يدور اللغط السياسي حول نفس السؤال : متى تنعقد الحكومة. من الطبيعي أن يقلق المواطنون كلما أظهر النظام الطائفي بلادة في إعادة التشغيل. نعم. مجلس الوزراء مثل عربة مركونة في الصيانة لعدة أيام. ولكن لا أحد يعرف متى تنتهي الصيانة. السياسيون لديهم الإعلام ليقولوا للناس اي شيء. بما في ذلك الوعظ الأخلاقي الذي يتردد على ألسنة بعض عملاء "إسرائيل" السابقين. تفيد التسريبات بأنها "مطولة". "تأجيل" عقد جلسات الحكومة لم يعد محدداً بوقت. مثلما وعد الرئيس سعد الحريري حين قال أنها ستنقطع عن الإجتماع "ليومين". الآن، الجواب المتكرر : "هناك اتصالات".
البناء
ماكرون يعرض على روحاني مع بدء طهران التخصيب المرتفع تفاهماً بديلاً للخروج من الاتفاق
الحكومة متوقفة عند حاجز قبرشمون… ومساعٍ لجلسة الخميس
فارس سعد رئيساً لـ«القومي»: مشروع سعاده المقاوم واللاطائفي يبقى الأمل
تحدّت إيران التهديدات الأميركية بإحالة ملفها النووي مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي، والتهديدات الأوروبية بالانضواء وراء العقوبات الأميركية وإعلان الخروج المماثل للقرار الأميركي من مظلة الاتفاق النووي، وبدأت صباح أمس بتطبيق حزمة متدرجة من الإجراءات التي تخالف التزاماتها في الاتفاق النووي ولا تخالف قواعد العمل المنصوص عليها في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وأعلنت البدء بتخصيب اليورانيوم على درجة الـ 5 تاركة بالتدريج الكشف عن إجراءات جديدة إضافية من ضمنها العودة للعمل في مفاعل آراك للماء الثقيل، والتخصيب على درجات أعلى ستصل إلى الـ 20 وما فوق، مفسحة في المجال للاتصالات الدبلوماسية لإعلان التراجع عن هذه الإجراءات، وتقديم حلول أوروبية أكثر تحقيقاً لما تضمنه الاتفاق من موجبات على أوروبا فشلت بإثبات قدرتها على تحقيقها، وكان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون قد تحادث لساعة كاملة مع الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني داعياً للتمهل في الإجراءات الإيرانية التصعيدية، لأن هناك مساعي تقودها فرنسا لوساطة مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من جهة، وضمناً مع أميركا من جهة أخرى تأمل باريس أن تنجح بنهايتها بأن تعرض على إيران في اجتماع يعقد منتصف الشهر الحالي للدول المنضوية في الاتفاق النووي، وتتضمن تطبيقاً أكثر شمولية لمضامين الآلية المالية الأوروبية «أنستيكس»، في مجال التجارة النفطية والتحويلات المصرفية.
لبنانياً، تبدو الحكومة في وضع صعب سعياً لتأمين ظروف انعقاد اجتماعها المؤجل منذ حادثة قبرشمون، بعدما تعطلت مساراتها على حاجز قبرشمون والذهاب بالحادثة إلى المجلس العدلي الذي يعارضه الحزب التقدمي الاشتراكي ويتفهم رئيس الحكومة سعد الحريري معارضته، وصولاً لتهديد الاشتراكي باعتكاف أو استقالة وزرائه في حال قررت الحكومة تلبية رغبة الحزب الديمقراطي اللبناني ورئيسه النائب طلال إرسلان المدعوم من تكتل لبنان القوي والذي يلقى طلبه تفهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحيث صارت التسوية الرئاسية معرّضة للخطر ما لم يتمّ حل الخلاف عبر حوار لا يبدو أنه يتم بطريقة تتيح بلوغه نتائج إيجابية في ظل تصعيد مستقبلي بوجه وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر وتبرؤ من زيارته لطرابلس، رغم محاولته التجسير خلالها للعلاقة مع رئيس الحكومة وحصر هجومه بالحزب الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، وبدا أن كلام بعض نواب المستقبل عن خطاب باسيل كعقدة سياسية مشابهاً لكلام نواب في التيار الوطني الحر عن ربط عودة الاجتماعات للحكومة بإحالة قضية قبرشمون إلى المجلس العدلي، فيما تقول مصادر رئيس الحكومة إنه يحقق تقدماً في طريق تذليل العقبات من أمام سعيه لعقد اجتماع للحكومة يوم الخميس المقبل.
على صعيد آخر، تزامن انتخاب المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي للأمين فارس سعد رئيساً للحزب بعد استقالة الرئيس السابق حنا الناشف، للمدة المتبقية من ولاية الناشف، مع ذكرى الثامن من تموز لاستشهاد مؤسس الحزب وزعيمه أنطون سعاده، حيث تحدث الرئيس المنتخب عن المناسبة، وعن مشروع سعاده القومي النهضوي، وعن النظام الطائفي وما يتسبب به من علل للبنان واللبنانيين، مؤكداً الخيار المقاوم للحزب وموقعه في محاربة الإرهاب إلى جانب الجيش والشعب في سورية، على قاعدة أن فلسطين كانت وتبقى البوصلة التي يسترشد بها القوميون وأن انتصارات المقاومين تبقى المصدر لصناعة الأمل لتقدّم مشروع سعاده.
إنفاذاً لقراره الصادر بتاريخ 21/6/2019، والذي قبل بموجبه استقالة الأمين حنا الناشف من رئاسة الحزب، وحدّد تاريخ 6/7/2019، موعداً لانتخاب رئيس جديد للحزب، عقد المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي جلسة مخصصة لهذا الغرض، حيث جرى انتخاب الأمين فارس سعد رئيساً للحزب.
