افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 15 تشرين الأول، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 19 أيلول، 2019
القاضي علي ابراهيم: هناك شبهة بقرار منع المحاكمة عن عبد المنعم يوسف
هل تحدث “7 أيار” ثانية، وماذا جرى في “جامع الخاشقجي”؟

كأن "الهجمة الشارعية" للنائب السابق وليد جنبلاط قد فشلت. الحشد الضئيل من أنصاره الذي سار من مستديرة الكولا حتى ساحة الشهداء في بيروت، أمس، عجزت الكلمات الصاخبة عن نفخه. لم يزد من قوته حضور نواب سابقين مثل القواتجي أنطوان زهرة  و"الأربعتعش آذاري" فارس سعيد. كانت شعارات الحشد مختلطة، مضطربة : هل هي مطلبية احتجاجاً على شحِّ العيش أم سياسية تريد "إقالة" الرئيس ميشال عون. خطابات الوزير وائل ابو فاعور وتصريحات "رفيقه" الوزير أكرم شهيب والنائب مروان حمادة طغت على صوت المحتشدين ومطالبهم. مرة واحدة ارتفع هذا الصوت بالشتائم. وهو ما دفع جنبلاط لانتقاد المس "بالأعراض"، وطالب "منظمة الشباب" في حزبه بمحاسبة الشاتمين. الحشد الضئيل الذي أتى به جنبلاط ليواجه "العهد" و"الصهر"، بَيَّنَ عزلته ومأزقه. إلى أين من هنا. يسأل "الزعيم التقدمي" نفسه. يكرر السؤال مغتاظاً. فقد بلغه أن بعض الشركات ـ الواجهة المملوكة من حليفه السياسي الأساسي تشارك في إعادة الإعمار في سوريا. بينما هو صار محشوراً. الهوامش أمامه تضيق. "الهجمة الشارعية" التي فاجأ بها جنبلاط البيروتيين كانت مناورة. محاولة للمناورة بالحشد السلمي. بينما "حوادث البساتين ـ قبرشمون" كانت مناورة بالحشد المسلح. مناورات ضعيفة لزعامة محلية قلقة. إلى أين من هنا، هوذا السؤال الذي يحيِّر المختارة الآن.

 

   

اللواء
باسيل يُفجِّر مجلس الوزراء.. و«المزایدة المسیحیة» تصیب الموازنة
الحریري یرفع الجلسة إلى لا موعد.. والإشتراكي في الشارع یطالب باستقالة عون

سبق الحزب التقدمي الاشتراكي بشبابه وطلابه ونوابه التيار الوطني الحر إلى الشارع، ساحة الشهداء أو ساحة ‏الحرية.. قطع وزير الصناعة وائل أبو فاعور جلسة مجلس الوزراء، بعد اشتباك كلامي خطير مع الوزير جبران ‏باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، وتوجه إلى وسط بيروت، ومن هناك وجه خطاباً نارياً للعهد وتياره ووزرائه، ‏وحتى إلى جمهوره داعياً رئيس الجمهورية ووزراء التيار للاستقالة والرحيل، متهماً العهد وفريقه بأنهم هم "المؤامرة ‏الاقتصادية"، ومطالباً الرئيس سعد الحريري بالحد من "الدور البوليسي" لأحد الأجهزة الأمنية، في ما يشبه الهجوم ‏الاستباقي، من زاوية ان الهجوم هو اسلم وسائل الدفاع‎..‎
‎التصعيد السياسي بلغ اوجه بمطالبة الحزب الاشتراكي على لسان الوزير أبو فاعور في ساحة الشهداء باستقالة رئيس ‏الجمهورية، في وقت تمكن فيه الرئيس الحريري من إعادة النقاش إلى سكة الموازنة التي عادت واصيبت بسهام ‏‏"المزايدة المسيحية" على خلفية التراجع عن زيادة‎ TVA ‎والمزايدة في التراجع، بعدما كان تمّ الاتفاق في لجنة ‏الإصلاحات المالية، التي سيعاد إليها هذا الملف، قبل تحديد موعد جلسة جديدة لمجلس الوزراء‎.‎
‎باسيل ينسف الجلسة
‎وبخلاف ما كان متوقعاً بأن ينسف كلام الوزير جبران باسيل في احتفال ذكرى 13 تشرين، جلسة مجلس الوزراء التي ‏انعقدت أمس، خصوصاً وأن هذا الكلام اثار ردود فعل سياسية ومواقف هاجمت موقفه، داخل الحكومة وخارجها، من ‏دون ان تلقى رداً منه أو من وزرائه في "التيار الوطني الحر"، مكتفياً، كما يبدو ببيان المكتب الإعلامي للرئيس ‏الحريري الذي "امتص" عزم وزير الخارجية على زيارة سوريا لإعادة النازحين السوريين، حينما ذكّره بأن دم ‏الرئيس رفيق الحريري هو الذي أعاد الجيش السوري إلى سوريا، وبالتالي فإنه "إذا أراد زيارة سوريا فهذا شأنه"، فإن ‏الذي اثار غضب الرئيس الحريري ودفعه إلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد جديد، لم يكن بسبب لا موقف باسيل ‏من موضوع زيارة سوريا، ولا الهجوم الناري الذي شنّه الوزير وائل أبو فاعور على باسيل و"التيار العوني"، والذي ‏كان ما قاله بعد ذلك في ساحة الشهداء لم يكن سوى 10 في المائة مما قاله في مجلس الوزراء، بل كان بسبب تراجع ‏قوى سياسية في الحكومة، على حدّ تعبير وزير الإعلام جمال الجراح، عن بنود إصلاحية تمّ التوافق عليها بأن ‏تتضمنها الموازنة‎.‎
‎‎وإذا كان الوزير الجراح، لم يسم هذه القوى، نزولاً عند رغبة وزير المال علي حسن خليل، الذي اختلى به قبل تلاوة ‏المقررات الرسمية للجلسة، متمنياً عليه عدم الإدلاء بأي معلومات، فإن المعلومات التي أثارت انزعاج وزير المال ‏ودفعه للقول للصحافيين كما قال كمال صليبي: "هذا البلد بيت في منازل كثيرة"، تحدثت بأن الوزير باسيل هو ‏المقصود باتهام التراجع عما كان اتفق عليه في لجنة الإصلاحات والتي تضم ممثلين عن جميع مكونات الحكومة، ‏ومن ضمنهم التيار الذي يمثله في اللجنة الوزير سليم جريصاتي‎.‎
