحد أعضاء اللقاء. ويوم أمس، كان موقف اللقاء لا يزال على ما أبلغه كرامي لباسيل: الوزير منّا!
وبالرغم من سعي باسيل لإيجاد حل لهذه العقدة، مكلفاً من رئيس الجمهورية، في ظل تحصّن الحريري خلف موقفه العلني الرافض لتوزير أي من هؤلاء، فإن وزير الخارجية المتنقّل بين كليمنصو ودار الفتوى، لم يدخل بعد في نقاش أي مخرج مع المعنيين به مباشرة. وهو ما يعني أن الحلول لا تزال بعيدة، إذ لا أحد يملك الكلمة الفصل بالنيابة عن هؤلاء، ومن يملك الحل عليه أن يناقشه معهم.
مع ذلك، فقد أعاد الرئيس نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء، التأكيد أن «كلام سماحة السيد حسن نصر الله ترك الباب مفتوحاً للحل، وكذلك فعل الرئيس سعد الحريري في مؤتمره الصحافي». وقال بري إنه أبلغ الوزير جبران باسيل موقفه من الأفكار التي يمكن أن يبنى عليها»، آملاً «أن تنجح الجهود والمساعي لتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، للضرورات الوطنية على المستويات كافة».
وحده الرئيس سعد الحريري، قال كلمته ثم نأى بنفسه، معتكفاً عن لقاء النواب المعترضين.
إلى ذلك، قال باسيل، بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان، إنه طلب مساعدته لتوفير الجو اللازم في البلد، والخروج من أجواء التحدي والذهاب إلى حوار عقلاني لحل المشكلة». أضاف: «اليوم، كل فريق حكى كلمته ورفع السقف، ولكن مع إعلاء السقف أرى أن الباب يكبر ويعلو، وهكذا يصير الحل متاحاً أكثر، وكلي تفاؤل بأننا داخلون الى مرحلة نتكلم فيها بين جدران أربعة، ونبحث عن حل مبني على العدالة وصحة التمثيل والوفاق الوطني، ولا يكون فيها غبن لأحد، ولا إكراه ولا فرض، بل فيها المنطق السياسي وصحة التمثيل، وهذا أساس تشكيلها، وهذه الحكومة لها رئيس». وتابع قائلاً: «نحن نريد حكومة قوية، من أجل ذلك نريد رئيس حكومة قوياً، هذا مطلبنا، ولا نقبل إلا أن يكون رئيس حكومتنا قوياً، لأنه إذا لم يكن كذلك فكلنا معاً نكون ضعفاء، حكومتنا تكون ضعيفة، وبلدنا ضعيفاً، وكذلك العهد وفخامة الرئيس».
مصالحة بكركي: عجيبة باسيل الأولى!
لا سياق زمنياً أو سياسياً واضحاً لمصالحة بكركي أمس بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. فرنجية سيبقى حليفاً للمقاومة، وسوريا وجعجع ذراعاً سعوديةً في لبنان. لم يجمعهما شيء سوى النكاية برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل
كان لا بدّ لرئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، من أن يحصل على عفو من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لكي تكتمل فصول «تطهيره»، ولن تكتمل. فلا العفو العام الصادر عام 2005 في ظرف سياسي معين، ولا «إعلان النيات» بين التيار الوطني الحر والقوات في معراب نكاية بسليمان فرنجية وقتها، تمكّنا من مسح الدم عن يدي جعجع، وطي صفحة جرائم كانت جزءاً لا يتجزأ من نهج إسرائيلي في لبنان.
سليمان فرنجية سامح أمس، لكنّه لم يبرِّئ. فجريمة إهدن، وإن كان أولياء الدم قد صفحوا عن حقّهم الشخصي، وهذا موقف أخلاقي وإنساني كبير، فإنها أتت في سياق سياسي تاريخي، هدفه تصفية المسيحيين المشرقيين الوطنيين في لبنان، لحساب تفرّد فئة تدعمها إسرائيل في الساحة المسيحية. وكان مقدّراً لهذا المشروع أن يكون الحجر الأساس لإسرائيل الكبرى على شرق المتوسط.
يتوق اللبنانيون إلى المصالحات، أي مصالحة، تطمر صفحة الحرب وتضع فاصلاً بين الذاكرة بمعناها الوجداني، والتاريخ بمعناه السياسي. لكنّ هذه المصالحة وغيرها، مهما اكتملت ظروفها وعناصرها، تبقى منقوصة. فهي ليست نتاج حرب أهلية فحسب، يضطر معها المجتمع المتضرر إلى طمر الذاكرة على عللها حرصاً على المستقبل. بل هي نتاج صراع بين نظرتين لمستقبل لبنان ودوره، واحدة انتصرت وأخرى سقطت سقوطاً مدوياً، أولاً مع موت بشير الجميل وبعده إسقاط 17 أيار، ثمّ في الطائف الذي حسم الصديق من العدو، لتكتمل الصورة في عام 2000، مع تحرير الجنوب اللبناني.