وبعد أن أدى الرئيس المنتخب قسم المسؤولية المنصوص عنه في الدستور، ألقى رئيس المجلس الأعلى الأمين أسعد حردان كلمة أكد فيها أن المجلس الأعلى وانطلاقاً من تحمّله لمسؤولياته الدستورية، حرص على سلوك المسار الدستوري وفقاً لما يقتضيه ويتلاءم مع القوانين الحزبية المرعية الإجراء، وبما يؤمّن سلامة الحزب ومصالحه العليا، للاستمرار في أداء واجباته القومية والدفاع عن مصلحة الأمة والمجتمع. أضاف حردان: مرة جديدة يثبت الحزب السوري القومي الاجتماعي بأنه حزب المؤسسات المجسّدة للفكر والعقيدة والنظام، المتمايز والمتفرد بنهجه وسلوكه الديمقراطي المكرّس بتداول السلطة بصورة ديمقراطية عزّ نظيرها. وقال: إن المجلس الأعلى بإنجازه اليوم هذا الاستحقاق الدستوري، يؤكد على قيم النهضة بكل مضامينها ومعانيها، يرسّخ مرتكزات النظام التي حرص عليها القوميون الاجتماعيون طيلة سنوات انتمائهم ونضالهم، مشكلين لأبناء شعبنا أنموذجاً يحتذى في الوحدة والتماسك والمناقبية.
وختم: بانتخاب الأمين فارس سعد رئيساً للحزب، يقدّم الحزب مرة جديدة صورة نقية وشفافة تعكس رقي مبادئه ونبل غايته. وإني باسم المجلس الأعلى أؤكد على وحدة وتراص مؤسسات الحزب وعلى تعاون السلطات كافة فيما بينها، وسنقف الى جانب الرئيس المنتخب، في تحمّل مسؤولياته، والتقدّم بالحزب على طريق تحقيق المزيد من الإنجازات، استكمالاً للدور النهضوي والمقاوم الذي اختطه لنفسه منذ تأسيسه.
وألقى الرئيس المنتخب فارس سعد كلمة قال فيها: انّ هذه المسؤولية التنفيذية العُليا تكليفٌ لا تشريف، خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة والتاريخية من مسار شعبِنا وبلادنا. من هنا ضرورة التكاتف الداخلي الأقوى والتفاعُل الإيجابي الأقصى بين السلطتين التشريعية والإجرائية. أضاف: صحيح أن الفترة الدستورية المتبقّية قصيرة نسبياً، إلا أنني أعِدُ مجلسَكم الموقّر كما أعِدُ القوميين الاجتماعيين بأن نحوّل هذه المدة إلى خلية إنتاجٍ نهضويّ نحن في حاجةٍ حقيقية إليها خصوصاً بعد أن نضيف إلى مناخها النظري والعملي نكهة الفرح بالنضال والمناضلين.
وأكد أننا معنيّون بأولويات حزبِنا التنظيمية والدستورية والسياسية والاقتصادية والثقافية. ولذلك سيكون علينا – كقيادة موحدة مسؤولة – مهمة التآزُر الكُلّيّ لإزالة جميع العوائق التي يمكن أن تعترض تصميمَنا على الانطلاق بزخم جديدٍ وبيئةٍ صحيةٍ حفّازة.
الى ذلك في الثامن من تموز، ذكرى استشهاد المؤسس أنطون سعاده، أصدر رئيس «القومي» فارس سعد بيانا شدد فيه على مواصلة العمل السياسي لإنقاذ لبنان من مربع التبعية للقوى الاستعمارية الموصولة بالعدو اليهودي، ورأى بأن اقصر الطرق لهذا الانقاذ، تبدأ بوأد النظام الطائفي بكل معادلاته وارتباطاته، وبقيام دولة المواطنة العادلة والقوية والقادرة.
واكد أن الممر الإجباري لبلوغ هدف قيام الدولة القوية القادرة، هو عن طريق حماية عناصر قوة لبنان، والتمسك بثوابت الانتماء وبتعزيز العلاقات بين لبنان والشام وفق ما نصّ عليه اتفاق الطائف. لكن ما نشهده في لبنان، تنكرٌ من قبل البعض لهذه الأولويات والثوابت، تحت عباءة النظام الطائفي وبدعة «توازناته»، وهذا خطر جسيم يبقي البلد غارقاً في أزماته البنيوية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وشدّد على أن المقاومة دحرت الاحتلال الصهيوني وحررت معظم الأرض اللبنانية وشكلت معادلة ردع دفاعاً عن السيادة والكرامة. ولأن لبنان أصبح بفعل المعادلة الذهبية في مربع القوة، ثابتاً راسخاً، دعا فارس البعض الى التخلي عن كل الرهانات التي لا تتطابق مع هوية لبنان وانتمائه، والانخراط في مشروع قيام الدولة فعلاً لا قولاً، على القواعد التي تحرر البلد من اسر نظامه الطائفي ولبلوغ دولة المواطنة.
وشدد على ان لبنان يواجه تحديات اقتصادية ومعيشية وبيئية، وعلى كل الصعد، والمطلوب وضع سياسات شفافة لمواجهة هذه التحديات، فليس بسياسة الاقتراض وحدها يخرج لبنان من أوضاعه الاقتصادية الصعبة، بل من خلال برنامج إنقاذي متكامل، يبني الاقتصاد على قواعد متينة تحقق العدالة الاجتماعية، ويلغي بشكل حاسم كل اشكال الهدر والفساد والسمسرات والصفقات بالتراضي. خصوصاً أن ما نراه في موضوع محاربة الفساد، «اكباش» فداء صغيرة، بينما الحيتان الكبيرة «خارج الشبهات».