ا‎تفاق لم يصمد
‎‎وبحسب مصادر وزارية، فإن الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس الحريري مع الوزير باسيل في الأسبوع الماضي، في ‏‏"بيت الوسط" بعيداً عن الإعلام توصلا إلى نوع من اتفاق على مجموعة من الاقتراحات لكي تتضمنها الموازنة، ‏سبق ان تمّ التداول بها مؤخراً، ومن بينها، تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات، والتدرج في رفع ‏الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المائة على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المائة على باقي ‏الأصناف الخاضعة للضريبة، على ان يطبق نصف هذه الزيادة في العام 2021 والنصف الآخر في العام 2022، ‏وكذلك زيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 8 في المائة عن زيادة الرسم على المشروبات الروحية والدخان، وافكار ‏أخرى‎.‎
‎لكن الرئيس الحريري وفق ما كشفته المصادر فوجئ بمحاولات عدّة من الوزير باسيل للمماطلة، والتوقف عند كل بند ‏لمناقشته وإطالة البحث فيه، وعندما تمّ التطرق إلى البند المتعلق بزيادة الضريبة على القيمة المضافة‎ TVA ‎وغيرها ‏من الرسوم، رفض باسيل الموافقة على هذا البند، رغم انه كان أبدى موافقته عليه مسبقاً، واللافت في الأمر ان نائب ‏رئيس الحكومة غسّان حاصباني وافق باسيل على رفض وضع الضرائب إذا لم يتم وقف التهريب وضبط الجمارك ‏والحدود البرية‎.‎
‎وفي تقدير المصادر الوزارية، ان اتفاق الحريري – باسيل على السلة الضرائبية، نسفه لاحقاً لقاء الساعات السبع الذي ‏جمع باسيل مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي حذره في هذا اللقاء من أية محاولة لفرض ضرائب ‏على الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود، وفي تقدير نصري الله ان زيادة الضريبة على الكماليات لا بدّ ان ينعكس ‏على حاجات النّاس الاستهلاكية والمعيشية لاحقاً، وهذا الأمر هو ما اثار غضب الحريري فقرر رفع الجلسة من دون ‏تحديد موعد جديد، مع العلم بأنه كان من المفترض ان تحسم جلسة الحكومة أمس النقاش حول مشروع الموازنة، على ‏اني كون الإقرار النهائي في جلسة يفترض ان تكون الأخيرة تعقد الخميس المقبل في قصر بعبدا‎.‎
‎ولكن هل هذا يعني، انه لم تعد هناك إمكانية لاحالة الموازنة إلى المجلس النيابي قبل الموعد الدستوري المحدد يوم ‏الثلاثاء في 22 تشرين؟
‎الأجواء توحي حتى الساعة بأنها متجهة باتجاه سلبي، خصوصاً وأن الوزراء نقلوا انزعاجاً كبيراً للرئيس الحريري ‏حول ما دار من نقاش داخل الجلسة، وكذلك استياء عدد من الوزراء، لا سيما وزير المال الذي بدا عصبياً ومنزعجاً ‏بشكل لافت، خصوصاً وأنه كان جزم قبل الجلسة بأن الموازنة أصبحت منتهية وبانتظار الإقرار النهائي، الا ان ‏الوزير الجراح، لفت إلى اننا لم نصل إلى نقطة صعبة، وستعقد لجنة الإصلاحات اجتماعاتها عند الخامسة والنصف ‏من عصر الأربعاء (غداً) حيث سنعود لنحسم البنود العالقة، سلباً أو إيجاباً، لأننا لا نريد إضاعة المزيد من الوقت‎.‎
‎اشتباك جنبلاطي – عوني
‎وسط هذه الأجواء، عاد الاشتباك السياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي و"التيار الوطني الحر"، بعد مواقف الوزير ‏باسيل من احتفال الحدث، لا سيما حديثه عن زيارة سوريا للبحث في إعادة النازحين، وقد تنقل هذا الاشتباك بين مجلس ‏الوزراء وساحة الشهداء، حيث نظم الحزب الاشتراكي مسيرة من الكولا إلى الساحة رفعت
‎شعار: "بدنا نسمعكم صوتنا"، على خلفية الدفاع عن الحريات، وأعادت إلى الأذهان مشهد 14 آذار مصغراً، حيث ‏شارك في المسيرة، النائب السابق انطوان زهرا عن حزب "القوات اللبنانية" والنائب السابق فادي الهبر عن حزب ‏الكتائب، والنائب السابق فارس سعيد، إلى جانب وزراء ونواب الحزب الاشتراكي‎.‎
‎خلال توقف المسيرة في ساحة الشهداء، انضم الوزير وائل أبو فاعور إلى المحتشدين، وحمل بعنف على الوزير ‏باسيل وفريقه السياسي، من دون ان يسميه، واتهمه بالتحكم بكل الوزارات وبالقرار السياسي والأمني وبالاقتصاد، ‏ساخراً مما قاله باسيل عن تعرض لبنان لمؤامرة اقتصادية، مشدداً بأن التيار هو الذي يدمر اقتصاد لبنان بالتعطيل ‏للوصول إلى السلطة كما سخر من تلويحه بقلب الطاولة، وسأله على من ستقلبونها، طالما الأزلام ازلامكم وأنتم ‏تحتكرون كل مواقع السلطة، ردّ عليه في ما يتعلق برغبته الذهاب إلى سوريا متهماً اياه بأنه يريد الذهاب لتوسل ‏الرئاسة، لأن هناك من قال ان طريق الرئاسة يمر من دمشق، معتبراً بأن ما قاله في جامعة الدول العربية عن عودة ‏سوريا إلى حضن الجامعة يعبر عن رأيه وعن مصالحه وتياره وحزبه ولا يعبر عن موقف الحكومة‎.‎
‎وختم كلمته داعياً باسيل إلى الاستقالة والتيار إلى الرحيل‎.‎