أمّا لماذا الآن؟ في المصالحة الوجدانية وفي السياسة، فلا جواب حاسماً. المصالحة على مجزرة إهدن، حصلت مع آل الجميل، المسؤولين المباشرين عن القرار الذي نفّذه جعجع. كما سبق أن اجتمع جعجع وفرنجية على طاولة بكركي مرتين في لقاء الأقطاب الأربعة الشهير. ولا ثأر يتهدّد الشمال بين أنصار الفريقين، فالأبواب بين أهالي زغرتا وأهالي بشري ليست موصدة، باستثناء باب واحد، هو باب بيت فرنجية على جعجع، الذي يفتح بابه للجميع، لتجميع أوراق القوة وتدعيم العفو القضائي ــــ السياسي بصفحٍ إضافي.
أمّا في السياسة، فجعجع بعدما أخرجه عون في اتفاق معراب، لغاية في نفس الرئاسة، من وحل ذاكرة الحرب وقتل ضباط الجيش وقصف المدنيين، والخوات وممارسات القوات في الساحة المسيحية، عاد وأوقع نفسه في وحل محمد بن سلمان، الساقط عالمياً في الإعلام والسياسة. أي يد تمتد لتنشل جعجع يد مقدّسة بالنسبة إليه، فكيف إذا كانت يد سليمان فرنجية. لا يمكن لفرنجية أن يصدّق، أن جعجع، الذي ذهب إلى حضن ميشال عون نكاية فيه، قد يؤيّده، يوماً ما، رئيساً للجمهورية. لكن بإمكان جعجع، أن يجيّر عفو آل فرنجية عنه، لحساب إسقاط الفيتوات التي قد تعترض طريقه إلى الرئاسة، أو هكذا يظنّ.
يبدو الجواب الأقرب إلى المنطق، عن التوقيت والشكل، هو أن فرنجية، الذي باعدت بينه وبين الرئيس ميشال عون محاولات الأخير توريث الوزير جبران باسيل كرسي رئاسة الجمهورية باكراً، لم يجد غير جعجع لتشكيل توازن على الساحة المسيحية مع الحالة العونية. ربّما، يطمح فرنجية بعد سنوات، حين سيحاول باسيل القول إنه وحيداً يمثّل المسيحيين، أن يضع في وجهه نصف المسيحيين الموارنة، في الشمال تحديداً وامتداداتهم إلى جبل لبنان، ضد هذا الخيار. لا شيء محسوماً سوى أن جعجع سيبقى ذراع السعودية في لبنان، وفرنجية حليف المقاومة وسوريا. هذا ليس تحالفاً، بل «صلحة»، عرّابها جبران باسيل، الذي من دون أن يصير قديساً، كانت صلحة بكركي أمس أولى عجائبه.
وكانت بكركي، أمس، قد رعت لقاءً بين فرنجية، وجعجع الذي حضر إلى الصرح البطريركي مع نواب القوات الشماليين، والنائب الكسرواني شوقي الدكاش (ربطاً بحصول اللقاء في بكركي، ولأن فرنجية ضمّ إلى وفده النائب فريد الخازن)، وانتظر وصول فرنجية مع وفد تيار المردة، قبل أن تعقد خلوة بين الزعيمين بحضور البطريرك الراعي. وبعد الخلوة، قرأ المطران جوزف نفاع بيان اللقاء، ذكر فيه بنود وثيقة المصالحة بين الطرفين، أبرزها أن «اللقاء ينطلق من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وبثوابته السياسية».
البناء
موقع بريطاني: ولي العهد السعودي أقنع نتنياهو بحرب على غزة… وربما يكون موّلها
حكومة نتنياهو تترنّح تحت ضربات المقاومة… وليبرمان خارج الحكم
مصالحة فرنجية جعجع تخلط الأوراق في الساحة المسيحية… وتُنهي اتفاق معراب
مع نهاية الحرب الفاشلة على غزة بوقف للنار كرّس اليد العليا للمقاومة وأظهر قدرتها على الردع، بدأت التداعيات بالظهور على حكومة بنيامين نتنياهو بإعلان استقالة وزير حربه أفيغدور ليبرمان، الذي وصف وقف النار بالاستسلام، بينما وصفه رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بالهزيمة الشنيعة، وخرجت وزيرة الهجرة الإسرائيلية صوفا لندفير باستقالتها، وبدأت داخل الكيان ونخبه العسكرية والسياسية نقاشات علنية حول الخيارات الصعبة التي يواجهها الكيان في التحدي مع غزة، حيث يسلّم الجميع بأن الحرب باتت مخاطرة كبرى، واستعادة قدرة الردع أو رفع جهوزية القبة الحديدة، باتا من الخيارات الوهمية، والتعايش مع معادلة غزة القوية ليست في نطاق قدرة أي حكومة في كيان الاحتلال، لتضاف معضلة الاستعصاء في غزة إلى معضلة العجز أمام جبهتي لبنان وسورية.