وقال إننا نرفض أية ضرائب جديدة تطال ذوي الدخل المحدود، كما نرفض المس برواتب العسكريين والموظفين، ونجدد التأكيد على ضرورة سدّ عجز الموازنة، من أبواب معروفة، محمية بالمحاصصة والنفوذ.
وبمناسبة الثامن تموز، قام وفد من قيادة الحزب القومي تقدّمه رئيس الحزب فارس سعد، ورئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان ونائب رئيس الحزب وائل الحسنية ورئيس هيئة منح رتبة الأمانة كمال الجمل وعدد من العمد وأعضاء المجلس الأعلى والمسؤولين المركزيين والمنفذين العامين وأعضاء الهيئات بزيارة ضريح سعاده في مدافن مار الياس ـ بطينا، حيث تمّ وضع أكاليل زهر باسم رئاسة الحزب ورئاسة المجلس الأعلى، وأداء التحية الحزبية على وقع هتاف يا أبناء الحياة.
وألقى الكلمة المركزية ناموس المجلس الأعلى توفيق مهنا الذي اكد أنّ لبنان القوي بمقاومته، وبالعلاقة الحياتية الطبيعية القومية مع سورية، وبوحدة المصير القومي، مشدداً على ان الميثاق اللبناني ينص على أنّ لبنان لن يكون مقراً ولا ممراً للتآمر على سورية. هذا يجب أن يثبت بالقول والممارسة. فالذين راهنوا على إسقاط سورية دولة ومجتمعاً ومؤسسات ووحدة حياة، وراهنوا على قوى الإرهاب وفتحوا ممرات ومعابر لها، هؤلاء لا يريدون لبنان القوي، لافتاً الى ان المطلوب ان نجسّد مبادئ الثامن من تموز تنسيقاً على كلّ المستويات، لما في ذلك مصلحة للبنان ومصلحة قومية بامتياز.
وتابع مهنا قائلاً: انّ العدو اليهودي الصهيوني لم ينتصر علينا بقوّته، بل لأنّ البعض روّج لضعفنا وتفككنا، ولأنّ هناك متخاذلين ومستسلمين ومطبّعين لا يرون في فلسطين إلا عقاراً للبيع، وشعباً يطلب مساعدات. وهؤلاء المتآمرون يتحدثون عن صفقة القرن «السلام مقابل الازدهار» كرشوات لشعبنا. لذلك نقول إنّ شعبنا في فلسطين كما في كلّ مكان من أرض أمتنا وجغرافيتها لن يتنازل عن ذرة تراب واحدة من أرضنا القومية.
وعلى الخط الحكومي، لم يسجل أي خرق على صعيد تهدئة الاجواء والتحضير لجلسة مجلس الوزراء التي يتمسك رئيس الحكومة سعد الحريري بعقدها يوم الخميس المقبل. وفيما ترددت معلومات أن «الحريري تواصل مع رئيس الجمهورية في شأن ضرورة انعقاد مجلس الوزراء، وأنه سيستأنف اتصالاته بداية هذا الاسبوع لبلورة تسوية لقضية قبرشمون تساعد على إعادة استئناف جلسات مجلس الوزراء، انسجاماً مع طبيعة المرحلة المعقدة اقتصادياً ومالياً»، أشارت مصادر سياسية الى ان الرئيس الحريري الذي غادر يوم السبت في زيارة خاصة، لـ 48 ساعة، لم يضع رئيس الجمهورية في أجواء سفره، معتبرة أن الاجواء لا تبشر بالخير وان الوضع ليس سليماً، لافتة الى ان القلق بدأ يتظهر عند الكثير من المعنيين على الحكومة. ولفتت مصادر الرئيس الحريري لـ«البناء» الى ان الأخير قرر تأجيل عودته الى مساء اليوم والغى مواعيده التي كانت مقررة اليوم، صباحاً وبعد الظهر.
وفي هذا السياق، تشدد مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» على ان خطاب الوزير جبران باسيل يريد أن يأخذ البلد نحو التوتر، الذي سيدفع الى فرط الحكومة، مشيرة الى ان باسيل يتحمل مسؤولية ما ستؤول اليه الاوضاع، خاصة وأن الاجدر به، ان يكف عن الخطاب الاستفزازي ونكء الجراح، معتبرة ان الوزير باسيل يمارس الازدواجية في خطابه فهو من جهة يعمد الى نبش القبور والتذكير بويلات الحرب الأهلية وما رافقها، ومن جهة اخرى يسارع الى التأكيد انه سيحارب الفتنة، وسيعمل وتياره على تكريس مفهوم الشراكة. ورأت المصادر ان على رئيس الجمهورية التدخل بأسرع وقت ممكن لضبط هذا الخطاب الاستفزازي خاصة أن ما يقوم به باسيل يسيء الى العهد بالدرجة الاولى، معتبرة ان المناطق اللبنانية جميعها مفتوحة امام الجميع لكن في الوقت عينه على الوزير باسيل، ان يكف عن إثارة التباعد بين اللبنانيين والا لن يجد من يستقبله في الجولات التي يقوم بها، حتى من قوى حليفة باتت من جهتها تبدي انزعاجاً من خطابه الطائفي والمذهبي، داعية الوزير باسيل الى تقييم أدائه وإجراء مراجعة لما قام به عله يدرك ما كان سيلحقه بالبلد لولا تدخل الوسطاء في حادثة قبرشمون وما رافقها لضبط الوضع، معتبرة ان عليه ان يدرك انه لا يمكنه الغاء احد.