‎وكان أبو فاعور الذي حضر الجزء الأوّل من جلسة الحكومة قد اثار كلام باسيل في الحدث، وانتقد موقفه في مجلس ‏الجامعة، وسأل باسيل مباشرة: "أنت تقول ان هناك مؤامرة اقتصادية على العهد وتتهم فريقاً معيناً فمن تقصد، فلم يرد ‏باسيل، وقال له عن ماذا تتكلم، فطلب أبو فاعور وضع مسألة عدم الرد في محضر الجلسة لكن الحريري رفض ذلك، ‏طالباً من الوزراء عدم إثارة المواضيع السياسية لأن الجلسة مخصصة للموازنة‎".‎
‎ثم تكلم الوزير اكرم شهب ونائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني بنفس المضمون لا سيما حول رغبة باسيل ‏بزيارة سوريا، لكن الرئيس الحريري اوقف النقاش وقال: انها جلسة للموازنة واتمنى عليكم ان تبقى مخصصة ‏للموازنة لأننا اذا فتحنا النقاش لن ننتهي من الموازنة‎.‎
‎ وقد سئل الوزيرسليم جريصاتي بعد الجلسة عمّا إذا ردّ وزراء التيار الوطني الحر على أبو فاعور؟ فقال : "ما حدا ‏بيستاهل الرد‎".‎
‎وبدوره، أكد حاصباني "ان الوضع المالي والاقتصادي دقيق جدا ولا يحتمل الخروج عن البيان الوزاري والإجماع ‏العربي‎".‎
‎ واضاف :استعمال موضوع النازحين السوريين كشماعة ورفع سقف الخطاب السياسي تجاه فتح العلاقة مع النظام ‏السوري يمكن أن يعرّض لبنان لعقوبات ويعرض الدعم الدولي للخطر‎.‎
‎وختم حاصباني: من يخرج عن البيان الوزاري والإجماع العربي بالنسبة للعلاقة مع النظام السوري يتحمل هو شخصيا ‏تبعاتها على الدعم الدولي للبنان وتعريضه للعقوبات‎.‎
‎ ردّ الحريري وجنبلاط
‎يُشار إلى المكتب الإعلامي للرئيس الحريري كان ردّ على كلام باسيل، مذكراً "اياه بأن دم الرئيس رفيق الحريري أعاد ‏الجيش السوري إلى سوريا"، لكنه قال انه إذا أراد باسيل بصفته رئيس "التيار الوطني الحر" زيارة سوريا فهذا شأنه، ‏المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، مؤكداً انه لا يثق بنوايا النظام من عودة ‏النازحين، ولكن إذا تحققت العودة سنكون أوّل المرحبين‎.‎
‎ ولفت ردّ المكتب الإعلامي، وهو الثاني على الوزير باسيل في غضون 3 أيام، نظر وزير الخارجية أن البلد لا تنقصه ‏سجالات جديدة، مشيراً إلى أن لم يتمكن البلد من وقف الأزمة الاقتصادية فإن الطاولة ستنقلب وحدها على رؤوس ‏الجميع‎.‎
‎ ‎كذلك، ردّ رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرد قائلاً: "تذكروا انهم دخلوا (أي السوريين) على دم كمال ‏جنبلاط، وخرجوا على دم رفيق الحريري، وحيا في تغريدة ثانية منظمة "الشباب التقدمي" على المسيرة التي نظمتها ‏للتنديد بسياسة العهد الداخلية والخارجية، لكنه ادان التعرّض للاعراض، معتبراً ذلك ليس من أدبيات كمال جنبلاط، ‏وطلب من المنظمة اجراء اللازم‎.‎
‎ لجنة الاتصالات
‎الى ذلك، حضر وزير الاتصالات محمد شقير جلسة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية للمرة الاولى بعد اكثر من غياب، ‏وفي حين ارجا رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن كلامه الى مؤتمر صحافي يعقده اليوم في مجلس النواب واكتفى ‏في دردشة مع الاعلاميين بوصف شقير بالمتجاوب، اعلن شقير خلال الجلسة، بعد مطالبات للنواب، بأنه في الجلسة ‏القادمة ستحضر شركة تاتش وفي الجلسات اللاحقة ستحضر الفا واوجيرو لتكملة الملف عن الحقبة السابقة‎ ..‎
‎ واعتبر النائب جهاد الصمد في تصريح له من المجلس أن رئيس أوجيرو يتقاضى سنويا 1013 مليون ليرة والقانون ‏يسمح له بتقاضي 84 مليون لا أكثر.. وطالب "المراجع القضائية المختصة ولا سيما النيابة العامة التمييزية والنيابة ‏العامة المالية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة بوضع يدها على هذا الملف للعمل من جهة على استرجاع المبالغ ‏التي قبضها مدير اوجيرو والمسؤولين عن هذه الجريمة الموصوفة بحق المال العام‎".‎
‎بدوره، اعلن النائب جميل السيّد أنّ مبنى تاتش كلف 105 ملايين في وقت أن وزير الاتصالات محمد شقير يروج أنّه ‏كلّف 68‏‎.‎
‎واعتبر أنّ "القضاء لا يعمل كما يجب وأنّه لا يمكن التواصل مع أحد في وزارة الاتصالات، موضحًا أنّه "عند اغلاق ‏كل أبواب المحاسبة لم يبق لنا خيار سوى إطلاع الناس على ما يحصل، وأكّد ألا مشكلة شخصية مع وزير الاتصالات‎.‎
‎مسلسل الحرائق
‎ على صعيد آخر، لفت المناطق اللبنانية سلسلة من الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها وسرعة الرياح ‏التي طالت مناطق عكار وكسروان والكورة وجزين وصولاً إلى جانبي الحدود في منطقة الغجر حيث عملت فرق ‏الدفاع المدني بالتعاون مع الجيش اللبناني والبلديات وفرق الإطفاء على مكافحتها واخمادها‎.‎
‎ ‎على صعيد الحريق الكبير الذي اندلع في منطقة المشرف والذي أتى على مساحة آلاف الأمتار المتصلة بعدد من ‏الأبنية السكنية وطال جامعة رفيق الحريري والاحراج فقد تكثفت الجهود لاخماده حيث تمّ الاستعانة بطوافات الجيش ‏اللبناني وقد حضرت إلى مكان الحريق وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن لمتابعة أعمال إخماد الحريق حيث اطلعت ‏من مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار على سير عمليات الإطفاء والصعوبات التي تواجه فرق الدفاع المدني‎.‎