الجديد الذي كشفه موقع ميدل إيست آي البريطاني كان حول دور ولي العهد السعودي في التحريض على حرب غزة وربّما تمويلها، أثار الكثير من الاهتمام في الأوساط الغربية التي أجمعت على اعتبار التصعيد الإسرائيلي غير مفهوم وتساءلت عن أسباب التورط في حرب في هذا التوقيت السيئ لـ«إسرائيل». وأوضحت مصادر الموقع نفسه أن مجموعة عمل أنشئت في السعودية اقترحت شن حرب على غزة ضمن حزمة إجراءات وسيناريوهات لمواجهة الأضرار التي تسببت فيها التسريبات التركية بشأن اغتيال الخاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. وتتكوّن مجموعة العمل من مسؤولين داخل الديوان الملكي السعودي ووزارتي الخارجية والدفاع والاستخبارات، وتقدّم هذه المجموعة تقريراً لولي العهد السعودي كل ست ساعات، وقد اقترحت هذه المجموعة على محمد بن سلمان أن شنّ حرب في غزة سيصرف انتباه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويُعيد للواجهة تعويل أميركا على دور الرياض في حماية المصالح الاستراتيجية لتل أبيب.
لبنانياً، كان الحدث في بكركي مع تواصل الجمود على المسار الحكومي رغم الإشارات التي تتحدّث عن اتصالات لم تتوقف، أو عن مساعٍ لتدوير الزوايا والبحث عن مخارج، فكان اجتماع رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع برعاية البطريرك بشارة الراعي مصدر اهتمام داخلي وخارجي، باعتباره خلطاً للأوراق السياسية في الساحة المسيحية، يتخطّى المفاعيل المعلنة لطي صفحة الحرب، باتجاه تشكيل جبهة مسيحية في مواجهة التيار الوطني الحر، والاحتمالات المفتوحة لهذا الحدث على القراءات والحسابات الخاصة برئاسة الجمهورية وبينما ركّز فرنجية وأركان المردة على الطابع الوطني لا السياسي للمصالحة، أشار رئيس القوات إلى أن المصالحة تختلف عن مصالحة التيار الوطني الحر، مشيراً ضمناً إلى سقوط اتفاق معراب واعتبار المصالحة مع المردة خطوة راسخة 100 بينما المصالحة مع التيار الوطني الحر تتراجع.
فرنجية بعد المصالحة: لسنا ضدّ «التيار» ولن نخرج عن الثوابت
حجبت المصالحة بين رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الأضواء عن العقدة الحكومية السنية. فرغم تفعيل الحراك السياسي الذي يقوده رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل الذي حطّ أمس، في دار الفتوى واجتمع بمفتي الجمهورية الشيخ عبد الطيف دريان لمدة ساعة ونصف الساعة، إلا أن لا حلول في الأفق حتى الساعة.
أما الحدث فكان في الصرح البطريركي الذي رعى المصافحة والمصالحة بين فرنجية وجعجع بعد 40 عاماً على مجزرة إهدن، ففي حين نفى الطرفين وجود أهداف سياسية للمصالحة، وأنها تصبّ في مصلحة المسيحيين ولبنان، اعتبرت مصادر مسيحية مطلعة المصالحة بأنها حاجة للمسيحيين وطوت صفحة أليمة ودموية بين الطرفين، لكنها أشارت لـ«البناء» الى أن «هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام لقاءات سياسية في المرحلة المقبلة بين الجانبين وأن حصول تحالف سياسي بات أسهل من السابق، لكن ليس في المدى المنظور بل البعيد» أما مصادر تيار المردة فتشير لـ«البناء» الى أن «الوزير فرنجية قدّم تنازلاً كبيراً في إجراء هذه المصالحة وهو تنازل منذ زمن عن حقه الشخصي، لكن لم يفعل ذلك للحصول على أثمان سياسية كما فعل الآخرون، لكن ما حصل أمس جاء تتويجاً لخطوة فرنجية التاريخية ونقل المصالحة الى القواعد الحزبية والشعبية وطي صفحة الماضي»، ولفتت لـ«البناء» الى أن «لا مصلحة سياسية لفرنجية في هذه الخطوة بل يمكن أن تكلفه في السياسة فهو تعوّد على دفع ثمن مواقفه السياسية، لكنه يرى بأن الوحدة والمصلحة المسيحية تستحق كل التضحية». وأكدت بأن «فرنجية لن يخرج عن ثوابته وقناعاته السياسية وهو لم يلتزم بأي التزامات سياسية لا نيابية ولا رئاسية ولا حكومية، كما أن المصالحة ليست موجهة ضد التيار الوطني الحر». أما مصادر التيار