وشددت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» على ان مصير الحكومة بات محكوماً بمعالجة تبعات حادثة الشحار، لا سيما في ما يتصل بالمجلس العدلي، وتسليم المطلوبين خاصة أن المعلومات تشير الى ان من جرى تسليمهم من قبل الاشتراكي ليسوا المطلوبين وهذا يطرح الكثير من علامات الاستفهام، مشيرة الى اننا الى جانب الحزب الديمقراطي في مطلبه بضرورة إحالة الجريمة الى المجلس العدلي، والخروج من مقولة الأمن بالتراضي، لافتة الى ان من الصحة بمكان ان تعالج الخلافات قبل انعقاد مجلس الوزراء لكي لا ينقل فتيل التوتر الى طاولة مجلس الوزراء. وردا على سؤال لم تستغرب المصادر تجمع زعماء الطوائف لمواجهة مشروع بناء الدولة بدل الكانتونات الطائفية، قائلة ستبقى يد الوزير باسيل ممدودة للجميع لتعزيز التفاهمات.
وفيما لمح الحزب الاشتراكي الى امكانية استقالة وزيريه اكرم شهيب ووائل ابو فاعور من الحكومة اذا جرت إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، شددت مصادر الاشتراكي لـ«البناء» على ان زيارة وفد الاشتراكي لمعراب اول امس فضلاً عن زيارة بكركي، جاءت في سياق التشديد على مصالحة الجبل والتشبث بها، لافتة الى ان ما حصل في منطقة الشحار لن يفسد العيش المشترك في الشوف والجبل، معتبرة ان هناك توافقا بيننا وبين القوات على خطورة الخطاب الطائفي الاستفزازي الذي من شأنه ان يعكر صفو الاجواء الايجابية التي حكمت المرحلة الماضية.
وأكد رئيس الحزب التقدم الاشتراكي وليد جنبلاط، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، «أننا لسنا قطاع طرق»، مضيفًا: «أكرر، نحن لسنا قطاع طرق لكن يبدو أن البعض لم يفهم».
ولفتت مصادر وزارية لـ«البناء» الى ان ما يجري من محاولات لإعادة إحياء المحاور من شانه ان يطيح بالحكومة من خلال تعطيل عقد جلساتها، كما فعل وزراء تكتل لبنان القوي الاسبوع الفائت، مشيرة الى ان احداث الجبل قد تكون باكورة الملفات القابلة للانفجار كالتعيينات على سبيل المثال، مشددة على ان الموازنة على سبيل المثال في طريقها الى الهيئة العامة لإقرارها ومجلس الوزراء لم يجتمع لاتخاذ الموقف من قطوعات الحساب.
وليس بعيداً نجح الطرابلسيون الى دفع رئيس التيار الوطني الحر الى الخروج بخطاب ومواقف هادئة الى حد كبير تجاه الطائفة السنية، لكنه في الوقت عينه تقصد التصويب على الحزب الاشتراكي وحزب القوات، فقال من طرابلس: «نحن لم نشارك في حروب الآخرين لا في الجبل ولا في طرابلس ولا في أي مكان آخر ولم ننصب حواجز على الطرقات وننتهك حرمات بل كنا دائما مع الجيش ضد الميليشيات». وأكد أنه هو من يعرف خصوصيات كل المناطق ويحترمها «لأن التيار يعيش في كل مناطق لبنان ويعرف خصوصياتها ويحترمها».
واعتبر باسيل خلال عشاء هيئة قضاء زغرتا في التيار أن «ما حصل اخيراً يدل على ان هناك فتنة تتحضر في البلد وتقوم على رفض الآخر والتحريض عليه والعودة الى رسم خطوط تماس وتقسيم المناطق»، ورأى أن محاربتها تكون بالانفتاح والتلاقي.
في المقابل، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن لا اجتماع للحكومة في الأيام المقبلة، لافتاً الى أنها جريمة بحق الوطن في الوضع الذي نعيش فيه وفي ظل صعوبات معيشية تزداد يومياً. وأكد جعجع في تصريح اننا «نحتاج إلى اجتماعات مكثفة وليس مقبولاً ان يعطل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الحكومة من أجل حسابات ضيقة».
ورأى رئيس حزب القوات أنه يجب أن يزول الخطاب الذي يسبب التشنّج، وقال: «لم أفهم كلام باسيل في طرابلس ولزومه، لم يتكلّم في الوضع الحالي، عاد إلى الماضي وطرق الموضوع بقلب أسود، وليس بقليل أن تستقبل منطقة طرابلس باسيل بالاستقبال الذي استقبلته به، وعليه أن يوقف خطاباته الطائفية ووقف المراجل».
وأكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد ان المصالحة في الجبل هي الكنز الذي نتمسك به وهي فوق كل اعتبار لأن السلم في الجبل اساس السلم في لبنان كله.