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

البناء
إيران تؤكد تحسّن العلاقات مع الإمارات… وبوتين يسعى في السعودية لحوار الرياض وطهران
الجيش السوري يصل الحدود مع تركيا شرقاً وغرباً ووسطاً… وأردوغان يتراجع عن مواجهته

الحريري يربط موقفه من مبادرة باسيل بالنتائج… و«القومي يدعو للانخراط في مواجهة الغزو التركي
ارتسمت ملامح مشهد إقليمي جديد على إيقاع الموقف الحازم لسورية وحليفيها الروسي والإيراني في مواجهة الغزو التركي، وربط المعركة بعنوان رفض الانفصال والاحتلال، فتموضعت قيادة قسد وراء الجيش السوري مرتضية ما قدّمت لها دمشق من استعدادات للاعتراف بخصوصيّة تحت سقف وحدة سورية وسيادتها ورموزهما، الأمن الواحد والرئيس الواحد والعلم الواحد، وما عدا ذلك يقبل النقاش. وعلى الضفة المقابلة تبدلت اللهجة التركيّة فتحدث الرئيس التركي رجب أردوغان عن الاستعداد لتقبّل انتشار الجيش السوري في عين العرب، بعدما قال مستشاره أول أمس، إن الجيش التركي سيواجه أي تقدّم للجيش السوري نحو الحدود. وكان القرار السوري المدعوم من إيران وروسيا مفاجأة عربية دولية، أكملت مشهد القوة الذي ظهر عبر إسقاط إيران للطائرة الأميركيّة التجسسيّة العملاقة، وعملية المقاومة اللبنانيّة في أفيفيم، وهجوم أنصار الله في أرامكو. وكما تلعثم الأميركيون ارتبك الخليج ووقعت تركيا بالحرج ذاته الذي واجهته في معركتي حلب وإدلب، بين مواجهة تخسر فيها كل ما بنته مع روسيا وإيران أو التاقلم مع معادلة لا مفرّ من قبولها.
في الميدان، كان الجيش السوري يواصل انتشاره في الوسط على محور الرقة، وفي الشرق على محور القامشلي، وفي الغرب على محور منبج. وفي السياسة كانت إيران تعلن تحسن العلاقات مع الإمارات، وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرض وساطته بين الرياض وطهران.
تبدو الحرب التي بدأت للتوّ، وكأن الجميع صار يعرف نتائجها، ويتعامل على أساس هذه النتائج. فالقرار الذي يحسمها كان معلوماً، لكنه كان مستبعداً حتى وقع، وهو قرار سوري مدعوم من روسيا وإيران للتقدّم نحو الشمال، وفرض أمر واقع على طرفي النزاع الكردي والتركي، الانفصالي والاحتلالي.
لبنانياً، كان اجتماع الأحزاب الوطنية في السفارة السورية لإعلان موقف تضامنيّ مع سورية في مواجهة العدوان التركي مناسبة ليطلق الحزب السوري القومي الاجتماعي بلسان رئيسه فارس سعد الدعوة للانخراط في مواجهة الغزو، باعتباره عدواناً على الأمة وشعوبها وقواها الحيّة والمقاومة، بينما على المستوى السياسي بقيت مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل محور التفاعلات السياسية الحكومية، حيث ربط رئيس الحكومة سعد الحريري موقفه النهائي من المبادرة بنتائجها، متحدثاً عن عدم ممانعته بزيارة باسيل لسورية إذا أدّت إلى عودة النازحين وتسهيل تجارة الترانزيت اللبنانية عبر سورية بينما شن ثنائي حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي هجوماً عنيفاً على باسيل طال رئيس الجمهورية ببعض شظاياه.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد، أننا معنيون بأن نخوض مع سورية معركة الدفاع عن الأرض والسيادة والكرامة. وبأنّ هذا العدوان التركي يرمي إلى احتلال مناطق سورية، على غرار احتلال العدو «الإسرائيلي» لفلسطين والجولان وجنوب لبنان.
وخلال زيارة تضامنية قام بها «لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية» إلى مقرّ السفارة السورية في لبنان، استنكاراً للعدوان التركي على الأراضي السورية، أشار سعد في كلمته الى أننا في حالة حرب بمواجهة العدوان التركي الغاشم، ودعا كلّ القوى الحزبية والشعبية في أمتنا إلى الانخراط في هذه المواجهة المصيرية. واشار إلى أنه منذ بدء الحرب على سورية، وتركيا بدعم أميركي و»إسرائيلي» ومن بعض الأنظمة المتخاذلة، تخطط وتمهّد لاحتلال أراض سورية بعنوان ما يسمّى «المنطقة الآمنة». والدعم الذي قدّمته أميركا للتنظيمات الكردية الانفصالية كان جزءاً من هذا المخطط، حيث تقاطعت وظيفة التنظيمات الكردية الانفصالية، مع وظائف أدوات تركيا «داعش» و»النصرة» وكلّ التنظيمات الإرهابية، وهيّأوا جميعاً لهذا العدوان التركي الوحشي.
وأكد جازماً بأن الخيار هو مقاومة العدوان، وكما انتصرت المقاومة في لبنان بدعم سورية، فإنّ سورية ستنتصر ومعها كلّ قوى المقاومة. وها هو الجيش السوري وبقرار القيادة السورية بدأ مهامه في الشمال السوري دفاعاً عن سيادة سورية ووحدتها وكرامتها. فتحيّة الى هذا الجيش البطل المقدام ومعاً سائرون إلى النصر الأكيد.
