أبرز ما أقره مجلس النواب أمس، كان تعديل اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا، بما يسمح للأخيرة بمنح الجيش اللبناني مساعدات عسكرية. والجدير بالذكر أن مشروع تعديل الاتفاقية كان مجمداً في لجنة المال والموازنة منذ عام 2012. وبعد أن أثارت «الأخبار» الأمر الأسبوع الماضي، أدرج الرئيس نبيه بري المشروع على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وأُقرّ أول من أمس من دون نقاش ولا اعتراض. وكان وزير الدفاع السابق الياس المر قد عطل هذا التعاون، نزولاً عند طاعة الولايات الأميركية، حسبما كشفت وثائق ويكيليكس .
الجمهورية
الخطوة الأولى لإنشاء الصندوق السيادي لعائدات النفط
يسعى لبنان الى استكمال المنظومة التشريعية الخاصة بقانون التنقيب عن النفط قبل 12 تشرين الاول، موعد تقديم الشركات الخمسين المؤهلة، عروض التنقيب والإنتاج ضمن الجولة الأولى للتراخيص.
بعدما أحرزت الدولة اللبنانية تقدماً ملحوظاً في تطوير صناعة النفط والغاز أمس الاول، مع اقرار مجلس النواب قانون الضريبة النفطية، قدم النائبان ياسين جابر وأنور الخليل أمس، باسم كتلة «التنمية والتحرير»، اقتراح قانون إنشاء الصندوق السيادي والضرائب على النفط.
وقال جابر خلال مؤتمر صحفي ان «من شأن القانون الذي أقره المجلس ان يفتح الباب واسعا امام انطلاق عملية استكشاف التنقيب على النفط».
ولفت الى «ان لبنان على موعد في 12 تشرين الاول مع تلقي عروض الشركات وهذا كلّه ايجابي، وقانون النفط الذي تم اقراره في العام 2010 ينص على انشاء الصندوق السيادي.
وتحسّباً للمستقبل وافساحا في المجال لدرسه في اللجان ليكون لبنان جاهزا لانشاء هذا الصندوق، تقدمنا باقتراح قانون لانشاء الصندوق السيادي اللبناني الذي سيخصص لجمع الواردات التي ستأتي من حصة لبنان من التنقيب عن النفط ومن الضرائب والرسوم وغيرها، وقد سجل رسميا اليوم (امس) في قلم المجلس، ونأمل ان يحيله رئيس مجلس النواب الى اللجان المختصة لتبدأ مناقشته».
واكد جابر ان «هذه المنظومة ضرورية ليكون لبنان جاهزا، ونأمل ان يكون موعد 12 تشرين الاول فاتحة خير لانضمام لبنان الى نادي الدول النفطية، لان الاقتصاد اللبناني بحاجة الى توقعات مستقبلية ايجابية».
ولفت جابر لـ«الجمهورية» الى ان الشركات ستقدم عروضها في 12 تشرين الاول، «مما يعني انه قبل نهاية العام الحالي، من المتوقع ان يوقع لبنان على بعض عقود التنقيب عن النفط. وبما ان قانون النفط ينصّ على وجوب انشاء صندوق سيادي، نريد ان نضمن دخول أي عائدات متأتية من ملف النفط، الى الصندوق السيادي».
واشار في هذا الاطار، الى ان الدولة على سبيل المثال، تحصل على حصة من بيع المعلومات الجيولوجية، وهي مبالغ كبرى وُضعت في حساب مصرفي يوقّع عليه وزير الطاقة، لا علاقة حتّى لوزارة المالية به، ولا يخضع لأي نوع من الرقابة على كيفية توظيف امواله». لذلك، أكد جابر ان الهدف من تقديم اقتراح القانون اليوم، هو عدم الوقوع لاحقاً في مطبٍّ مشابه لعائدات بيع المعلومات الجيولوجية.
وفي ما يتعلّق بعملية الرقابة على عائدات النفط، اقترح جابر عند اقرار قانون الضريبة النفطية، ان يتم رفع تقارير بشكل متواصل من قبل وزارة الطاقة الى المجلس النيابي.
وقد تم الاتفاق على إلزام وزارة الطاقة ارسال تقرير مفصل كلّ 4 اشهر حول كافة الاجراءات والتقدم الحاصل في ملف النفط. كما اقترح إنشاء مديرية خاصة بالموارد النفطية ضمن وزارة المالية لادارة عائدات النفط من ضرائب والرسوم، والتي ستحيلها وزارة المالية بعد استيفائها، الى الصندوق السيادي من دون ادراجها ضمن خزينة الدولة.
وفي تفاصيل اقتراح قانون إنشاء الصندوق السيادي، شرح جابر ان الصندوق سيكون تحت اشراف ادارة مستقلّة، وسيوظف عائدات النفط في استثمارات آمنة ومضمونة. وذكر ان القانون ينصّ على توظيف 80 في المئة من أموال الصندوق في الخارج، و20 في المئة في الداخل أي في الاقتصاد اللبناني.
واعتبر ان انشاء الصندوق، واجب ينصّ عليه قانون النفط، ونصيحة دولية تلقاها لبنان، من اجل ان تكون أرقام عائدات النفط وكيفية توظيفها واضحة، لافتا الى انه من الممكن في وقت لاحق استخدام عائدات النفط من اجل تغطية عجز الخزينة.
واعلن جابر ان اقتراح قانون انشاء الصندوق السيادي هو تمهيد لتقديم قانونين آخرين مهمّين يجري الاعداد لهما هما قانون انشاء الشركة الوطنية للنفط التي ستتعاطى مع حصة لبنان النفطية، وقانون التنقيب عن النفط في البر.
مفاجأة الحكومة في طرابلس: سفينة عائمة لتحويل الغاز
تشهد طرابلس الاسبوع المقبل وفي مثل هذا اليوم تحديداً اي نهار الخميس في 28 ايلول الجاري، جلسة لمجلس الوزراء ستكون الاولى من نوعها من حيث الشكل والمضمون، اذ أنها ستنعقد في السراي الحكومي وفي وسط المدينة للمرة الاولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية بعد قرار الحكومة القاضي بالاجتماع دورياً في محافظات لبنان كافة.
تأتي هذه الجلسة في وقت يتعاظم فيه الحديث عن أهمية طرابلس التي ستغدو مركزا اقتصاديا ناشطا مهماً وبوابة رئيسية لاعادة الاعمار في سوريا. وعلمت «الجمهورية» أن جدول أعمال الجلسة المقررة في عاصمة الشمال سيشكّل مفاجأة من حيث المضمون .