وقال الراعي: نعيش التوتر السياسي الداخلي بسبب حادثة قبرشمون التي عطلت امكانية اجتماع مجلس الوزراء فيما الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم والعجز يتنامى وفقر الشعب في ازدياد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الحكومة «غير متوفرة» حالياً
قبل حلّ مسائل عديدة مُرتبطة بجريمة قبرشمون، ستبقى مؤسسات البلد مُعطلة. لا تهتم القوى السياسية الرئيسية بتردّي الأوضاع الاقتصادية، ولا بالمخاطر التي تواجهها البلاد، فقد وُضعت المسائل الأساسية جانباً، بانتظار حسم نتيجة الكباش السياسي فوق الدم الذي سال في عاليه,
لا تزال البلاد تسير على إيقاع حادثة قبرشمون. فبعد أسبوعٍ على زيارة الوزير جبران باسيل إلى عاليه، والاشتباك المُسلح بين موكب الوزير صالح الغريب ومناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي، تسبّب باستشهاد مرافقَي الغريب سامر أبي فراج ورامي سلمان، وإصابة شاب محسوب على «التقدمي» بجروح، لم تجد القوى السياسية الرئيسية طريقةً للخروج من مستنقع الأزمة. ربما يكون «الأدق»، أنها تؤخر إيجاد الحلّ، حتى تنتفي قدرتها على «استثمار» ما حصل، في السياسة. وإلى ذلك الحين، وحتى حسم إذا ما كانت الجريمة ستُحال على المجلس العدلي أم لا، وبانتظار نتائج مسعى رئيس مجلس النواب نبيه برّي لمصالحة وزراء تكتل لبنان القوي ووزراء التقدمي الاشتراكي، سيبقى مجلس الوزراء مُعطّلاً. فحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، كانت كلّ الاتصالات السياسية بين القوى الرئيسية تُشير إلى أنّه لا جلسة للحكومة هذا الأسبوع. فرئيس الحكومة سعد الحريري، وكعادته في الظروف الطارئة، يُغادر البلاد. 48 ساعة، سيُمضيها الحريري خارجاً، في «زيارة شخصية». أما وزير الخارجية والمغتربين، فمُستمر في جولاته المناطقية، وفي تصعيد مواقفه ضدّ أخصامه السياسيين. الوزير طلال أرسلان مُتمسك بإحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي، مدعوماً من حزب الله، فيما يرفض النائب السابق وليد جنبلاط ذلك، مُعبّراً أمس على «تويتر»: «نحن لسنا قطّاع طرق». شدّ الحبال سيكون له انعكاس على السلطة التنفيذية، وقد قال النائب ألان عون أمس صراحةً أنّ «الحكومة باتت مرتبطة بمعالجة تداعيات حادثة قبرشمون، لا سيما بالنسبة إلى المسار المتعلق بتسليم المطلوبين»، موضحاً أنّه «لا نريد نقل الواقع المتفجر إلى طاولة مجلس الوزراء». ونقل تلفزيون المستقبل عن «مصادر متابعة ومعنية»، أنّ الحريري سيجري بداية الأسبوع اتصالات «من المنتظر أن تتواكب مع خطوات معينة في اتجاه الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء».
ما حصل في قبرشمون جريمة كبيرة، سقط فيها ضحايا، وكادت الأمور تتطور ليلتها إلى مستوى مُتقدّم من الفتنة. ولكن أسلوب تعامل الكتل الوزارية الفاعلة معها، بات يتخطى بُعدها الجنائي، إلى مقاربتها على قاعدة إحصاء الخسائر والأرباح السياسية، من دون إقامة اعتبار للوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد الآخر، علماً بأنّ من المنتظر أن تنتهي لجنة المال والموازنة من دراسة مشروع موازنة 2019، هذا الأسبوع.
على صعيدٍ آخر، لا تزال المواجهة المباشرة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية قائمة. فبعد حديث باسيل، من طرابلس يوم السبت، وإشارته إلى قيام القوات اللبنانية باغتيال رئيس الحكومة رشيد كرامي، ردّ أمس رئيس «القوات» سمير جعجع، مُعتبراً أنّه «كي يزول التشنج في البلد، يجب أن يزول الخطاب الذي يتسبب به باسيل. ما لحقنا خلصنا من الجبل، زار باسيل طرابلس، ولم أفهم مغزى كلمة من خطابه أو محلها من الإعراب. لم يتكلم بالوضع الحالي ولا عن المشاريع التي ينوي تكتله أن يتقدم بها، التكتل الأكبر في الوقت الحالي. أعادنا 50 عاماً إلى الوراء، يطرح الأمور بقلب أسود، ويشنج الأجواء من جديد».
أما باسيل، فقال خلال عشاء هيئة قضاء زغرتا في التيار الوطني الحرّ: «نحن لسنا أقل من مشروع وحدة لبنان مقابل تقسيمه، نحن اليوم أمام لبنان الكبير مقابل لبنان الكانتونات (…) نحن أصحاب مشروع اقتصادي قائم على النتاجية النوعية، وليس لدينا أي عقدة بأن نلتقي مع اي شخص يمكنه أن يواكبنا». وربط باسيل بين الخلافات الداخلية و«صفقة القرن»، فنبّه من أنّه كلّ مرة «يتم الكلام عن خطر التوطين من جهة، يظهر معه خطر التقسيم من جهة أخرى. الاشارة تأتي من الخارج بمشروع يقول أصحابه إنّ الفلسطينيين ليس لهم حق العودة وسيبقون في المكان الموجودين فيه، عندما تأتي الاشارة من الخارج، تأتي الإشارة من الداخل بكلام تقسيمي بمحاولة عزل المناطق وتقسيم اللبنانيين في ما بينهم، التيار الوطني الحر يكسر كل الحواجز ولا يسمح لأحد بالتدخل في البلد. هذا هو مغزى معركتنا اليوم».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الراعي يحذِّر من «غَرَق السفينة» وجعجع يتّهم باسيل بالتعطيل
قرار الحريري غداً.. وجولة رئيس «التيار الحُرّ» الشمالية عُزْلَة سياسية للتكتل القوي
لم تدفن مع جثتي الشابين، اللذين سقطا الأحد في 30 حزيران الماضي في قبرشمون، لا الاحقاد، ولا الخلافات التي سبقت ولحقت بالحادث الأليم: بقي مجلس الوزراء يبحث عن «مرجّح» يسمح بتجاوز الخلافات واجندة معالجة ذيول ما حدث عبر القضاء، العادي، أو المجلس العدلي، بما يسمح ببقائه «حيا يرزق»، وهو المكان الطبيعي للنظر في المشكلات وإيجاد الحلول لها..