وعلى وقع المستجدات العسكرية في شمالي سورية، عاد الانقسام السياسي حول العلاقة مع سورية ليظلل المشهد الداخلي، مع تهديد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في خطابه الأخير بقلب الطاولة على القوى التي تعمل لإجهاض العهد الرئاسي وضرب الاقتصاد اللبناني، في إشارة الى الاشتراكي والقوات والذين يدورون في الفلك الأميركي السعودي من تيار المستقبل و14 آذار.
وإذ شنّ حزبا الاشتراكي والقوات وبعض المستقبليين هجوماً عنيفاً على باسيل رافضين قراره المنفرد بزيارة سورية، بقي الغموض يلف موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة سورية، ما فُسّر على أنه عدم ممانعة. إذ اقتصر رده على كلام باسيل بنقطة سبب خروج القوات السورية من لبنان وليس بقرار الزيارة، مقرناً موقفه من الزيارة بنتائجها.
وقال الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «دم الرئيس رفيق الحريري أعاد الجيش السوري إلى سورية. إذا اراد رئيس التيار الوطني الحر زيارة سورية لمناقشة إعادة النازحين السوريين فهذا شأنه، المهم النتيجة، فلا يجعل النظام السوري من الزيارة سبباً لعودته إلى لبنان، لأننا لا نثق بنيّات النظام من عودة النازحين، وإذا تحققت العودة فسنكون اوّل المرحّبين». وأضاف «البلد لا تنقصه سجالات جديدة، والهمّ الأساسي عندي اليوم كيف نوقف الأزمة الاقتصادية. واذا لم يحصل ذلك، ستنقلب الطاولة وحدها على رؤوس الجميع».
أما رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط فاتهم باسيل عبر «تويتر» دون أن يسميه بتزوير التاريخ. وقال: «تنهبون البلاد وتدمّرون الطائف. تريدون تطويع الأمن كل الأمن لصالح احقادكم الى جانب الجيش».
واستكمل الاشتراكي هجومه على باسيل بمواقف عالية السقف أعادت الى الاذهان المشهد السياسي غداة حادثة قبرشمون، ويحاول الاشتراكي بحسب مصادر سياسية لأسباب ومصالح خارجية توتير الاجواء وتظهير الانقسام الحكومي حول الزيارة والضغط على رئيس الحكومة وإحراجه لكي لا يغطيها، ما يدعو الى التساؤل بحسب المصادر عن حقيقة الدور المشبوه لرئيس الحزب الاشتراكي والقوات بسعيهما الدائم الى تعطيل أي قرار وطني يحقق مصالح لبنان الوطنية والاقتصادية، دونما تقديم اي خيارات بديلة لإنقاذ الاقتصاد ومعالجة أزمة النزوح بعيداً عن الانفتاح على سورية!
وحمل وزير الصناعة وائل ابو فاعور على باسيل بشدة خلال مسيرة «الاشتراكي» في ساحة الشهداء قائلاً: «تقلبون الطاولة على مَن؟ أنتم تحتكرون الطاولة ومَن عليها وأنتم أعجز من أن تقلبوا طاولة وأنتم عاجزون عاجزون عاجزون، تذهبون إلى سورية لتتوسّلوا الرئاسة، هناك مَن قال لكم إن الرئاسة تمر من دمشق، وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا». وأضاف رداً على كلام باسيل: «لا تستحقون أن ننتظركم على ضفة النهر ولا على ضفة بستان صغير في قبرشمون». واللافت أكثر أن هجوم ابو فاعور لم يوفر رئيس الجمهورية بدعوته للاستقالة بشكل غير مباشر!
ولدى سؤال الصحافيين أبو فاعور أثناء عودته الى الجلسة عن مواقفه في التظاهرة قال: «ما قلته في التظاهرة لا يساوي 10 في المئة مما قلته في الجلسة قبل مغادرتي». وسُئل الوزير سليم جريصاتي عمّا اذا كان أحد من وزراء التيار قد ردّ على خطاب أبو فاعور، فأجاب: «لا أحدَ يستحق الرد». فيما لوحظ انشغال باسيل بشرب الشاي والحديث مع وزير الشباب والرياضة محمد فنيش طيلة مدة حديث ابو فاعور في الجلسة، كما حاول الوزير القواتي غسان حاصباني دعم الموقف الاشتراكي إلا أن وزراء التيار بحسب مصادر «البناء» استشعروا نية الاشتراكي والقوات استدراج التيار الى سجالات تدفع بالحريري الى رفع الجلسة وتظهير جو الانقسام حول سورية، وبالتالي دعوة الحريري الى صرف النظر عنه فآثروا عدم الردّ.
كما علمت «البناء» أن ابو فاعور طلب من الحريري تضمين كلمته في محضر الجلسة غير أن الحريري رفض عازياً ذلك الى أن الجلسة هي للموازنة فقط.
كما قال حاصباني إن الوضع في لبنان لا يحتمل زيارة سورية ولا الخروج عن الإجماع العربي واستعمال ملف النازحين كشمّاعة، محذراً من التداعيات السلبية لأي انفتاح على سورية ما يعرض لبنان لعقوبات. داعياً للاكتفاء بالقنوات الحالية للتواصل مع سورية التي لا تنتظر أحداً من لبنان ليخبرها بما يجب أن تفعله بشأن النازحين.
من جهته، قال وزير الدفاع الياس بوصعب لـ»البناء» «إننا لم نلمس اعتراضاً من رئيس الحكومة على زيارة سورية، وهناك وجهة نظر طرحت في الجلسة الماضية أنه فليذهب أحد الوزراء بمعزل عن مواقف الآخرين، كما لم يعترض أحد على ذهاب بعض الوزراء في الحكومة الى سورية ولم يُطرَح ذهاب جميع الوزراء أو وزير باسم الحكومة»، مضيفاً: «اذا كانت هناك حاجة لأن يقوم أي وزير بزيارة سورية لمصلحة لبنانية تتعلق بالنازحين او بالاقتصاد فلا أحد يمنعه لأن العلاقات الدبلوماسية مع سورية ليست مقطوعة».