وسيتضمّن جدول الاعمال لائحة طويلة من المشاريع التنموية، من ضمنها مشاريع تقدم بها الوزير السابق والنائب الحالي محمد الصفدي هي كناية عن ثلاثة اقتراحات مشاريع قدمها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء لعرضها في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الأسبوع المقبل.
وقد تبيّن ان ادراج المشاريع الثلاثة في الجلسة المقبلة في عاصمة الشمال تم بعد التنسيق الكامل بين رئيس الوزراء سعد الحريري والنائب الصفدي وهذه المشاريع في حال أقرت ستشكل رافعة اقتصادية وانمائية ونفطية رائدة في لبنان عامة وفي منطقة الشمال خاصةً بعد تفعيل الحركة الإقتصادية والإصلاحية فيها.
المشروع الاول: سفينة عائمة تحمل مصنعاً للتحويل.
يقضي اقتراح المشروع الأول بانشاء منصة في البحر مقابل منشآت النفط – شمالي طرابلس بهدف الاستيراد عبر البواخر، الغاز المسيل وتحويله الى غاز بواسطة سفينة عائمة تحوي على مصنع للتحويل.
تساهم هذه العملية في انتاج الكهرباء وبالتالي تغذية محطة انتاج دير عمار للكهرباء بواسطة الغاز. هذا الامر من شأنه ان يخفض من جهة كلفة انتاج الكهرباء بنحو 40 في المئة والاستفادة منه من جهة اخرى لمد خطوط غاز من دير عمار الى بيروت تحت سكة القطار (لا حاجة لاستملاكها) ووصلها بخط الغاز العربي الموجود حاليا في دير عمار وتفريعها الى المصانع والمدن لتغذية المنازل مباشرة بالغاز. جدير بالذكر أن هذا المشروع يساهم في ذروته بخلق 30 الف فرصة عمل كحد ادنى للمواطنين.
لمشروع الثاني : سكة الحديد.
تماشياً مع شعار وحدوي ووطني رفعته طرابلس قوامه انه لا نهضة اقتصادية على مستوى الوطن الا من خلال ربط الشمال بسائر المناطق اللبنانية وبخاصة بالعاصمة بيروت، جاء إقتراح المشروع الثاني لأعادة تشغيل سكة الحديد.
وكان قد سبق لمجلس الوزراء في عهد الحكومة السابقة للرئيس سعد الحريري وابان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ان اتخذ قرارا بدراسة اعادة تشغيل سكة الحديد واوكل حينها الى وزارة الاشغال وقيادة الجيش برفع التعديات عنها، الا ان وزارة الاشغال، وبحسب المعلومات، لم تقدم اي تقرير في هذا الخصوص.
المشروع الثالث: الاوتوستراد الدائري لمعالجة أزمة السير في طرابلس
في السياق نفسه ولمعالجة أزمة السير الخانقة التي تشهدها مدينة طرابلس مؤخراً، تم ادراج اقتراح البدء بتنفيذ مشروع الاوتوستراد الدائري الشرقي لطرابلس في جدول الجلسة المقبلة للتخفيف من زحمة السير الخانقة التي يعاني منها سكان منطقتي ابي سمراء والقبة، وبالتالي تسهيل السير برمته في المدينة علماً ان هذه الدراسة موجودة في مجلس الانماء والاعمار.
وفي سياق متصل، تقدم الصفدي أيضاً، باقتراح مشروع سيدرج على جدول الأعمال يقترح انشاء طريق جديد يصل بيروت بطرابلس من خلف جبل حريصا او بواسطة نفق داخله وهو مشروع سبق لمجلس الانماء والاعمار دراسته.
وتقول مصادر مواكبة أنه من المهم انعقاد الجلسة في طرابلس وأهميتها في أنها تعزّز الثقة بالدولة وبخياراتها سيما من ناحية ترسيخ مبدأ المساواة بين المناطق والمحافظات كافة ولكن الأهم اليوم ليس اقتراحات المشاريع لتبقى حبراً على ورق بل صرف الاعتمادات لتصبح تلك المشاريع نافذة.
الأخبار
مهلة المشنوق تكاد تنتهي: «طارت» البطاقة البايومترية!
التعاون العسكري مع روسيا… أخيراً
مصير اعتماد البطاقة البايومترية في الانتخابات النيابية معلّق بجلسة مجلس النواب وإقرار تمويل الانتخابات، في جلسة لن تعقد قبل عشرة أيام على أقلّ تقدير، وهو ما يضع وزارة الداخلية أمام استحقاق صعب لإنجاز البطاقة في الموعد المحدّد. أكثر من طرف سياسي بات مقتنعاً بأن البايومترية «طارت»
مع استمرار السّجال حول البطاقة البايومترية كوسيلة للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، وبدء مراسم عاشوراء، تكاد تكون فرص إقرار مجلس النّواب تمويل الانتخابات النيابية قبل نهاية الشهر الحالي، معدومة.
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، كان قد وضع مهلة للبدء بإجراءات تنفيذ مشروع البطاقات البايومترية (توقيع العقد مع الشركة المنفّذة، ثم البدء بجمع بيانات طالبي البطاقة بداية الشهر المقبل)، تمهيداً للمباشرة بإصدار البطاقات مطلع عام 2018.
هذه المهلة التي قال المشنوق إنها تنتهي بنهاية الشهر الجاري، ستمرّ من دون تأمين مجلس النواب للموازنة المطلوبة. فالمجلس لن يجتمع قبل نهاية مراسم عاشوراء. كذلك لن يحدد الرئيس نبيه بري موعداً للجلسة في اليوم الأول بعد ذكرى عاشوراء (الأول من تشرين الثاني)، بل يُتوقّع. غير أن اجتماع المجلس النيابي وإدراجه على جدول أعماله بند تمويل العملية الانتخابية وتوفير الاعتماد المطلوب لذلك، الذي يقدّر مجموعه بنحو 186 مليون دولار، بينها 40 مليون دولار لإصدار البايومترية وحدها، لا يعني إقرار المجلس لهذا البند، في ظلّ الانقسام الحاصل حول تلزيم العقود لشركة واحدة بالتراضي، وتمسّك بعض الأطراف بإحالة الأمر على إدارة المناقصات.
وبالتالي، إن اعتماد البطاقة البايومترية لن يكون محسوماً، لا بل يكاد يجزم أكثر من وزير معني بأن «البطاقة البايومترية طارت».