العوني فأشارت لـ«البناء» الى «أن التيار لا ينظر بريبة الى مصالحة بكركي بل يعتبرها امتداداً طبيعياً لتفاهم معراب بين التيار والقوات الذي شكل نموذجاً بدأناه مع القوات لينسحب اليوم على باقي المكوّنات المسيحية». وفي أول تعليق من التيار غرّد باسيل عبر «تويتر» قالئلاً: «مباركة المصالحة بين تيار المردة والقوات اللبنانية برعاية بكركي وكل مصالحة لبنانية أخرى، فكيف إذا أتت لتختم جرحاً امتد أربعين عاماً ولتستكمل مساراً تصالحياً بدأ مع عودة العماد عام 2005». فيما اعتبرها النائب إبراهيم كنعان «تكريساً لنهج التصالح والتلاقي، لا سيما أننا وقفنا الوقفة نفسها في الثاني من حزيران 2015 وأكملناها في الثامن عشر من كانون الثاني 2016 بلقاء معراب الذي أرسينا فيه التفاهم السياسي». وعلّق رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري على تويتر قائلاً: «المصالحة بين القوات اللبنانية وتيار المردة، صفحة بيضاء تطوي صفحات من الألم والعداء والقلق. نبارك لسليمان بك فرنجية وللدكتور سمير جعجع هذا الحدث الكبير الذي تكلل برعاية البطريرك الراعي».
وكان لقاء عُقد بين جعجع وفرنجية بحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي فكانت مصافحة بعد المصالحة والمصارحة بحضور وفد نيابي ووزاري من الطرفين.
وأكد فرنجية في تصريح بعد لقاء المصالحة أن «اللقاء كان مسيحياً بامتياز ولم نتطرّق للأمور اليومية، بل للأمور الوجدانية ونحن نفتح صفحة جديدة ليست على حساب أحد. وهي بدأت وتابعت بطريقة طبيعية ووجدانية وليس بطريقة طارئة أو ظرفية ونحن نعتبر العلاقة طبيعية والوقت يقرّر ما سيحصل وفي السياسة يمكن أن نتفاهم ويُمكن ألا يحصل ذلك».
ورداً على سؤال «هل أصبح الوصول إلى الرئاسة أسهل بعد المصالحة»، أكد فرنجية أنه «بعد 4 سنوات الله بيعرف شو بدّو يصير»، مشدداً على «اننا لسنا مختلفين مع « التيار الوطني الحر » وعندما يستدعينا رئيس الجمهورية ميشال عون نحن جاهزون».
هل يكون الحلّ عند عون؟
على الصعيد الحكومي، راوحت عقدة رفض الحريري تمثيل معارضيه مكانها، حيث إنّ أطراف العقدة الثلاثة التي سمّاها باسيل لم تخرج عن مواقفها، فالحريري بحسب مصادره كان واضحاً في مؤتمره الصحافي وهو يرفض رفضاً قاطعاً التنازل من حصته السنية لسنّة 8 آذار، لكنه لا يمانع من تمثيلهم من حصة رئيس الجمهورية في إطار الاتفاق مع عون على تبادل وزير سني بآخر ماروني، غير انّ مصادر «البناء» تشير الى أنّ «الرئيس عون سيتنازل من حصته في نهاية الأمر لتسهيل ولادة الحكومة ويُخرج الحريري من الإحراج الذي وقع فيه. وهذا ما ألمح اليه الوزير باسيل منذ أسبوع تقريباً وردّده نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي من عين التينة»، أما سنة اللقاء فرفضوا أيّ مساومة أو حلّ وسطي يقضي بتوزير شخصية سنية من خارج النواب الستة، وأعلن النائب جهاد الصمد في تصريح أنّ «السنة المستقلين غير معنيّين بأيّ خطوة يقوم بها الوزير جبران باسيل من دون أن يتشاور معهم»، وقال: «المشكلة اليوم هي أنّ سنّة 8 آذار يدعمون المقاومة»، ولفت «الى أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري على استعداد لتأليف حكومة مع كلّ من يكون ضدّ هذه المقاومة»، ورأى «انّ اتفاق الرئيس الحريري مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان في تنافس معه سابقاً، جاء بعد خضوعه لشروط تيار المستقبل»، وأوضح «انّ هذا الأمر ليس وارداً لدى النواب السنة المستقلين». وبينما رحّب النائب فيصل كرامي بكلام الحريري انتقد كلام الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي من دون أن يسمّيهما، وقال: «ما يقلقنا هو المزايدات على الحريري بموضوع صلاحيات رئيس الحكومة»، موضحاً أنّ «توزير السنة من خارج تيار المستقبل لا يمسّ بصلاحيات رئيس الحكومة ونحن نريد أن يخرج الحريري من الأزمة».
وقالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«البناء» إنّ «الرئيس عون فوّض الوزير باسيل بإيجاد الحلّ المناسب وأيّ حلّ يصل اليه سيوافق عليه رئيس الجمهورية»، لكنها أكدت بأنّ «رئيس الجمهورية لم يغلق باب الحلّ ومنفتح على الحلول كافة التي يراها مناسبة لكن لا حلّ حتى الآن»، وتشير الى أنّ «العلاقة مع حزب الله جيدة ولم تتأثر بموقف الرئيس عون من تمثيل سنة المعارضة ولا بموقف السيد حسن نصرالله الأخير»، موضحة أن «الرئيس عون على علاقة جيدة بالأطراف كافة»، مؤكدة بأنّ «العقدة ستحلّ وسيكون هناك حكومة في وقت قريب في نهاية المطاف».
وكان باسيل قال بعد اجتماعه مع مفتي الجمهوري عبد اللطيف دريان: «يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية لا يكون فيها إكراه ولا فرض بل صحة تمثيل ونريد رئيس حكومة قويّاً ولا نقبل إلا أن يكون كذلك وكلّ ما يمسّ برئيس الحكومة يمسّ بنا». وأكد أن «الموضوع ليس بصلاحيات الرئيس ولا بالطائف بل هناك مشكلة تمثيل فريق سياسي تحتاج الى معالجة تراعي صحة التمثيل». وأشار الى انه «لدينا قواعد للحل حتى لا يكون عشوائياً واذا اقتنع الجميع بهذه المبادئ فإننا ندخل الى نقاش الأفكار».
بدوره أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء الاربعاء النيابي ان كلام السيد نصرالله ترك الباب مفتوحاً للحل وكذلك فعل الحريري في مؤتمره الصحافي. وقال إنه ابلغ الوزير باسيل موقفه تجاه الافكار التي يمكن أن يبنى عليها، آملاً أن تنجح الجهود والمساعي لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، للضرورات الوطنية على المستويات كافة».
واستغرب وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش «أن تُكال الاتهامات بالتعطيل او بتجاوز الدستور، لمجرد إعلان موقفنا بدعم مطلب نراه محقاً لتكتل نيابي حليف لنا في السياسة وفي نهج المقاومة. خمسة أشهر مضت وقد تم إيجاد حل لأحجام وحصص ومعايير لبعض القوى ولم تُكَلْ لهم مثل هذه الافتراءات. إن المراوحة منذ البداية تثبت ما قلناه من أنها لم تكن مستجدة ولا مفتعلة، وإذا كان هناك موقف مغاير للرئيس المكلف فذلك لا يعني جواز اتهامنا بالتعطيل من البداية»
اللواء
آخر الحروب المسيحية: مصالحة بين فرنجية وجعجع بعد 40 عاماً
باسيل يملأ «فراغ التأليف» والمخرَج: برّي بالتفاهم مع الحريري يسمي الوزير السنّي الثاني
«هندسة التقارب» على الطريقة اللبنانية هي سمة التحرّك المكوكي لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي حط في دار الفتوى أمس، بعد كليمنصو، حيث أوفد النائب السابق وليد جنبلاط مساعده النائب وائل أبو فاعور إلى بيت الوسط للقاء الرئيس سعد الحريري الذي وصف المصالحة بين رئيس «المردة» سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «باليوم الابيض».
بالتزامن كان الرئيس نبيه برّي، وفقاً لنواب «لقاء الأربعاء» يلاحظ في كلام كل من السيّد حسن نصر الله والرئيس المكلف سعد الحريري باباً ترك مفتوحاً للحل.
طروحات الحل!
تتقاطع الاقتراحات المتداولة للتسوية، بتمثيل سني مدعوم من «حزب الله» ويمثل النواب السنة الستة، عند مبادرة مقبولة من الرئيس ميشال عون، تنتظر استكمال الاتصالات التي يجريها باسيل، فيلتقي اليوم النائب السابق محمّد الصفدي والنائب عدنان طرابلسي، ورفع حصيلة عن الاتصالات والاقتراحات، تقضي بأن يتمثل سني كان مخصصاً للتبادل بمسيحي من حصة رئيس الجمهورية، بحيث يمكن للرئيس عون، بموافقة الرئيس الحريري، طبعاً إسناده لفريق 8 آذار، اما عن طريق الرئيس بري أو طريق حزب الله.