في المقابل أشار وزير التربية أكرم شهيب لـ»البناء» الى ان «مجلس الوزراء هو مَن يقرّر أمر الذهاب الى سورية وليس أي وزير آخر، واذا اراد وزير زيارة سورية فتكون بصفته الشخصية وليس بصفة رسمية او حكومية، لأن ذلك يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء»، ولفت الى أنه «اذا أراد باسيل زيارة سورية موفداً من رئيس الجمهورية كرئيس للتيار فهذا أمر آخر لكن التوافق والوفاق الداخلي أهم من اي زيارة».
النقاشات في مشروع الموازنة والإصلاحات لم يكن أقل حدة من الخلاف حول سورية، ففي حين أكد وزير المال علي حسن خليل قبيل الجلسة بأننا «نقترب أكثر من أي وقت مضى لإنجاز ملف الموازنة بما فيها الاتفاق على الإصلاحات وستكون الجلسة الاخيرة اذا ما عملنا بكدّ وجهد»، خرج من الجلسة غاضباً وقال: «نحن لسنا بدولة، الناس بوادٍ ونحن بواد آخر، هيدا بلد بيت بمنازل كثيرة». متّهماً بعض الأطراف بالتراجع عن التزاماتها وتعهداتها.
وعلمت «البناء» أن «الوزير باسيل قال خلال الجلسة إن التيار لن يوافق على موازنة بلا إصلاحات وليس بالضرورة ان تتضمن هذه الإصلاحات ضرائب».
وبحسب المعلومات أنه عند الحديث عن زيادة بعض الضرائب والرسوم كالضريبة على القيمة المضافة أثار غضب التيار الوطني الحر والقوات وطالبا بإصلاحات قبل الضرائب. فانزعج الحريري ورفع الجلسة.
وحذر وزير المال كما علمت «البناء» أنه «إذا ما استمرت عرقلة إقرار الموازنة وإحالتها الى مجلس النواب فسيعمد الى تسمية الأمور بأسمائها وتسمية المعرقلين».
بدوره، اكد وزير الاعلام جمال الجراح بعد الجلسة ان «هناك جلسة للجنة الإصلاحات وسيتم حسم الامور العالقة غداً اليوم ويجب أن ننجز الموازنة ضمن المهل الدستورية». وتابع: «هناك تلكؤ في إقرار بعض البنود المتعلّقة بمشروع قانون الموازنة. وهذا ينعكس سلباً ويؤخر إقرارها، خصوصاً أننا بوضع مالي واقتصادي ونقدي صعب والمطلوب المزيد من العمل والمسؤولية».
على صعيد آخر نفى الوزير محمود قماطي ما نقلته بعض المصادر عن تحرّك لحزب الله في الشارع ضد تمادي المصارف في تنفيذ سياسة العقوبات المالية الأميركية على حلفاء الحزب، وأكد لـ»البناء» أن «الحزب يدرس خياراته بدقة لكن الحديث عن تحرك في الشارع سابق لأوانه».
على صعيد أزمة الخبز، أكد رئيس نقابة اصحاب الافران والمخابز كاظم إبراهيم بعد لقائه الحريري، أمس «ان الحريري وعدنا خيراً وغداً اليوم سنفتح الأفران وسيكون يوم عمل عادي، وعلقنا الإضراب لـ 48 ساعة بانتظار تحرك الحريري». بينما انتقدت مصادر الوفد بحسب معلومات «البناء» موقف وزير الاقتصاد منصور بطيش الذي لم يستمع الى مطالبهم كما أكدت أن لا تغيير بكمية ربطة الخبز ووزنها.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
جنبلاط في الشارع: اختراع عدو وإحراج رئيس الحكومة
الحريري «يحرد» بعد فشله في زيادة الـ TVA
العونيون: لا نبالي بالحصار ولا بالمقاطعة

لم ينجح النائب السابق وليد جنبلاط في نقل توتّره من الشارع إلى طاولة مجلس الوزراء. فجبران باسيل وأعضاء تكتله تجاهلوا هجوم وزراء جنبلاط عليه. لكن «الحرد» كان من نصيب الرئيس سعد الحريري الذي رفع جلسة الحكومة بعد فشله في فرض زيادة ضريبة القيمة المضافة.
فعلها النائب السابق وليد جنبلاط، وتقدّم القوى السياسيّة بالنزول الصاخب إلى الشارع. حشد كبير من الاشتراكيين انطلق من الكولا، بعد ظهر أمس، ليتجمهر حول خطاب ناري للوزير وائل أبو فاعور في ساحة الشهداء، وهو يرفع سقف الصراع السياسي في البلاد… من دون مبرّر!
أجندة جنبلاط ليست واضحة هذه المرّة، مثل مرّات سابقة كثيرة، وباعترافه، منها تلك التي سمّاها «لحظة تخلّ»، أو تلك التي سمّى فيها نفسه «أداةً بأيدي الدول» خلال «مراسم» تكريم السفير السوري علي عبد الكريم علي في المختارة، قبل سنوات قليلة.
في الداخل، تتّفق القوى السياسية، أو غالبيتها، على إبقاء الصراع الداخلي تحت التسوية الرئاسية. حتى حزب القوات اللبنانية، وهو أحد أبرز المتضررين من التسوية، يحاذر التصعيد والاقتراب من أي تأثير فعلي على الاستقرار. وحده جنبلاط بات يقارب لعبة الأمن، كما في قبرشمون وقبلها، كذلك في لعبة الشارع أمس.
مفهومٌ هذا القلق الجنبلاطي. فآخر الرهانات الإقليمية التي عوّل عليها… مع فارس سعيد، سقطت جميعها بالضربة القاضية على أرض سوريا، مع انتشار الجيش السوري أمس في الشرق السوري وإعلان الميليشيات تسليمها مناطقها لدمشق برعاية روسية مباشرة وإيرانية غير مباشرة، وترحيب دولي غير معلن، وتعاطف عربي مع سوريا. أمّا في الداخل، فأتى الغطاء المقنّع الذي منحه الرئيس سعد الحريري لإعلان الوزير جبران باسيل عزمه على زيارة دمشق، صاعقاً على جنبلاط، في هذا التوقيت الدقيق.