وإذا كان الرئيس سعد الحريري، يلتزم «الصمت الايجابي» ويحاول ان يقارب النقاط «بتعادل ايجابي» أيضاً، فلا يفني الغنم ولا يموت الذئب.. فإن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع شرب حليب السباع، واتهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتعطيل الحكومة، وتهديد بقائها أيضاً.
وبين تحفظ وكلام علني، اعتبر الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان التوتر السياسي عطل الحكومة، في وقت فيه البلاد بأمس الحاجة لاجتماعات مجلس الوزراء لمعالجة الديون المتراكمة والأوضاع المتفاقمة، وكأن البلاد سفينة ضائعة في وسط البحر تتلاطمها الامواج..
ولم تخف مصادر وزارية، هذا الجو المعقد، وقالت لـ«اللواء» ان اي خرق على صعيد امكانية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لم يسجل بعد مشيرة الى انه قبل تهدئة النفوس لا يمكن الحديث عن عقد جلسة لأن ذلك يعني مشكلاً كبيراً بين مكونات الحكومة.
واعربت عن اعتقادها ان الأجواء عادت وتكهربت على كل الآصعدة وبالتالي قد يؤدي ذلك في حال عدم وجود مسعى الى عواقب خطيرة، واذ لاحظت ان ما من مبادرة واضحة حاليا توقعت ان يصار الى العمل لبلورة شيء ما، علما ان الاستمرار في تعليق جلسات الحكومة له ارتداداته السلبية.
ويعود الرئيس الحريري إلى بيروت اليوم، على ان يستأنف نشاطه فور عودته، بدءاً من يوم غد، في محاولة لاحداث تقارب بين الأطراف المتباعدة، تمهيداً لعقد جلسة لمجلس الوزراء.
ولم يستبعد مصدر مطلع ان توجه الدعوة إلى مجلس الوزراء الخميس المقبل، إذا صارت المعالجات، وفقاً لما هو مرسوم لها، ومرتجى منها..
وقال المصدر لـ«اللواء» لا يجوز ان يتعطل مجلس الوزراء لأي سبب كان، لأن تعطيله يعني تعطيل الدولة
اتصالات بعيدة عن الأضواء
واستمرت الاتصالات البعيدة عن الأضواء، ولو بخجل، من أجل إيجاد مخرج لدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد هذا الأسبوع، وإذا امكن يوم الخميس المقبل، على اعتبار ان الدعوة لعقد جلسة غداً الثلاثاء لم تعد متاحة، متاحاً، لكن يبدو ان المساعي لا تزال تصطدم بالشروط والشروط المضادة، لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، حول تسليم كل المشتبه بعلاقتهم بجريمة قبرشمون التي حصلت الأحد الماضي، وإحالة القضية على المجلس العدلي، والتي يعتبرها أرسلان «مفتاح الحل».
وذكرت مصادر رسمية ان ما يعيق الحل الأمني هو عدم تسليم الحزب التقدمي لشخصين متهمين بشكل مباشر بإطلاق النار، مع انه جرى يوم السبت تسليم عنصرين آخرين، بحيث بلغ مجموع من تمّ تسليمهم سبعة أشخاص، فيما يطالب الاشتراكي بتسليم عنصرين من عناصر موكب الوزير صالح الغريب، ظهرا في الفيديوهات المسربة يطلقان النار خلال محاولة فتح الطريق امام الموكب.
وبرزت خلال عطلة نهاية الأسبوع تسريبات عن احتمال استقالة وزيري الحزب الاشتراكي اكرم شهيب ووائل أبو فاعور من الحكومة إذا استمرت محاولات الضغط والحصار السياسي على جنبلاط، لكن الوزير أبو فاعور سارع من بلدة المحيدثة في قضاء راشيا إلى التأكيد بأن «محاولات حصار وليد جنبلاط ليست جديدة في السياسة، وهو أكبر وارفع من ان تحاصروه»، في نفي ضمني لهذه التسريبات، فيما بدأ جنبلاط وكوادر حزبه وقياداته، بحملة سياسية مضادة عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك عبر وفود وزارية ونيابية برئاسة الوزير اكرم شهيب زارت أمس كلاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للتأكيد على فشل محاولات حصار وتطويق جنبلاط، واستمرار مصالحة الجبل، حيث أكّد الراعي انها «الكنز الذي نتمسك به»، مقابل حملات أخرى من الحزب الديموقراطي، و«التيار الوطني الحر» ترفض محاولات جنبلاط بالاستئثار بقرار الجبل، عبر الحديث عن خصوصية، وهو ما اشر إليه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، خلال زيارته لمدينة طرابلس السبت الماضي، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، رغم ان أحداً من سياسيي المدينة أو فعالياتها وقياداتها لم يأبه للزيارة، باستثناء بضع عشرات من مؤيديه تجمعوا في باحة معرض رشيد كرامي الدولي، كان عدد عناصر القوى الأمنية أكثر من عددهم.
وليلاً غرد جنبلاط الذي التقى مجموعة من السفراء الأجانب، قائلاً: «عبر حسابه على «تويتر» نحن «لسنا قطاع طرق»، ثم كرّر هذه العبارة مضيفاً «لكن البعض لم يفهم».
معالجات بطيئة
وفي تقدير المصادر الرسمية ان المعالجات لتداعيات احداث الجبل، لا تزال متأخرة، لا بل بطيئة، إلى حين انتهاء الشق الأمني كاملاً، من خلال تسليم المتورطين في هذه الأحداث، وهو ما لا يبدو سريعاً، لكي يبدأ الحكي السياسي بالعمق، والذي يرتقب ان يدخل على خطه وبشكل مُكثّف الرئيس نبيه بري، عبر محاولة ترطيب الأجواء بين جنبلاط وارسلان، تمهيداً لمصالحة تكون برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا.
لكن مصادر سياسية استدركت، بأنه من المبكر الحديث عن مصالحة درزية في الجبل، حتى ولو تحدث عنها أمس الوزير السابق وئام وهّاب، في تغريدة لافتة للانتباه له، وألمح إليها أرسلان في تشييع الضحية الثانية سامر أبي فراج في بعلشميه، طالما ان المعالجات الأمنية لم تكتمل، سواء بالنسبة لتسليم المطلوبين أو إحالة الحادثة على المجلس العدلي.
وأشارت المصادر إلى ان الفصل بين المعالجات، بحيث يكون الشق الأمني منفصلا عن الشق السياسي، غير عملي، بحسب ما يرى الرئيس برّي حينما أكّد يوم الأربعاء الماضي بأن المسارات الثلاثة: الأمني والقضائي والسياسي يجب ان تكون مترابطة خلافاً لوجهة نظر بعبدا، على اعتبار ان الأحداث في الجبل، هي في الأصل سياسية، نتيجة الشحن السياسي الذي لم يعد وقفاً على الشريحتين الدرزيتين المعروفتين في الجبل، بعدما دخلت على خطه مجموعات سياسية من خارج الطائفة الدرزية، رأت انه من مصلحتها توتير الأجواء بين الطرفين، ولهذا كثرت الإشكالات الأمنية بينهما، وارتفع عدد ضحاياها في سنة واحدة إلى أربع، وهو أمر لا يجوز ان يستمر.
وتعتقد هذه المصادر ان المسعى السياسي يجب ان يرتكز على محاولة استيعاب جنبلاط وطمأنته إلى عدم وجود قرار أو نية لمحاصرته وتطويقه، ووقف الضغوط عليه، بالتوازي مع شغل على خط أرسلان للتراجع عن مطلب إحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي، خاصة وان أغلبية مكونات الحكومة الأساسيين هم ضد احالتها على الأقل الآن إلى المجلس العدلي، وليس قبل اتضاح كل ملابسات ما جرى وتحديد المسؤوليات بدقة من قبل الأجهزة الأمنية والقضاء ليبنى لاحقاً على الشيء مقتضاه.
الحريري منزعج
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الرئيس الحريري ليس بعيداً عن هذا التوجه، بل هو أكّد عليه منذ اليوم الأوّل، حيث برز تميزه عن موقف رئيس الجمهورية خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي اثار غيظ جنبلاط، فيما رحب به أرسلان، وتُشير هذه المصادر إلى ان مقدمات نشرات اخبار محطة تلفزيون «المستقبل» لا سيما تلك التي تحدثت عن «عصفورية سياسية» تعكس انزعاج الحريري من تصعيد الخطاب السياسي، وإعادة الفرز بين المكونات السياسية على قاعدة وجود مكونات للسلم ومكونات للحرب، وما يترتب على ذلك من مخاطر على الوضع الاقتصادي والمالي.
ولاحظت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان اي خرق على صعيد امكانية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع لم يسجل بعد مشيرة الى انه قبل تهدثة النفوس لا يمكن الحديث عن قيام جلسة لأن ذلك يعني مشكلاً كبيراً بين مكونات الحكومة.
واعربت عن اعتقادها ان الأجواء عادت وتكهربت على كل الآصعدة وبالتالي قد يؤدي ذلك في حال عدم وجود مسعى الى عواقب خطيرة، واذ لاحظت ان ما من مبادرة واضحة حاليا توقعت ان يصار الى العمل لبلورة شيء ما علما ان الآستمرار في تعليق جلسات الحكومة له ارتداداته السلبية.
الا ان مصادر قيادية في تيّار «المستقبل» أكدت ان الرئيس الحريري لن يقف مكتوف اليدين حيال أي توجه لتعطيل انعقاد مجلس الوزراء مهما كانت الأسباب.
وحذرت هذه المصادر من استمرار الشحن السياسي وارتداداته على العمل الحكومي، مشيرة إلى ان الحريري يرى ضرورة فك الاشتباك بين الأزمة الناشئة عن حوادث عاليه وبين عمل مجلس الوزراء، وما يتعلق بموجبات التصدي للمأزق الاقتصادي ومعالجة التداعيات المترتبة على التصنيفات الدولية للوضعين المالي والاقتصادي للبنان والمرتقبة في غضون الشهرين المقبلين.
وشددت هذه المصادر على انه من «غير الممكن مواجهة الاستحقاقات المالية والاقتصادية الماثلة في ظل أزمات سياسية مفتوحة، تجعل من عمل مجلس الوزراء عملاً موسمياً، مع ان الحكومة رفعت شعار «الى العمل»، لكن عدد جلساتها تكاد تكون معدودة (عدا عن جلسات إقرار الموازنة).
جعجع وباسيل
وفي المواقف التي اشتعلت على ضفاف جولات الوزير باسيل ، أسف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للأجواء «التي لا توج باجتماع للحكومة في الأيام المقبلة»، معتبراً انها «جريمة بحق الوطن، إذ في الوضع الذي نعيش فيه، وفي ظل صعوبات معيشية تزداد يومياً، نحتاج إلى اجتماعات مكثفة وسريعة للحكومة».
ولفت في حديث اذاعي إلى انه من «غير المقبول ان يعطل الوزير جبران باسيل اجتماع الحكومة من أجل بعض المكاسب الحزبية الصغيرة»، مضيفاً إذا كانت هذه هي نوعية القوى السياسية، لا اعرف إلى أين نحن ذاهبون.
وحمل جعجع بشدة على باسيل في هذه المقابلة، إذ رأى انه المسؤول عن أجواء التشنج السائد في البلد، وانه هو الذي يتسبب به، معتبراً ان «باسيل اعادنا 50 سنة إلى الوراء، لأنه يطرح الأمور بقلب أسود»، مضيفاً بأنه «ليس مستغرباً ان تستقبل طرابلس باسيل الاستقبال الذي استقبلته به».
وسبق كلام جعجع تعليق للدائرة الإعلامية في «القوات» على كلام باسيل في طرابلس والذي غمز فيه عن مسؤولية جعجع في اغتيال الرئيس رشيد كرامي، فوصفه التعليق بأنه «حديث فتنوي أرعن لا علاقة له بكل ما نعيشه من تحديات وهموم، ويصر فيه على استعادة احداث الحرب اللبنانية من منظار صاحبه الأسود»، معتبراً ان أكثر من يعمل على تقسيم لبنان في الوقت الحاضر هو باسيل.
اما بالنسبة إلى اغتيال الرئيس رشيد كرامي، فسأل بيان «القوات» باسيل عن مبرر دفاعه عن نفسه بهذه الطريقة، طالما في الأساس لم يتهمه أحد باغتيال كرامي، إلى إذا كان من لديه مسلة تحت ابطه تنعره، أو يصح المثل القائل: «كاد المريب ان يقول خذوني».
وبطبيعة الحال، كان لباسيل ردّ من عكار، بعد انتهاء زيارته القصيرة لطرابلس، وصف فيها اتهام التيار باغتيال كرامي «بالكذبة» و«النكتة الكبيرة»، مشيراً إلى ان «هناك اناساً غير قادرين على الخروج من ماضيهم ويريدون تزوير التاريخ».
ومن بلدة رشعين بقضاء زغرتا ردّ على جعجع من دون ان يسميه فقال: «احدهم قال بأن من ليس لديه ماض ليس له لا حاضر ولا مستقبل، وأنا اقول بأن من لديه هكذا ماض ليس لديه لا حاضر ولا مستقبل».
باسيل في طرابلس
وكان باسيل أصرّ على ان يقوم بزيارة طرابلس على الرغم من كل التحذيرات والتمنيات التي نصحته بأن لا يشمل المدينة ضمن الجولات التي يقوم بها على المناطق عند نهاية كل أسبوع، ولا سيما بعد حادثة الجبل الأحد الماضي، والتي ما تزال ذيولها الأمنية قائمة، الا انه شاء ان يدخل إلى طرابلس ليس من أبواب السياسيين فيها ولا من باب دار الفتوى، ولا حتى مرجعياتها وفعالياتها، وإنما من باب تعزيزات أمنية غير مسبوقة، حيث كان لافتاً للانتباه تسخير كل أجهزة الدولة ومرافقها واجهزتها، ووضعها تحت تصرف نشاط حزبي، ولم يجد قاعة لاستقباله غير قاعة معرض رشيد كرامي الدولي، رغم ان إدارة هذا المعرض سبق ان رفضت إقامة مهرجان انتخابي للرئيس نجيب ميقاتي في العام الماضي.
وشهدت مداخل المدينة وشوارعها، منذ السابعة صباحاً ازدحاماً لملالات الجيش وعناصر قوى الأمن بهدف الحفاظ على الأمن ومنع أي تحرك للنيل من الزيارة كما حصل في الجبل، لا سيما بعد مرور تقارير عن احتمال تنظيم تظاهرات أو تجمعات احتجاجية على الزيارة، لكن هذه التجمعات اقتصرت على عدد محدود من المواطنين تجمعوا في ساحة النر رفضاً للزيارة، غير ان الجيش منعهم من التقدم نحو منشآت المعرض وعمد إلى قطع الطرقات عند دوار مستشفى النيني، مما حال دون وصولهم للتعبير عن رأيهم.
وقرابة الحادية عشرة وصل باسيل إلى المعرض، وكان اللافت دخول سيارته بمواكبة أمنية مشددة وصلت حتى باب قاعة الاجتماعات التي ضمّت بضع عشرات من كوادر «التيار الوطني الحر» لم تمتليء بهم القاعة.
ولوحظ انه تمّ منع وسائل الإعلام من الدخول لالتقاط الصور، واقتصرت التغطية الإعلامية على الوسائل المرافقة لباسيل، ما اثار نقمة المراسلين لا سيما العرب الذين قرروا عدم نقل وقائع الزيارة.
ولوحظ ايضا ان باسيل خص الطرابلسيين بكم من العواطف وشكر الذين تجمعوا للتعبير عن رأيهم برفض الزيارة للغمز من قناة الحزب الاشتراكي، معتبرا ان هذه هي طرابلس التي تعبر سلمياً وبكل حرية، لكنه رأى ان الزيارة لم تكن تستحق كل هذا الكم من الانتقادات، مؤكدا انه لا يحتاج إلى اذن ليزور أي منطقة، فالبلد ليس محميات ولا عودة إلى منطق الحرب، وانه كذلك لا يقبل بأن يفرض عليه أحد امراً واقعاً مناطقياً، وان يقوم بالهيمنة على أي منطقة تحت مسمى الخصوصية.