الا ان مصادر مطلعة على سير المفاوضات قالت لـ«اللواء» «اننا ما زلنا نعيش في صميم الازمة»، وان لا بلورة لأية اقتراحات عملية.
ورفض رئيس الحكومة السابق تمام سلام وضع شروط امام الرئيس المكلف أو فرض أسماء وحقائب عليه..
وأكّد في حديث لمحطة «العربية» التلفزيونية ان مَن يُشكّل الحكومة هو الرئيس المكلف، ثم يذهب إلى رئيس الجمهورية، ويحصل على موافقته الذي دوره مساندة الرئيس المكلف.
مصالحة تاريخية وجدانية
واستأثرت المصالحة التي وصفت بالتاريخية، بين فرنجية وجعجع، والتي جرت وقائعها عصر أمس في بكركي، برعاية البطريرك الراعي، وفي حضور عدد كبير من نواب ومسؤولي الطرفين، فضلاً عن مطارنة، كانوا بمثابة «شهود» على هذه المصالحة التي طوت آخر صفحات الحروب المسيحية، والتي كانت أثارها ومفاعيلها قائمة تحت الرماد بين زغرتا وبشري منذ قرابة 40 عاماً، استحوذت على معظم الاهتمام والمتابعة السياسيين، بما في ذلك التحركات الجارية لمعالجة عقد تشكيل الحكومة، وحتى على مسعى الوزير باسيل والذي كانت محطته الرئيسية أمس، زيارة لدار الفتوى، وستستتبع بزيارة بكركي لاحقاً.
ومع ان مصالحة فرنجية – جعجع احيطت بإهتمام سياسي لافت، عبر عن نفسه بالترحيب الجامع من قبل معظم الأطراف والتيارات والأحزاب السياسية، إلا ان مسؤولي الطرفين المعنيين، أي «المردة» و«القوات» حرصوا على تأكيد «وجدانية المصالحة»، وعدم وجود تفاهم أو حلف سياسي لاحق لها، ولا ترتب أي التزامات سياسية مرحلية قريبة، على ان يترك بحث الجانب السياسي للعلاقة المستقبلية بينهما لمسار الأيام والشهور المقبلة، كما حرصوا على تأكيد عدم ربط هذه المصالحة بأي استحقاق سياسي أو انتخابي، ولا بموضوع تشكيل الحكومة.
وثيقة بكركي
وعكست «وثيقة بكركي» التي تلاها المطران جوزف نفاع، والتي صدرت بعد خلوة جمعت البطريرك الراعي وفرنجية وجعجع، الابعاد التي اعطاها الطرفان، أي «تيار المردة» وحزب «القوات» للمصالحة، حيث اعلنا عن «ارادتهما المشتركة في طي صفحة الماضي الأليم والتوجه إلى أفق جديد في العلاقات على المستوى الإنساني والإجتماعي والسياسي والوطني، مع تأكيد على ضرورة حلّ الخلافات بالحوار الهادف والعمل معاً على تكريس هذه العناوين عبر بنود هذه الوثيقة».
وتابع: «ما ينشده الطرفان من هذه الوثيقة ينبع من قلق على المصير وهي بعيدة عن البازارات السياسية ولا تسعى إلى إحداث أي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة في لبنان والشمال، وهذه الوثيقة لم تأتِ من فراغ، والتلاقي بين المسيحيين والإبتعاد عن منطق الإلغاء يشكلان عامل قوة للبنان والتنوع والعيش المشترك فيه وزمن العداوات بين «القوات» و»المردة» قد ولى وجاء زمن التفاهم».
واضاف: «ينطلق اللقاء من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وثوابته السياسية ولا تحمل التزامات محددة بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة ووضع أسس حوار مستمرّ. وإحترام حرية العمل السياسي والحزبي في القرى والبلدات والمناطق ذات العمق الأكثري لكلا الطرفين والتنسيق في ما يتعلق بالنشاطات والخطوات التي قد تؤدي إلى أي سوء تفاهم بينهما».
ووصف جعجع المصالحة، قبل مغادرته بكركي بأنها «يوم أبيض ويوم تاريخي»، مضيفاً: «اما السياسة فنخليها لبعدين ونقطة على السطر».
بدوره علّق فرنجية على اللقاء، قائلاً: «فتحنا صفحة جديدة واللقاء وجداني وليس على حساب أحد، كانت جلسة وجدانية وودية برعاية سيدنا البطريرك وتكلمنا بالحاضر والماضي».
وعن تأثير المصالحة على الانتخابات الرئاسية قال: «بعد اربع سنين الله بيعرف شو بيصير».
وقال عضو قيادة «المردة» الوزير السابق روني عريجي الذي شارك في اللقاء لـ «اللواء» عن طبيعة ومترتبات هذه المصالحة: «لقد انهيناخلافا دمويا طال امده وكان لا بد ان نطوي صفحته، وليس بالضرورة ان تكون لهذه المصالحة مترتبات سياسية لاحقا، فنحن لدينا خطنا وللقوات خطها الذي نختلف فيه معهم، لكن هذا لا يمنع ان يحصل تنسيق بيننا حول امورخدماتية وانمائية وداخل الحكومة لمعالجة القضايا الملحة للمنطقة واهلها».
وعن الخطوات اللاحقة للمصالحة؟ قال عريجي: «سنترك هذا للايام، لكن حتى الان هذه المصالحة لم تأتِ ضمن خطة سياسية ممرحلة، المهم انها اقفلت صفحة سوداء وفتحت صفحة من التعاطي السياسي الديموقراطي بين طرفين مختلفين».
مراحل المصالحة
وجاءت المصالحة بعد شهور طويلة من اللقاءات والاتصالات بين الجانبين، بقصد إنهاء تاريخ أسود بين الطرفين وجمهورهما استمر 40 سنة وخمسة أشهر، أي منذ «مجزرة إهدن» التي ارتكبتها «القوات» بتاريخ 13 حزيران من العام 1978، والتي ذهب ضحيتها النائب طوني فرنجية مع عائلته و28 شخصاً آخرين، فيما نجا «الشاب» سليمان فرنجية الذي كان في ذلك الحين في الثالثة عشر من عمره، لأنه كان مع جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية في الكفور.
وساعدت التطورات السياسية التي سبقت وتلت الشغور في رئاسة الجمهورية، ومن ثم انتخاب الرئيس ميشال عون، في تسريع وتيرة التقارب التي بدأت بين الطرفين في العام 2011، ثم تسارعت بعدما تبين للقوات ان حساب تفاهم معراب لم يأت على «بيدر» ما كانت تتوقع، إذ اخذ «التيار الوطني الحر» من الاتفاق ما يريد ولم يعطها أي مقابل.
ومن شأن المصالحة ان تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات ترخي بآثارها الايجابية على الشارع المسيحي لا سيما في الشمال، يفترض ان تتبلور معالمها بلقاءات لاحقة بين مسؤولي الطرفين لا سيما للتنسيق على الارض في اي امر قد يسبب احتكاكا او التباسا او مشكلة محلية موضعية.وهوامر كان قد باشره الطرفان منذ اشهر.
وهذا ما اكّده النائب طوني فرنجية في حديث تلفزيوني حيث قال:انّ «لقاءنا مع جعجع صادق وهذه الخطوة اساسية لنطوي صفحة الماضي والمصالحة لها اهميّة كبيرة لدى الشارع المسيحي». فيما قالت النائب ستريدا جعجع: «مبروك للشمال المسيحي في هذا اليوم التاريخي وأنحني امام كل الشهداء الذين رحلوا في تلك المرحلة السوداء».
تحرك باسيل
في غضون ذلك واصل رئيس التيار الوطني الحرجبران باسيل تحركه لمعالجة مسألة تمثيل النواب السنة المستقلين التي عرقلت تشكيل الحكومة، فزار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على ان يلتقي لاحقا في وقت لم يحدد النواب الستة المستقلين والبطريرك الراعي. لكنه اليوم لن يقوم باي تحرك بل سيخصص نهاره لمواعيد عادية في وزارة الخارجية.
وأحيط تحرك باسيل بتكتم شديد، لكن مصادره اكتفت بالقول لـ«اللواء»: انه يحاول في مسعاه تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر والتوصل الى توافق بين الاطراف المعنية على معايير وقواعد محددة لتمثيل الاطراف في الحكومة مع حفظ مبدأ ان يكون رئيس الحكومة قويا ايضا، ومتى توصل الى هذا التوافق يبدأ البحث في الحلول العملية للمشكلة. لكن الامر يتطلب تنازلا وتسهيلات من الاطراف المعنية.
وشدّد باسيل، بعد لقاء المفتي دريان على ضرورة الخروج من اجواء التحدي والذهاب إلى حوار عقلاني لحل المشكلة، خاصة بعدما حكى كل فريق كلمته ورفع سقفه، وبالتالي الدخول في مرحلة نتكلم فيها بين جدران أربعة، لافتاً ان حكومة الوحدة الوطنية يجب ان تشمل الجميع ولا يكون فيها غبن تجاه أحد، مكرراً تأكيده على ضرورة ان يكون رئيس الحكومة قوياً، لأنه إذا لم يكن قوياً فكلنا سنكون ضعفاء، مشدداً على ان كل شيء يمس رئيس الحكومة يمسنا، ومن أجل ذلك يجب ان نحرص على تعزيز موقع رئيس الحكومة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى ان تحرك باسيل يأتي تحت عنوان: «خلق المناخ المناسب لتوفير ولادة حكومة جديدة لا تسقط عند أوّل امتحان»، مشيرة إلى مساعيه أبعد من محاولة إيجاد حل لعقدة تمثيل السنة المستقلين من خلال تبادل وزراء من هذه الحصة أو تلك، إلى محاولة إيجاد الظروف المساعدة لولادة حكومة تعمر طويلاً ولا تنفجر في أوّل محطة، معتبرة ان القول بأن باسيل يعمل كوسيط لنقل وزير مسلم إلى حصة هذا الفريق أو ذاك هو تقليل من دوره، فضلاً عن أن مهمة تأليف الحكومة تقع على عاتق الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية.