وإذا كان القلق مفهوماً، فإن ردّ الفعل الجنبلاطي غير مفهوم، بوقوعه خارج السياق الإقليمي والدولي والمحلي. فما الذي يدفع جنبلاط إلى التحرّك في هذا التوقيت ضد سوريا، معاكساً المناخ المصري والإماراتي وحتى السعودي؟ وما الذي يدفعه لرفع السقف ضد الرئيس ميشال عون وباسيل، بعدما سحب عون فتيل التفجير في الجبل قبل شهر، وقَبِلَ بترحيب الوزير أكرم شهيّب به في قصر بيت الدين، كرمى للتهدئة، مانحاً جنبلاط شحنةً من الدعم المعنوي؟
تقتنع أكثر من شخصية سياسية بارزة في البلاد بأن التصعيد هو وسيلة جنبلاط الوحيدة اليوم للتعبير عن أزمته. ويضع هؤلاء الهجوم المفاجئ على العهد وباسيل في الأيام الماضية، «كردّ فعلٍ أوّلاً على عدم قبول عون لفلفة قضية قبرشمون، وقيام القوى الأمنية بتوقيف بعض الاشتراكيين أخيراً»، فضلاً عن «حاجته إلى خلق عدوّ في التجاذب الداخلي يساعده على شدّ عصب مناصريه، فيستسهل الهجوم على باسيل وعون».
أما السبب الثاني بالنسبة إلى هؤلاء، فهو محاولة جنبلاط المزايدة على الحريري وإحراجه في ملفّ العلاقة مع سوريا، بعدما شعر بأن رئيس الحكومة لم يعد في موقع المعرقل لحصول تواصل رسمي حكومي مع الحكومة السورية.
أبو فاعور عبّر عن الموقف الجنبلاطي العالي السقف أمس، في ساحة الشهداء، بقوله: «أنتم المؤامرة الاقتصادية على لبنان، تدمرون الاقتصاد لأنكم تبحثون عن تجديد تواجدكم في السلطة، وهناك فريق سياسي يتحكم في كل الوزارات والقرار السياسي والأمني. تضعون الأزلام وأولاد الأزلام ونساء الأزلام في السلطة، استقيلوا. تتحدثون عن قلب الطاولة، على من؟ الطاولة طاولتكم والأزلام أزلامكم، تحتكرون الطاولة ومن عليها. أنتم عاجزون». وأضاف أبو فاعور عن باسيل من دون أن يسميه: «قال قائدهم بالأمس في مشهد بطولي إنه يريد الذهاب الى سوريا من أجل إعادة النازحين، قلتم سابقاً إنكم ستذهبون لاستعادة المفقودين، وأنتم اليوم لا تذهبون الى سوريا من أجل إعادة النازحين، بل تذهبون لتتوسلوا الرئاسة، لأنه قيل لكم إن طريق الرئاسة يمر من دمشق، وآن الأوان لأن يقول لكم الشعب ارحلوا».
هذا الموقف قاله وزير الصناعة بعد خروجه من جلسة مجلس الوزراء التي عُقِدت أمس في السراي. وعلى طاولة الحكومة، قال أبو فاعور، مع زميله شهيّب، الموقف نفسه، وبمنسوب الصراخ نفسه. الوزير باسيل، في المقابل، ترك مقعده، واتجه نحو «البوفيه»، وصبّ لنفسه الشاي. وبعد انتهاء أبو فاعور، طلب وزير الدفاع الياس بوصعب الكلام، فقال له شهيّب: انتظر لأنني أريد أن أضيف شيئاً. هاجم شهيّب العونيين بحدّة أيضاً. وما إن انتهى حتى قال بوصعب متوجهاً إلى الحريري: «تعرفون أنني مدعو إلى مؤتمر وعليّ المغادرة، لكن أريد أن ألفت نظركم إلى مسألة الموازنة العامة». فوجئ الحاضرون بتجاهل بوصعب، وجميع زملائه في تكتل لبنان القوي، لكلام شهيب وأبو فاعور. فقد طلب وزير الدفاع تأجيل بتّ البنود الخاصة بموازنة الجيش وقوى الأمن إلى حين عودته من السفر. وهذا ما كان.
لكن الجلسة لم تنتهِ من دون «مشكلة». فعندما بدأ مجلس الوزراء البحث في «الأوراق الاقتصادية» التي تلقّتها «لجنة الإصلاحات» من المكوّنات الحكومية، اقترح الحريري زيادة نقطة مئوية على ضريبة القيمة المضافة، لتصبح 12 في المئة، فضلاً عن زيادة الضريبة نفسها على الكماليات، طالب وزراء حزب الله بوضع لائحة لتحديد الكماليات لكي لا يُستغل ذلك لكي تشمل الضريبة سلعاً أساسية. كذلك أبلغ وزير الشباب والرياضة الوزير محمد فنيش الحريري رفض حزب الله لزيادة الضريبة على القيمة المضافة. مباشرة، عبّر باسيل عن رفض تكتل لبنان القوي لزيادة الـTVA، فوقف الحريري ورفع الجلسة «حرداناً». ولم يُعرف مصير نقاشات الموازنة التي ينبغي أن تُحال على مجلس النواب قبل الثلاثاء المقبل.
العونيون: لا نبالي بالحصار ولا بالمقاطعة
ثلاثة أعوام مرّت على بدء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، قبلها وخلالها، كان المشروع الأساسي حلّ ملف النازحين السوريين. جرى التعويل بداية على طرفين: المبادرة الروسية والأمم المتحدة، من دون أن يتمكن أي منهما من الوصول الى الخواتيم المرتجاة. ثلاثة أعوام مرت أيضاً على مناداة كل من عون ووزير الخارجية جبران باسيل بإعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، رفعاً للحصار الاقتصادي «الذي نفرضه على أنفسنا وحفاظاً على الفرصة الإنقاذية لاقتصادنا عبر المشاركة في إعادة الإعمار». وفي كل مرة كان الانقسام السياسي والأجندات الغربية تحبط هذه المساعي. اليوم، «دقّت ساعة العمل وانتهت مرحلة إضاعة الوقت التي تحولت الى سياسة لدى البعض»، بحسب مصادر التيار الوطني الحر. الموقف هذا ليس جديداً «ولو أن حزبَي القوات والاشتراكي يكرران عبارات الدهشة والتنديد في كل مرة، رغم معرفتهما المسبقة بضرورة التنسيق مع سوريا وعرض الموضوع في عدة جلسات حكومية، ومنها الجلسة ما قبل الأخيرة» (تقرير رلى إبراهيم).