مصادر وزارة الداخلية أكّدت لـ«الأخبار» أن «اعتماد البطاقة البايومترية لم يكن فقط بهدف الانتخابات، بل أيضاً كبداية لتطوير الأحوال الشخصية، والأحوال الشخصية تحتاج ما لا يقلّ عن نصف مليار دولار على عشر سنوات لتطوير هذا القطاع». وأضافت مصادر الداخلية أن «الانتخابات النيابية يمكن إجراؤها من دون البطاقة البايومترية وبالوسائل التقليدية، وهذا يخفّف العبء علينا، إلا أنه في حال عدم اعتمادها فإن هذا الأمر يضيّع فرصة التطوير الجزئي للأحوال الشخصية». وأكّدت المصادر أنه «في حال توافر القرار والاعتماد المالي في الأيام المقبلة، فإنه بوسع الوزارة إنجاز هذا الأمر، لكن في حال المماطلة لا شيء مضمون».
بدورها، قالت مصادر الرئيس نبيه برّي لـ«الأخبار» إن «مسألة البطاقة البايومترية متوقّفة الآن على قبول المجلس النيابي للتمويل، وعلى ما يمكن أن يحصل خلال جلسة المجلس لهذا الأمر من انقسام، وما إذا كان المجلس سيوافق سريعاً، فضلاً عن قدرة وزارة المال على تحويل هذه الاعتمادات سريعاً». وقالت المصادر إنه «في حال تعذُّر اعتماد البطاقة، ممكن العودة إلى آلية الانتخاب التقليدي، أي عبر الهوية أو جواز السفر، وبذلك نكون قد وفّرنا على الدولة مبالغ طائلة، وفّرنا طبع البطاقات تحت الضغط وتأمين نحو عشرة آلاف ماكينة الكترونية لقراءة البطاقات في كلّ مركز، ووفرنا شبكة الربط بين المراكز وكذلك تفريغ نحو 7000 موظّف تقني لهذا الأمر. وفي هذه الحالة، لن تكلّفنا الانتخابات أكثر من 30 مليون دولار أميركي. وبعد ذلك، نعمل على مشروع طويل الأمد لإصدار بطاقات الهوية البايومترية». وقالت المصادر إن «الحديث عن إصدار البطاقات في الوقت المناسب يبدو أقرب إلى الوهم، والدليل هو بطاقة الهوية اللبنانية، التي يعمل عليها منذ 1997 ولم تنته بعد».
مصادر التيار الوطني الحرّ أكّدت لـ«الأخبار» أن «الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها، وهذه قناعة لدينا»، وإنه «إذا لم تستطع وزارة الداخلية إصدار البطاقات، فإن الانتخابات ستحصل حتماً ولكل حادث حديث، لكن لماذا إفشال البايومترية منذ الآن، فلتبدأ الداخلية بالعمل عليها، وإذا اقتربت المهل ولم تنجز نبحث عن الحلول في وقتها». كذلك أكّد النائب آلان عون أن «البايومترية لن تكون على حساب الانتخابات».
الحديث عن عدم اعتماد البطاقة البايومترية، يفتح السّجال مجدّداً حول مبدأ انتخاب المواطنين في أماكن سكنهم، وآلية ترجمة هذا الأمر، وفي خلفية هذا السجال مواقف الأطراف المتناقضة من مسألة التسجيل المسبق. ويوم أمس، كرر كل من حزب الله وحركة أمل موقفهما المتمسّك بمبدأ التسجيل المسبق، خصوصاً في اللقاء بين بري والرئيس سعد الحريري على هامش جلسة مجلس النواب. وفي المقابل، أكّد الحريري والتيار الوطني تمسّكهما برفض التسجيل المسبق. غير أن عدم اعتماد البطاقة البايومترية في حال عدم اعتماد التسجيل المسبق، ينسف مبدأ انتخاب المواطنين في أماكن سكنهم، فيما يحلّ التسجيل المسبق أزمة الانتخاب في أماكن السكن، كما يحصل في مختلف دول العالم. ويبدو الخلاف حول هذا المبدأ خلافاً جوهريّاً غير قابل للحلّ في الوقت الحاضر، ما لم يحصل تفاهم كبير بين الأطراف السياسية الرئيسية في البلد، وإلّا فإن الاستحقاق الانتخابي برمّته يكاد يكون مهدّداً. وكان رئيس الحكومة قد أكد بعد لقائه بري أن «الحكومة قادرة على إنجاز البطاقة الممغنطة وتتحمل المسؤولية».
برّي ردّ على ترامب وعون يردّ اليوم
بعد أن غاب الكلام السياسي والانتخابي عن جلسة مجلس النواب أمس، بدا لافتاً تأنيب رئيس المجلس للنواب، بعد تأخر بعضهم عن موعد الجلسة، ما أخّر انعقادها. وقال: «لم أكن مخطئاً في الدعوة إلى انتخابات مبكرة». إلّا أن أبرز مواقف برّي أمس، كان الردّ على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحديثه عن التوطين في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل يومين. وأصدر بري توصية رسمية باسم المجلس النيابي لـ«رفض أي شكل من أشكال التوطين على الأراضي اللبنانية وفق الفقرة ط من الدستور اللبناني»، مؤكّداً أنه «لا يمكن التعامل بخفة مع كلام ترامب». ورأى برّي أن «أهمية التوصية تكمن في كونها تتزامن مع وجود رئيس الجمهورية ميشال عون في نيويورك ومشاركته في الجمعية العمومية». بدوره، علّق الحريري على التوصية بعد لقاء جمعه ببري وعدد من الوزراء والنواب فور انتهاء الجلسة. وقال رئيس الحكومة إنه «لا أحد يطرح التوطين في لبنان أو يقبل به، والأميركيون يعرفون ماذا يعني هذا الموضوع بالنسبة إلينا».
ومن المتوقّع أن يردّ رئيس الجمهورية خلال كلمته اليوم أمام الجمعية العمومية على كلام ترامب.
وصدّق المجلس النيابي أمس على قانونين لا أكثر. الأول الرامي إلى معادلة البكالوريا اللبنانية للتلاميذ، وحق التشريع في الحقل الجمركي. فيما أحيل اقتراح إقرار عيد إعلان دولة لبنان الكبير على لجنة الإدارة والعدل لدراسته، بسبب الخلاف حوله. وكان بري قد أرجأ البحث في القوانين المتعلقة بعطلة يوم الجمعة، لأنها «تحتاج إلى نقاش» وفق تعبيره. وعندما حاول بعض النواب التحذير من عدم إقرار العطلة لما لها من تداعيات في «الشارع السني»، خصوصاً النائب خالد الضاهر، قال بري: «ما حدا بيهددني»، مضيفاً: «لا يزايدن أحد على إسلامي». كذلك أرجأ المجلس البتّ بالقوانين المرتبطة بسلسلة الرتب والرواتب، بانتظار قرار المجلس الدستوري.
التعاون العسكري مع روسيا… أخيراً
أبرز ما أقره مجلس النواب أمس، كان تعديل اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا، بما يسمح للأخيرة بمنح الجيش اللبناني مساعدات عسكرية. والجدير بالذكر أن مشروع تعديل الاتفاقية كان مجمداً في لجنة المال والموازنة منذ عام 2012. وبعد أن أثارت «الأخبار» الأمر الأسبوع الماضي، أدرج الرئيس نبيه بري المشروع على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وأُقرّ أول من أمس من دون نقاش ولا اعتراض. وكانت لجنتا الدفاع برئاسة النائب سمير الجسر، والشؤون الخارجية برئاسة النائب عبد اللطيف الزين، قد أقرتا عام 2012 تعديلاً يقضي بإضافة فقرة إلى الاتفاقية تنص على «تقديم روسيا المساعدة العسكرية والأمنية للبنان».
اللواء
لبنان يرفع الدستور بوجه ترامب: لا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين
خلوة برّي – الحريري لم تحسم التباين الإنتخابي.. ومصير تعديلات السلسلة رهن قرار الدستوري غداً
طغى كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتسرّع، لدرجة التهور، والذي اطلقه من ارفع منبر دولي (الأمم المتحدة) بشأن توطين النازحين، في أقرب دول لبلدهم، ومنها بالطبع لبنان، على النشاط السياسي اللبناني من ساحة التشريع في ساحة النجمة إلى ساحة نيويورك، حيث يستعرض رؤساء الدول وممثلوها مواقف بلدانهم من المسائل والمشاكل الدولية والإقليمية.
وتجاوز اللبنانيون، الاشتباك الداخلي حول اجراء الانتخابات النيابية، تقصيراً لمدة التمديد، أو البطاقة الممغنطة أو البيومترية أو الهوية والباسبور وما شاكل، للوقوف صفاً واحداً بوجه الموقف الأميركي، الذي قال عنه الرئيس نبيه برّي انه لا يجوز ان يُقابل «بالمزاح»، وهو الموقف الذي دفع بالرئيس ميشال عون إلى مقاطعة العشاء التقليدي، الذي يقيمه الرئيس ترامب على شرف الرؤساء والشخصيات المشاركة في الدورة السنوية للأمم المتحدة، فيما قلّل الرئيس سعد الحريري من كلام ترامب مؤكداً في مجلس النواب، بعد اللقاء الذي جمعه مع الرئيس برّي ان ما قيل في الأمم المتحدة هو موقف سياسي لا يجبر أحداً على العمل به ولا يلزمنا، وليس هناك قرار دولي بهذا الشأن، وفي رأيي لن يصدر قرار دولي يلزم بتوطين السوريين في اماكنهم، ولا داعي لإعطاء الموضوع أكثر من حجمه..
وبكلمة، لبنان رفع الدستور بوجه الرئيس ترامب، وذكّر بالفقرة «ط» من مقدمته: «أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها، والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين».
وهذا الموقف القاطع والحازم هو ما سيبلوره الرئيس عون في خطابه امام الجمعية العامة اليوم.
جلسة التوطين
ولولا اللقاء الذي جمع الرئيسين برّي والحريري في مكتب الأوّل، وفي حضور عدد من النواب، ولم يستغرق أكثر من نصف ساعة، في أعقاب انتهاء الجلسة التشريعية الثانية والقصيرة أمس، ولولا «تأنيب» برّي للنواب في بداية الجلسة احتجاجاً على تقلص عدد النواب ما انعكس سلباً على تأمين النصاب متأخراً لـ20 دقيقة، قائلاً لهم: «وتسألونني عن أسباب اقتراحي لتقصير الولاية»، لكان اقتراح رئيس المجلس بتقصير الولاية ودعوته لاجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل نهاية السنة الحالية، قد غاب كلياً عن واجهة الاهتمامات النيابية، على الرغم من ان الاقتراح في حدّ ذاته قد أحدث خلطاً للاوراق السياسية، مع انه كانت له مبرراته الداخلية والخارجية، وبات يحتاج لاقراره إلى توافق الكتل السياسية الكبيرة، بحسب ما أكّد أحد النواب الذين شاركوا في اللقاء لـ«اللواء»، والذي بحسب ما أشار هذا النائب لم يسحب من التداول، لا على الصعيد السياسي، ولا على صعيد طرحه امام الجلسة التشريعية المقبلة، والتي ينتظر ان يُحدّد موعدها الرئيس برّي خلال الأسبوعين المقبلين، أي بعد عاشوراء، وبالتالي سيكون الوقت الذي تحتاجه الداخلية لاعداد البطاقات سقط نظراً لعدم توفّر التمويل للبدء بالتلزيم.
وكشف مصدر نيابي لـ«اللواء» ان خلوة برّي – الحريري احتوت التصعيد، لكنها لم تعالج أساس المشكلة.
والظاهر ان الذي خرق جدول أعمال الجلسة، كانت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتصل بتوطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم، ذلك ان خطورة الموقف الأميركي على المستوى الوطني، حجبت كل مضاعفات التصعيد السياسي الذي خلفه اقتراح رئيس المجلس الذي سارع إلى تلقف «استهزاء» النائب عباس هاشم بتصريحات ترامب، قائلاً: «هذا الموقف لا يحتمل المزاح»، لافتاً إلى ان الرئيس عون موجود على كل حال في نيويورك، وبالتأكيد هو سيرد عليه».
وعقب الرئيس فؤاد السنيورة قائلاً كلام ترامب مرفوض.
ورد النائب عمار حوري: لكن ترامب لم يأت على ذكر لبنان، فقال النائب سيرج طورسركيسيان: «الرئيس عون موجود في نيويورك وهو سيخوض هذه المعركة هناك».
وهنا، أعاد برّي، باسم النواب، التذكير بما ورد في الفقرة (ط) من مقدمة الدستور.
وتقاطعت هذه التوصية، مع تأكيد الرئيس الحريري من داخل المجلس، على رفض التوطين من قبل جميع اللبنانيين، وهو أمر سيادي ودستوري لن نتهاون به أكان يتعلق باللاجئين الفلسطينيين أو أي جنسية أخرى، والطرف الأميركي يعلم ذلك.
في هذا الوقت، كان لافتاً للانتباه، ان الرئيس عون قاطع حفل العشاء والاستقبال الذي أقامه الرئيس الأميركي على شرف رؤساء الوفود المشاركة في اجتماعات الدورة 72 للأمم المتحدة في نيويورك.
ونفت مصادر الوفد اللبناني المرافق، ان يكون موقف عون بمقاطعة الحفل قد اتخذ بعد الكلمة التي ألقاها الرئيس ترامب في الأمم المتحدة، وتناول فيها مسألة توطين اللاجئين في دول مجاورة، موضحة بأن الرئيس عون لم يكن متحمساً اساساً لحضور الحفل، فغاب أو ربما تغيب عنه، ثم جاءت كلمة ترامب فكانت دافعاً ثانياً له للتغيب.
وبالنسبة للكلمة التي سيلقيها الرئيس عون اليوم امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد أكدت المصادر ان العناوين العريضة لهذه الكلمة باتت معروفة، لا سيما بالنسبة إلى النزوح السوري والتوطين، واعتماد بيروت مقراً دائماً لحوار الحضارات والاديان، مشيرة إلى ان الموقف اللبناني معروف من عودة النازحين إلى مناطق مستقرة داخل سوريا، وأن استمرار وجود النازحين على أراضيه بات عبئاً على لبنان، إلا أن هذا الكلام لن يكون في موقع الرد أو المساجلة مع الرئيس الأميركي.
اقتراح برّي
وفي تقدير مصادر نيابية، ان اقتراح برّي بتقصير ولاية المجلس، لم يغب عن اللقاء مع الرئيس الحريري الذي عكست تصريحاته ان هذا الموضوع قابل للنقاش ولم يقفل، بمعنى انه ما زال قيد التداول، سواء في لقاءات ثنائية، أو داخل أروقة المجلس، وفي الجلسة النيابية المقبلة، وأن كان التزام الحكومة بقانون الانتخابات وباجرائها في الموعد المحدد لها، يعني ضمناً ان الرئيس الحريري كفريق سياسي لا يحبذ اجراء انتخابات مبكرة، طالما انه في الإمكان إنجاز البطاقة البيومترية، والاتفاق في الحكومة على التسجيل المسبق للمقترعين.
وكان الحريري أشار بعد الاجتماع إلى ان هناك امورا بحاجة إلى توضيحات في شأن القانون الانتخابي، فثمة خوف على القدرة على إنجاز «البيومترية» ومن التسجيل المسبق، ونحن كحكومة نحاول الإجابة على هذه التساؤلات، ونحن مجبورون على تنفيذ القانون، اما انا كفريق سياسي فلدي موقفي الخاص، والرئيس برّي ينطلق في اقتراحه من منطلق توقع الأسوأ، وهذا الموضوع قابل للنقاش».
وختم مطمئناً الجميع إلى ان «الوضع الأمني في البلاد ممسوك من قبل كل الأجهزة الأمنية، والتي هي على أكبر استعداد واستنفار فلا تخافوا».
«امل» و«حزب الله»
وكان برز في هذا السياق، موقف مشترك عن قيادتي حركة «امل» و«حزب الله» في بيروت، اعتبر ان اجراء انتخابات نيابية مبكرة بات ضرورة ملحة ما دامت البطاقة الممغنطة بعيدة المنال، وأكّد ان ارتباط شعار التأجيل بمبررات تقنية وغيرها أصبح من الماضي، باعتبار ان إنتاج سلطة جديدة بات حاجة وطنية لكل اللبنانيين المتعطشين للخلاص من الأزمات التي يعيشون وخاصة الاقتصادية منها.
ونوقشت خلال الاجتماع المشترك للقيادتين التحضيرات الجارية لاحياء عاشوراء في مناطق الضاحية الجنوبية وبيروت، حيث اتفق الطرفان على خطوات عدّة من شأنها جعل هذه المناسبة محطة لابراز الوحدة وتجلياتها في كل أبناء الوطن، كما جدّدت القيادتان تمسكهما بالمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة التي كانت وما تزال قادرة على الوقوف سدا منيعا في وجه كل من يحاول ضرب وزعزعة الأمن والاستقرار، وكذلك في وجه المحتل الإسرائيلي.
محطة متواضعة
اما الجلسة التشريعية، فاقتصر انتاجها أمس على التصديق على اقتراحين: معادلة شهادة البكالوريا الدولية بالشهادة اللبنانية للبنانيين، ومنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، ليصبح عدد الاقتراحات ومشاريع القوانين التي أقرّت في يومين 15، بينما ردّ عدد آخر إلى اللجان بينها 16 مرتبط بسلسلة الرتب والرواتب، في انتظار القرار النهائي الذي سيصدر عن المجلس الدستوري والمرجح ان يكون غدا الجمعة، في شأن الطعن بقانون الضرائب الممولة للسلسلة، على ان تحدد جلسة تشريعية للنظر في اقتراحات تصحيح بعض الثغرات في قانون السلسلة فور صدور هذا القرار برد الطعن أو قبوله جزئياً أو مكياً، علما ان «الدستوري» سيطلب، كما أفادت معلومات، إدخال تعديلات على بعض بنود قانون الضرائب وأبرزها الازدواج الضريبي، كما يمكن ان يرد القانون لاعتبار بعض أعضائه ان جلسة إقرار القانون غير دستورية وفقا لطريقة التصويت التي اعتمدت وايضا لعدم دستورية تخصيص قانون لتحصيل ضرائب في موضوع معين من دون إدخاله في الموازنة.
واستنادا لهذا الربط، لم يتم البحث في الاقتراحات الثلاثة المقدمة من النواب: عمار حوري، وعماد الحوت وخالد ضاهر حول «تعطيل يوم الجمعة» بعد تثبيت يوم السبت عطلة رسمية في قانون السلسلة، رغم بعض التناقض في مضمونها، ما اثار حفيظة النائب ضاهر فاعتبر ان معالجة الموضوع أفضل من تركه، وحصل سجال بينه وبين الرئيس برّي على الامر، فرد برّي قائلا:«لا أحد يهددني ولا أحد يزايدن عليي في اسلاميتي»، الأمر فسّر على غير ما قصد به وخلق بلبلة وجو إسلامي عام وأخذ بحساسية معينة، وسيؤجل البحث بالإقتراحات بعد دمجها وتبحث في الجلسة المقبلة بهدوء.
البناء
روحاني يردّ بقوة… والأوروبيون ينتقدون دعاة إلغاء التفاهم النووي مع إيران
إدلب: هجوم معاكس للجيش… وموسكو: النصرة تخسر 850 من عناصرها
مجلس النواب يندّد بكلام ترامب عن التوطين… و«القومي»: مخطط خبيث والردّ بالحوار مع سورية
لم تمرّ ساعات على كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لوّح فيه بفرضية إلغاء التفاهم حول الملف النووي مع إيران، حتى صدرت توضيحات لمعاونيه أنّ الاعتراض على التفاهم لا يعني السعي لإلغائه، كما قالت ممثلة ترامب في نيويورك نيكي هايلي، أو أنّ البحث يجري عن دعوة لتعديل التفاهم، كما قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون وهو ما يبدو أنّ توضيح البيت الأبيض لتبلور قرار ترامب تجاه التفاهم النووي، وأنه لن يكشفه الآن، لكن التوضيحات لم تمنع التعامل مع كلام ترامب كتهديد لمستقبل التفاهم، فجاء الردّ الأقوى من الرئيس الإيراني الذي وصف خطاب ترامب بـ «الخطاب الجاهل والسخيف والحاقد». وأعلن روحاني أنّ الاتفاق النووي الإيراني، بما أنه يلقى دعماً من المجتمع الدولي وأعلنت الأمم المتحدة تأييدها له، لا يمكن إلغاؤه أو تعديله بشكل مشروع، وقال روحاني: «أعلن أمامكم أنّ جمهورية إيران الإسلامية لن تكون أول بلد ينتهك الاتفاق، لكنها ستردّ بحسم وحزم على انتهاكه من قبل أيّ شريك»، وختم بالقول: «سيكون من المؤسف حقاً لو تمّ تدمير هذا الاتفاق من قبل مارقين حديثي العهد بالسياسة العالمية سيخسر العالم فرصة عظيمة».
الردود الأوروبية والأممية الداعية للتمسك بالتفاهم النووي عبّر عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، فيما سارعت العواصم الأوروبية لتأكيد التمسك بالتفاهم النووي، بينما تضمّنت كلمة الرئيس الفرنسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحذيراً واضحاً من مخاطر التلاعب بالتفاهم.
في المنطقة حيث تنحبس الأنفاس بانتظار مستجدات الاستفتاء حول انفصال كردستان والمواقف الدولية والإقليمية المتزايدة تحذيراً من المخاطر التي سيجلبها على الأكراد والعراق والمنطقة، جاء الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية تركيا وإيران والعراق في نيويورك إشارة إلى خيار التنسيق الإجرائي بالخطوات الرادعة في حال تمّ الاستفتاء، بينما كانت معارك إدلب في سورية تحتلّ واجهة التطوّرات الميدانية رغم إعلان «قوات سورية الديمقراطية» اقترابها من محاصرة داعش في قلب المدينة القديمة في الرقة. وفي إدلب حيث فجّرت جبهة النصرة الوضع أول أمس وشنّت هجوماً واسعاً على مواقع الجيش السوري على تخوم محافظتي إدلب وحماة، نجح الجيش السوري باسترداد المساحات التي تقدّم إليها مسلحو النصرة، وبدأ هجوماً معاكساً على مواقعها تحت مظلة الطيران الروسي، بينما أعلنت موسكو أنّ النصرة خسرت بالغارات الروسية
والسورية والاشتباكات الميدانية 850 عنصراً من عناصرها، وحملت أنباء المساء معلومات عن تجدّد الاشتباكات في ريف إدلب بين مسلّحي النصرة والجماعات المسلحة المدعومة من تركيا، بعدما تضمّن البيان الروسي اتهاماً للنصرة بمحاولة استباق اتفاق التهدئة في إدلب بتفجير الوضع بوجه الجيش السوري رهاناً على تكرار ما كان يجري عادة، من جذب للجماعات المسلحة للانضواء تحت راية النصرة في هذه المعارك.
في لبنان حيث واصل مجلس النواب جلسته التشريعية ونقاشاته السياسية على هامشها حول قانون الانتخابات النيابية والبطاقة الممغنطة وموعد إجراء الانتخابات، وحيث يواصل رئيس الجمهورية والوفد المرافق له زيارة نيويورك، تصدّرت تصريحات الرئيس الأميركي عن توطين اللاجئين المواقف النيابية والرئاسية، فبينما أعلن المجلس النيابي تنديده بكلام الرئيس الأميركي، غرّد وزير الخارجية جبران باسيل الذي التحق برئيس الجمهورية العماد ميشال عون في زيارته لنيويورك، فردّ على كلام ترامب، بينما أبدى الحزب السوري القومي الإجتماعي خشيته من أن يكون الكلام الأميركي جزءاً من مخطط خبيث تستدعي مواجهته معالجة جذرية مسؤولة وعاجلة لقضية النازحين، تبدأ بالحوار مع الحكومة السورية.
شبح التوطين مجدَّداً
خَيّم شبح التوطين على لبنان من جديد، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منبر الأمم المتحدة عن توطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم، ما كشف النيات الأميركية والدولية المبيتة حول مشروع التوطين، لا سيما أن أكثر من مسؤول أممي حاول سابقاً تسويق المشروع خلال زيارته الى لبنان وفي المؤتمرات الدولية.
وبالتزامن مع إلقاء ترامب كلمته، ردّ وزير الخارجية جبران باسيل الذي كان يشارك بافتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون، وكتب باسيل على تويتر وانستاغرام: «قال ترامب إن تكلفة توطين نازح في الولايات المتحدة تمكننا من مساعدة 10 في منطقتهم، أنا أقول: يمكننا مساعدة 100 في بلادهم».
..والمجلس النيابي يرفض
وحضرت تصريحات ترامب في نقاشات النواب في الجلسة التشريعية الثانية التي عقدت في المجلس النيابي، الذي ردّ على تصريحات ترامب رافضاً التوطين، وأعلن رئيس المجلس نبيه بري، باسم النواب التأكيد على مقدمة الدستور اللبناني، برفض كل أشكال التوطين، مشيراً الى أن «المجلس اتخذ توصيات عدة في شأن التوطين»، وتلا الفقرة «ط» من مقدمة الدستور التي تؤكد أن «لبنان وطن نهائي»، وقال: «إن مقدمة الدستور هي أهم من الدستور نفسه».
بدوره أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري من المجلس النيابي رفضه التوطين، وقال: «الكلام في الأمم المتحدة موقف سياسي غير ملزم بالنسبة لنا، ولن يصدر قرار دولي في هذا الشأن». وأضاف: «الكل يعرف رفضنا في ما خصّ توطين الفلسطينيين أو أي جنسية أخرى».
لكن هل تكفي المواقف الرسمية الكلامية لمواجهة خطر التوطين؟ وهل على لبنان أن ينتظر صدور قرار دولي لفرض التوطين للتحرّك أم عليه أن يبادر إلى التنسيق مع سورية لإعادة النازحين إلى بلدهم بأسرع وقتٍ ممكن؟
الحل بالتواصل مع سورية
الحزب السوري القومي الاجتماعي اعتبر أنّ ما تضمّنته كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في اجتماع الأمم المتحدة، من دعوة إلى «توطين اللاجئين في أقرب الدول المجاورة»، يكشف عن مخطط أميركي خبيث لفتح باب التوطين، أمام الفلسطينيين بالدرجة الأولى، في دول الجوار، لا سيّما في لبنان، في سياق مخطط إسقاط حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم، وهو حق تكفله الأمم المتحدة في قوانينها وقراراتها.
وأضاف: «إنّ دعوة ترامب المشؤومة والمرفوضة، والتي تعني أيضاً توطين النازحين السوريين، دليل على صحة تحذيراتنا من محاولات أميركية دؤوبة لتشريع التوطين في لبنان، وفي بلدان أخرى، تصبّ في خانة مؤازرة العدو الصهيوني لتنفيذ مخططه الرامي إلى شطب حق العودة وتصفية المسألة الفلسطينية بالكامل».
وأدان الحزب السوري القومي الاجتماعي موقف ترامب، ودعا إلى أوسع حملة رفض لأيّ شكل من أشكال التوطين. كما دعا الحكومة اللبنانية الى تحمّل مسؤولياتها والإسراع في التنسيق والحوار مع الحكومة السورية من أجل إعادة النازحين السوريين إلى مناطقهم وقراهم، وأداً لمخطط الإدارة الأميركية والعدو الصهيوني.
مصادر وزارية ودبلوماسية مطلعة على الملف تشير لـ «البناء» الى أنّ «تصريحات ترامب تحمل في طياتها سياسات غربية للتخلص من أزمة النازحين وتوطينهم مكان وجودهم»، محذرة من محاذير ومخاطر هذا المخطط، حيث «إن توطين 6 ملايين نازح سوري في دول الجوار هو إفراغ لسورية من سكانها ويثير أزمات سياسية وأمنية داخل الدول المستضيفة، لا سيما أن المجتمع الدولي يريد التنصل من مسؤولياته الملقاة على عاتقه ومن التزاماته السياسية والمالية والإنسانية حيال أزمة النازحين وإلقاء تبعاتها على الحكومات المضيفة».
وتحدثت المصادر عن أبعاد أخطر لمواقف ترامب، وهي أن ينسحب التوطين ليس فقط على النازحين السوريين، بل على اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين، إذ إن ترامب لم يحدد أي نازحين، بل استخدم مصطلح اللاجئين، ما يشكل خطوة على طريق تصفية القضية الفلسطينية».
ودعت المصادر حكومات دول النزوح الى عدم الاكتفاء بالمواقف الرافضة، بل إلى إقران ذلك بخطوات عملية وإجراءات على المستوى المحلي والدولي، ودعت الحكومة اللبنانية للإسراع في التواصل مع السلطات السورية المعنية وتشكيل لجان تنسيق مشتركة بين الدولتين ووضع خطة شاملة ممنهجة ومتسلسلة لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم وهو الحل الوحيد. وحذرت المصادر نفسها من أن تعاطي الحكومة وبعض القوى السياسية مع الملف باستسهال ورفض المفاوضات مع النظام السوري سيطيل أمد الأزمة الى عقود من الزمن، وبالتالي سنكون أمام توطين مقنع، الأمر الذي سيفرض أمر واقع دولي بتوطينهم رسمياً أو سيتحوّلون حالة مشابهة للاجئين الفلسطينيين، وبالتالي مَن يعارض التنسيق مع سورية يساهم في إبقاء أزمة النازحين قائمة، وبالتالي يدفع باتجاه التوطين المقنع».
ويردّ رئيس الجمهورية على تصريحات الرئيس الأميركي اليوم خلال خطابه في الأمم المتحدة، حيث سيرفض خلاله باسم الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية التوطين وسيطلب دعم المجتمع الدولي لحل سريع لأزمة النازحين، وسيلمح عون بحسب مصادر مطلعة الى خطوات منفردة سيلجأ إليها لبنان لمعالجة أزمة النزوح، لا سيما بعد أن تمكن بجهد قواه المسلحة ومقاومته وشعبه من دحر التنظيمات الإرهابية وتحرير الجرود الحدودية الأمر الذي يسهل التواصل مع الحكومة السورية لحل مشترك للأزمة.
وأكد وزير العدل سليم جريصاتي في تصريح له في المجلس النيابي، أن «التوطين لن يحصل لأي نازح في لبنان وندعو الدول الأخرى المعنية بشأن النازحين الى ان تتخذ موقفاً يلائم سيادتها».
لقاء بري الحريري
ولم تحجب التصريحات الأميركية حيال التوطين الاهتمام المحلي بالملف الانتخابي، لا سيما بعد اقتراح رئيس البرلمان تقصير ولاية المجلس النيابي. ولهذه الغاية عقد اجتماع بين الرئيسين بري والحريري بعد الجلسة النيابية، بحضور عدد من النواب، وقالت مصادر مطلعة إن «النقاش تمحور حول الملف الانتخابي والهوية البيومترية ومدى قدرة وزارة الداخلية على إنجاز البطاقات قبل شهر أيار»، ولفتت المصادر الى أن «الرئيس بري اتفق مع الحريري على عقد جلسة لإقرار قانون لتمويل إنجاز البطاقات».
مخاوف رئيس المجلس من الفراغ
وعن اقتراح القانون المعجل المكرّر لتقصير ولاية المجلس، أوضح مصدر نيابي في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» أن «الاقتراح سيأخذ مجراه القانوني، وهو مستمر، وحتى لو تم تمويل إنجاز البطاقات، فهل يضمن أحد إنجاز 4 ملايين بطاقة قبل شهر أيار في حين أن بطاقات الهوية العادية لم تُنجز حتى الآن؟
وعما إذا كانت جلسة التمويل ستسبق جلسة نقاش اقتراح الرئيس بري، لفت المصدر الى أن «لا شيء يمنع من عقد جلسة نقاش للملفين لارتباطهما ببعضهما»، لكنه أضاف: «أقر قانون تمويل البطاقات أو لم يقر وتمّ التخلي عن اعتماد الهوية البيومترية في هذه الانتخابات، فإن الكتلة في الحالتين ماضية باقتراح تقصير ولاية المجلس».
وعن انعكاس ذلك على الإصلاحات، أجاب المصدر: «أي إصلاحات؟ معظم اصلاحات قانون الانتخاب قد أنجزت باستثناء الهوية البيومترية وتسجيل الناخبين في المناطق التي سيقترعون فيها، فلماذا لم تنجز هذه الأمور منذ ثلاثة أشهر؟ ولماذا طرحت الآن والبلاد على مسافة أشهر من الانتخابات؟ ونقل المصدر مخاوف لدى رئيس المجلس من أن تكون مسألة البطاقة وغيرها تمييع للوقت لفرض تأجيل الانتخابات على المجلس والعودة إلى شبح الفراغ النيابي، لذلك قطع بري الطريق بالاقتراح الذي قدّمه على أي سيناريو من هذا القبيل».
وفي سياق ذلك، قال الحريري بعد لقائه بري: «تعبنا كي نصل الى قانون انتخاب، وهناك بعض الأمور بحاجة للتوضيح». وأشار إلى انّ «الرئيس بري يعمل لتفادي الأسوأ. وهذا موضع نقاش». وختم الحريري مطمئناً اللبنانيين: «لا داعي للخوف فالوضع الأمني ممسوك وكل الأجهزة الأمنية على اتم استعداد واستنفار. وهذا قبل ورود أي تحذير».
المجلس أقرّ قوانين جديدة
وأقرّ مجلس النواب في جلسته العامة التي انعقدت أمس برئاسة الرئيس بري، اقتراح القانون الرامي الى معادلة شهادة البكالوريا الدولية بالبكالوريا اللبنانية للتلامذة اللبنانيين.
وأرجأ بري اقتراحات القوانين المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب كالقانون المتعلّق بصندوق تعاضد القضاة انطلاقاً من استقلالية القضاء في انتظار قرار المجلس الدستوري. وأكد إدراج الاقتراحات على جدول أعمال الجلسة اللاحقة. وأحال بري اقتراح قانون إقرار يوم عيد إعلان دولة لبنان الكبير الى لجنة الإدارة والعمل، وأجّل الاقتراحات المتعلقة بالدوام الرسمي يوم الجمعة لدرسها بهدوء لأنها تثير حساسية لدى المسلمين.
كما أرجأ مجلس النواب اقتراح القانون المتعلق بالعطلة الأسبوعية يومي الجمعة والأحد، وربطه بالطعن بقانون الضرائب ولمزيد من البحث.
وعلق بري قائلاً: «هذا الأمر «عمل» بلبلة وعلماء مسلمون رفعوا مذكرة طالبوا أن يكون الجمعة يوم عطلة». واعتبر النائب خالد الضاهر أن إرجاء هذا الموضوع يفاقم المشكلة. فرد بري قائلاً: «لا يزايدن أحد على إسلامي».
وعلّقت مصادر نيابية على الجلسات التشريعية بـ «أنها منتجة وبعيدة عن النكد السياسي وأنجزت قوانين هامة لمصلحة البلد لا سيما الأحكام الضريبية المتعلقة بالنفط ما يشكّل خطوة مهمة لإطلاق دورة التراخيص وتلزيم الشركات لبدء التنقيب عن النفط واستثمار الثروة النفطية».
الدستوري أرجأ جلسته للغد
على صعيد آخر، التأم المجلس الدستوري في جلسة ثانية أمس، لاستكمال النظر في الطعن في دستورية القانون 45 الخاص بإحداث الضرائب وقرّر التوسع في مناقشة بنود أخرى في القانون، بعدما ظهر أنّ هناك مخالفات دستورية أخرى ارتكِبت في بعض مواد القانون، خصوصاً أنّ إحداث ضرائب جديدة خارج إطار الموازنة العامة يُعَدّ خروجاً على الدستور. وفيما أرجأ جلسته الى يوم الجمعة المقبل، أفادت الوكالة الوطنية أن «المجلس الدستوري سيطلب إدخال تعديلات على بعض بنود قانون الضرائب وأبرزها الازدواج الضريبي».
وقالت مصادر نيابية لـ «البناء» إن «قانون سلسلة الرتب والرواتب أصبح نافذاً بعد إقراره في المجلس النيابي ونشره في الجريدة الرسمية وسيصار الى صرف المستحقات على الموظفين، لكننا بانتظار قرار المجلس الدستوري لتمويل السلسلة ويبنى على الشيء مقتضاه».
واذ لفت الى أن قرار الدستوري يشوبه الغموض وبقي طي الكتمان، توقع المصدر أن «يقبل الدستوري الطعن في بعض البنود ويطلب من المجلس النيابي تعديلها»، وأوضح أن «المجلس النيابي ملزم بالأخذ بهذه التعديلات».
عون يقاطع حفل ترامب
ويجري الرئيس الأميركي حفل استقبال لرؤساء الوفود المشاركة في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، وأفادت معلومات بأن عون لن يشارك في الحفل، وقال مستشاره الإعلامي جان عزيز عبر «تويتر»: «لم يحضر فخامته حفل استقبال الرئيس الأميركي أمس لأسباب لوجستية كثيرة ومتعددة».
وكان رئيس الجمهورية قد واصل لقاءاته في نيويورك على هامش ترؤسه وفد لبنان الى الجمعية في دورتها الثانية والسبعين. ولفت الى ان «الجيش قادر على الوقوف في وجه الإرهاب والإرهابيين وان المساعدات التي تصله تعتبر اساسية ليتمكن من القيام بمهامه كاملة أمام عدو صعب ومتمرّس نجح في زرع الخوف والقتل في كل أنحاء العالم». وطمأن أعضاء الوفد الذين سألوه عن الوضع في لبنان، إلى أن «الامور تسير على السكة الصحيحة، وأنه عازم على إكمال مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد».
ونبّه من جهة ثانية، إلى «الخطر الاسرائيلي الذي لا يزال جاثماً وتربّص إسرائيل بلبنان، واستمرارها في انتهاك سيادته من خلال الخروق اليومية لأجوائه وللقرارات الدولية».