أبواب الحل؟
وأشارت المصادر إلى ان الرئيس المكلف، الذي التقى مساء أمس النائب وائل أبو فاعور، وضع في خطابه اول من امس اطارا لكنه ترك الباب مفتوحا. أما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ربما وضع إطارا أوسع لكنه لم يقفل الباب ايضا في مكان ما وفي المحصلة قالا ما ارادا قوله. وامام هذا المشهد كان الخيار يقضي اما بالتفرج او الاستسلام او البحث عن كيفية إيجاد قاسم مشترك للخروج من الأزمة الراهنة. وتلفت المصادر الى ان الخطابين وعلى الرغم من حدتهما، اظهرا رغبة الرئيس الحريري والسيد نصرالله في قيام الحكومة، وبالتالي لم يقولا في مواقفهما المعلنة عكس ذلك، بل ان الرئيس الحريري لم يتحدث عن اي ممانعة في دخول حزب الله كشريك الى الحكومة، ولم يمانع اسناد وزارة الصحة اليه، وفي المقابل بقي السيد نصر الله على تمسكه ببقاء الحريري رئيسا للحكومة.
وهذا الرأي بالنسبة إلى ترك الأبواب مفتوحة للحل، أكّد عليه أيضاً الرئيس نبيه برّي امام نواب الاربعاء، وزاد عليه بأنه أبلغ الوزير باسيل موقفه تجاه الأفكار التي يمكن ان يُبنى عليها، أملاً في أن تنجح الجهود والمساعي لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن للضرورات الوطنية على المستويات كافة.
ونقل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي ان الرئيس برّي وضع الوزير باسيل في أجواء الحلول، وان شاء الله تتشكل الحكومة قريباً بعد المساعي الجدية للحل.
اما النائب قاسم هاشم، عضو «اللقاء التشاوري» وكتلة الرئيس برّي، فرد على بعض مواقف الحريري فقال «ان الأب يجب ان يكون عادلاً مع اولاده، وعندما يسمي نفسه الحريري أباً للطائفة السنية عليه ان يكون منصفاً في تمثيلنا»، معلناً رفضه توزير أي نائب من خارج سنة «اللقاء التشاوري».
إلى ذلك، توقعت مصادر فريق 8 آذار، ان يكون للرئيس برّي الدور الأساسي في إيجاد الحل المناسب للعقدة السنية، طالما ان الأبواب ما تزال مفتوحة للوساطات.
وكشفت معلومات هذه المصادر لـ«اللواء» بأن أحد الحلول المقترحة هي ان يسمي الرئيس بري بالتفاهم مع الحريري الوزير السني السادس في حصة الاخير، نظرا لرفض سنة ٨ آذار ومن يدعمهم على ان يكون تمثيلهم الوزاري من حصة رئيس الجمهورية.
وعلى هذا الاساس، فان ما اتفق عليه سابقا لجهة تبادل الحريري والرئيس عون مقعداً سنياً مقابل مقعد ماروني مستبعد ولكنه ممكن لا سيما وان الحريري اتفق مسبقا مع الرئيس نجيب ميقاتي على مقعد مشترك بينهما، واذا نجحت المبادرة فان مقعداً سنياً آخر سيكون مناصفة بين الحريري ومن يمثل سنة ٨ آذار، وبالتالي تصبح حصة الحريري الفعلية اربعة مقاعد.
وفي حين لم يحسم هذا الطرح بعد، فان معلومات غير مؤكدة اشارت إلى طرح آخر يقضي بتنازل رئيس الجمهورية عن المقعد السني الذي تبادله مع الحريري للثنائي الشيعي لتوزير الشخصية السنية التي يرونها مناسبة، وهذا الاخراج لا يحرج الحريري حتى لو تم توزير احد سنة «اللقاء التشاوري» على اعتبار ان هذا المقعد بات من حصة رئيس الجمهورية وله الحق بالتصرف به وفق ما تقتضي المصلحة الوطنية، كما ان الحريري نفسه وضع الحل في عهدة رئيس الجمهورية اي عمليا اعلن موافقته مسبقا على اي حل يراه الرئيس مناسبا.