في خضم ذلك كله، لم يكن موقف باسيل ملتبساً يوماً على ما ينقل المقرّبون منه. قبيل تشكيل الحكومة كما بعدها، تمسك الأخير بكلامه الذي ردّده أول من أمس في الحدت. بنظره، دفع لبنان ثمن الحرب في سوريا اقتصادياً واجتماعياً، من دون أي تعويض ولا التفات دولي أو إقليمي. وينبغي تالياً عدم ربط مصير اللبنانيين بمصالح أي دولة وتوقيتها لمصالحة دمشق أو انتظار ضوء أخضر منها. ينبغي وفق ما ينقل عن باسيل «عدم تفويت فرصة إعادة الإعمار». كلام وزير الخارجية كان يشمل ثلاثة مستويات:
1- ثقته بأن السعوديين والإماراتيين والأوروبيين ذاهبون حتماً الى ترطيب الأجواء مع سوريا، وفي غضون ذلك يستخدمون لبنان أو بعض السياسيين لرفع سقف التفاوض. لذلك، كان إصراره – منذ ما قبل تأليف الحكومة الحالية – على ضرورة التنسيق اللبناني السوري والمشاركة في الإعمار، من دون العودة الى أحد، وبدأ تصعيد مواقفه منذ ذلك الحين.
2- موضوع تصريف الإنتاج الذي تمت مناقشته في الجلسة الحكومية السابقة، خصوصاً بعد فتح معبر «البو كمال» وما يمكن أن يؤثر على خفض رسم مرور الشاحنات اللبنانية، وفتح أسواق العراق والأردن والخليج أمام المنتجات اللبنانية. فوفق وزير الخارجية، جزء كبير من الأزمة الاقتصادية سببها إغلاق معبري نصيب والبو كمال، والتصدير هو البوابة الرئيسية لإعادة إنعاش الوضع الاقتصادي. الى جانب ذلك، كان يمكن لبنان البحث في حاجات السوق السوري وتأمين المواد الأولية والمصنّعة له، لكن أيضاً الأجندات السياسية وقفت حائلاً دون تحقيق ذلك.
3- أيقن رئيس الجمهورية ومعه باسيل أن الالتفاف لحل أزمة النازحين لا يجدي نفعاً مثله مثل التعويل على الآخرين. فبعد سنوات من الأخذ والرد عبر الروس أو عبر موفدين لبنانيين، بات واضحاً أن الباب الرئيسي لحلّ الملف هو التواصل على المستوى السياسي، بما يسهم في عودة النازحين سريعاً. ولا يتحقق ذلك بالأعداد الضئيلة التي تذهب من لبنان سنوياً. الرقم الذي يعوّل عليه العونيون ينطلق من مليون أقله في غضون ثلاثة أشهر.
النقاط الثلاث السابقة ردّدها عون وباسيل في عدة مناسبات دولية، وعلى مسامع المسؤولين الأميركيين. لكن إعادة تكرارها يوم أمس خلال الاحتفال بذكرى 13 تشرين الأول، وبنبرة تصعيدية، صُوّر كأنه قفز فوق الإجماع الحكومي. لكن بيان رئاسة الحكومة، بحسب مصادر التيار، كتب بلغة دبلوماسية لائقة كموافقة ضمنية على مبادرة باسيل للذهاب الى سوريا إن استطاع تحقيق خرق ما. فموقف جبران موقف مدروس مع حزب الله من جهة، ورئيس الحكومة سعد الحريري من جهة أخرى، إذ بات يحرص وزير الخارجية على التنسيق مع هذين الطرفين في كل الملفات الكبيرة.
ثمة من يقول هنا إن التغريد خارج الإجماع الدولي والأميركي والسعودي سينعكس سلباً على لبنان، لا سيما أن الولايات المتحدة تعاقب رئيس الجمهورية وفريقه على الوقوف الى جانب حزب الله ومساندة الرئيس السوري بشار الأسد في وجه الارهابيين منذ بداية الحرب السورية، فيما يرى العونيون أن «هذه المواقف لا تنطلق من مبدأ العداء لأحد، بل لتأمين مصلحة لبنان. فكل دولة يفترض أن تحدد خياراتها الوطنية حتى لو تناقضت مع مصلحة الآخرين. ولطالما كان موقف عون واضحاً وجريئاً ومتقدماً في الدفاع عن سيادة لبنان وخياراته ومصالحه». والحقيقة أن «الرئيس ووزير خارجيته، وفي هذا الموضوع بالذات، يتجاهلان المصلحة والرغبات الأميركية، خصوصاً أنهما على ثقة بأن المجتمع الدولي اليوم يمعن في تحطيم الاقتصاد اللبناني، ربما كنوع من العقاب على عدم الانصياع لرغباته، بعد أن اعتمد سابقاً سياسة الرشى المالية عبر مساعدات ومساهمات ما لبثت أن تلاشت». وبالتالي لا خسارة حقيقية هنا، وباسيل يشدّد على أن على الولايات المتحدة أن تحترم القرارات اللبنانية، وألا تستعمل لبنان وقوداً لحروبها الإقليمية… فإما التعامل من الندّ الى الندّ، وإلا فلا ضير في الاستمرار بمقاطعة رئيس الجمهورية والتيار ضمنياً واستعمال كل الأساليب لإفشال العهد وحصاره، من باب الضغط عليه لتغيير موقفه المبدئي: «متعودون ألا نركع حتى لو وقف كل العالم ضدنا».

Please follow and like us: