اللواء
توقُّف المفاوضات يُنذر بمواجهات ضارية.. والوسيط الفرنسي يستنكف!
200 نازح إلى سوريا الثلاثاء ومطالبة قطر بإخراج لبنانيات من رفح .. وتصعيد قواتي بوجه «مفوضية اللاجئين»
أدخلت مغادرة الوفود المشاركة في مفاوضات «الهدنة» في غزة القاهرة الى الدوحة وواشنطن وتل ابيب كنتيجة لعدم إحداث خرق في الهوة بين المواقف، بعد قبول «حماس» ومأزق الرفض أو القبول لدى حكومة بنيامين نتياهو، الذي وصفته «الدوائر الأميركية» بالمتهور، أدخلت مسألة الترقب، في دائرة الاهتمام البالغ، لرؤية الموقف، اذا ما ركب نتنياهو رأسه مجددا، مع فريق التطرف اليميني في الكابينت، مع تعزيز استنفار جهات المساندة، ووضع آليات لمواجهات اكثر ضراوة ما لم تعاود المفاوضات بأسرع وقت، وتتوقف عملية استهداف رفح، او حصار القطاع على نحو اشد ايلاماً وقسوة.
ولئن كان ملف النزوح السوري احتل حجر الزاوية في اللقاءات والتحركات والمذكرات المحلية، من بكركي الى عين التينة، فإن الجمود المتصل بالحركة الديبلوماسية حول القرار 1701، وضع مسألة الاستقرار الجنوبي على فوهة بركان.
واستنكف الجانب الفرنسي عن متابعة جهوده. وكشف المساعد السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل ان الجانب الفرنسي لم يردّ على رد «الثنائي الشيعي» على المقترح الذي اعدته الخارجية الفرنسية لتطبيق الرار 1701، واعادة الهدوء الى طرفي الحدود بين لبنان واسرائيل.
وكشف خليل ان الاوراق التي عرضت على الثنائي فيها «تجاوز لمنطوق القرار 1701»، مشيرا الى ان سعي بعض الموفدين للضغط من اجل فك المسارات عن غزة قوبل برفض من «الثنائي».
وقال خليل: ملاحظتنا على الورقتين اننا نريد تثبيت الحدود، وليس اجراء مفاوضات على ترسيم الحدود لانها مرسمة اصلا.
مصير الهبة
في الشأن السوري، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة في تصريح لـ «اللواء» أن أي موقف من موضوع هبة المليار يورو هو ملك المجلس الذي في إمكانه اما إصدار توصية أو موقف، وأشار إلى ان الموضوع اعمق من الهبة إنما اصل المشكلة أي حجم النزوح السوري في بلد صغير ومتعب، مؤكدا أهمية أن تتحول جلسة مجلس النواب إلى مناسبة لإعلان الإجماع على معالجة هذا النزوح ورفض موقف الاتحاد الأوروبي من بقاء النازحين على أرض لبنان واندمامجهم في المجتمعات الموجودين فيها.
إلى ذلك قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن اجتماع بكركي نجح في الخروج من جعله يرتدي طابعا معينا وبرز توجه للعمل على الالتزام بعودة النازحين إلى سوريا وفق القواعد التي حُكي عنها سابقا. ورأت أن مصير الهبة يُحسم من خلال التوجه في المجلس النيابي.
بري لوفد التكتل: الإجماع عنصر قوة
وفي اطار التحركات لشرح الموقف من النزوح السوري، ابلغ وفد من تكتل لبنان القوي (التيار الوطني الحر) الرئيس نبيه بري ان نواب التكتل سيحضرون الجلسة.
وقال الرئيس بري للوفد: هناك اجماع حول الموقف من النازحين وهذا مصدر قوة.
واوضح النائب سليم عون باسم التكتل: إن كان الهدف من الهبة المالية الاوروبية عودة النازحين، فنكون على الطريق الصحيح.
200 نازح في الطريق الى بلادهم
وكشف الاجتماع الموسع والمغلق حول النزوح السوري في بكركي عن توجه لتسيير عودة قافلة من السوريين لا تتجاوز الـ200 نازح الاسبوع المقبل.
وشارك في الاجتماع الذي ترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وزراء الداخلية بسام مولوي، والشؤون الاجتماعية هكتور حجار، والمهجرين عصام شرف الدين والعدل هنري الخوري والتربية عباس الحلبي، والنائب نعمة افرام، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وممثلين عن الاجهزة الامنية ورئيس المركز الماروني المطران سمير مظلوم، واعضاء المركز الماروني للأبحاث والتوثيق.
واكد مولوي نبأ قافلة العودة الطوعية للسوريين، فيما ذهب شرف الدين الى انه على استعداد لزيارة سوريا اذا كلف رسميا بذلك لبحث موضوع العودة، محددا الثلاثاء موعد المغادرة، ومتحدثاً عن 2000 عائد وليس 200 فقط.
تصعيد «قواتي» بوجه المفوضية
وفي موقف تصعيدي، بوجه مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين اتهم وفد من تكل الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) المفوضية بخرق مذكرة التفاهم الموقعة بين المديرية العامة للامن العام وبين المفوضية، والتي نصت (2003) ان «الحل الأنسب لطلب اللجوء، هو إما بتوطينهم في بلد ثالث غير لبنان، او اعادتهم الى وطنهم الاصلي، كذلك ضمن مهلة محددة»، لكن.. «مفوضيتكم السامية ضربت عرض الحائط بتعهداتها، وخصوصاً لجهة عدم اعتماد لبنان بلد لجوء.
وجاء في كتاب «القوات»: «عدم التقيُّد بتنفيذ أحكامها يُشكّل خرقاً لموجب تعاقدي دولي، يستدعي إعلان مسؤولية الطرف الذي أخّل باحترام موجباته التعاقدية، فإنه وبتصرُّفكم وتصرّفاتكم المُناقضة لأحكام هذه المذكّرة، تساعدون اللاجئين بغية اندماجهم في المجتمع اللبناني، وتوطينهم خلافاً لأحكام الدستور. ويُعرّضكم للمُساءلة أمام القضاء المختص، مع الإشارة، إلى إمكانية الطلب من الدولة اللبنانية، إقفال مكاتبكم في بيروت، سيما أنه ليس هناك إتفاق بشأن المقرّ كما هو حاصل مع باقي المُنّظمات الدولية أو الفروع القانونية للأمم المُتّحدة.
لكن سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان ساندرا دووال اكدت ان مستقبل السوريين هو في سوريا، مشيرا الى ان هبة المليار يورو هي التزام سياسي من الاتحاد لدعم لبنان ماليا، والجزء الاكبر يعود بفائدة على اللبنانيين.
بخاري في كليمنصو
رئاسياً، وبعد عودته من فرنسا وقطر،استقبل النائب السابق وليد جنبلاط سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد بخاري، وجرى استعراض الوضع في لبنان، وجمود الملف الرئاسي، على الرغم من مساعي اللجنة الخماسية لإنهاء الشغور في المركز الاول في الجمهورية.
جعجع
وميّز رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بين ما أسماه الثورة السورية التي ما يزال يدعمها و«قبول السوريين على ارضنا» فهذا شيء آخر، واعتبر ان جريمة باسكال سليمان «ما قطعت» والنتيجة الاولى هي ما يحصل مع اللاجئين السوريين، داعيا لفتح البر لعودة السوريين .
وفي الموضوع الرئاسي كرر جعجع لم ولن نقبل بسليمان فرنجية، وقبلنا المرشح الثالث الا ان الفريق الآخر لم يقبل ونحن نريد رئيسا يحمي مصالح الشعب اللبناني.
ورفض تقصير ولاية المجلس النيابي، في هذا الظروف، واتهم الثنائي بتعطيل الانتخابات الرئاسية، ويتحدث عن حوار، وفتح جبهة الجنوب من دون اي حوار مع احد، مشيرا الى رفض طاولة الحوار لعدم خلق اعراف لا نريدهما.
وكشف عن المشاركة في جلسة الاربعاء لنستفهم من الرئيس بري عن تفاصيل الهبة، ان كانت لابقاء السوريين او مساعدات للقيام باصلاحات.
على الارض، نظم «التيار الوطني الحر» تحركا احتجاجيا للمطالبة باعادة النازحين السوريين في ساحة جبران خليل جبران المواجهة لمبنى الاسكوا في بيروت، وسط انتشار امني.
ورفع المشاركون الاعلام اللبنانية واعلام التيار وشعارات «لبنان للبنانيي مش لشعب تاني»، «لبنان مش للبيع»، ووزعوا شيكا رمزيا بقيمة 14الف ليرة هي حصة كل لبناني من هبة الاتحاد الاوروبي المفترضة.
طلب مساعدة قطرية لإخراج لبنانيات من رفح
في اطار يتعلق بتطور الوضع في رفح، طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب من السفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني المساعدة القطرية لإخراج نساء لبنانيات وعائلاتهن عبر معبر رفح، ما زالوا عالقين منذ بدء العدوان على غزة، بالرغم من كافة محاولاتنا السابقة لإيصالهم الى بر الامان».
معلناً بعد لقائه بالسفير ترحيب لبنان بالدولة القطرية لإخراج لبنان من أزمته الرئاسية.
الوضع الميداني
ميدانياً، بعد استهداف الاحتلال سيارة «رابيد» كان بداخلها مناصرون من حزب الله، في بلدة بافليه، وادى الى استشهاد اربعة، بينهم ثلاثة من حزب الله، نعاهم لاحقا، ردت المقاومة باستهداف منظومة اسرائيلية فنية مستحدثة، في موقع راميا، واصابتها اصابة مباشرة.
واعلنت المقاومة ايضا استهداف آلية عسكرية في موقع المالكية بالاسلحة المناسبة.
البناء
بايدن يهدد نتنياهو بوقف كل الأسلحة والذخائر إذا ذهب إلى معركة رفح الكبرى
نتنياهو: سنقاتل وحدنا إذا اقتضى الأمر… وتظاهرات تأييد وتنديد في واشنطن
وفد حماس غادر القاهرة متمسكاً بموافقته على العرض… واليمن إلى مرحلة خامسة
وسط احتدام المعارك شرق رفح، وتعليق المسار التفاوضي، صعد صخب الكلام العالي السقوف بين واشنطن وتل أبيب، حيث أطلّ الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث إلى قناة «سي ان ان» عن رفض قاطع لمعركة كبرى في رفح لمخاطر تحول ذلك الى كارثة انسانية، قائلة إنه اذا ذهب جيش الكيان الى هذه المعركة فإن واشنطن لن تتردد في وقف ارسال كل الأسلحة والذخائر إليه، مضيفاً أن الأسلحة الأميركية استخدمت في قتل المدنيين، وأنه لن يسمح باستخدامها مجدداً لذلك، ورد رئيس حكومة الكيان ووزير حربه وقادة آخرين في الكيان على كلام بايدن، وقال نتنياهو إنه سيذهب الى الحرب وحيداً ولن يتراجع إذا اضطر لذلك، لكنه لن يسمح لأحد بأن يقرّر بالنيابة عن حكومته ما يجب أن تفعل.
رغم كل صخب الكلام وضجيجه، لم يقتنع الكثيرون بجدية الخلاف بين واشنطن وتل أبيب، بعدما وقفت إدارة الرئيس بايدن بكل ثقلها تقاتل طلاب الجامعات والشارع الملتهب دفاعاً عن اصطفافها الأعمى مع الاحتلال وجرائمه، التي دافعت عنها واشنطن في كل المحافل والمستويات وتصدّت لكل محاولة لمساءلة الكيان عليها، وموقف واشنطن بتسخيف الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا بحق الكيان حاضر ولم ينسَ بعد، وقبل أيام قليلة كان أعضاء من الكونغرس الأميركي يهددون أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، بعدما تمّ تداول أنباء عن احتمال ملاحقة عدد من كبار المسؤولين في الكيان، وبينما رأى البعض أن ما يجري هو مجرد تقاسم أدوار مربح للطرفين، اعتبر آخرون أن فشل الحرب بدأ يفرز معادلة جديدة، سوف تضطر فيها واشنطن لوضع أولوية وقف الحرب على رأس جدول أعمالها، بينما تعتقد حكومة نتنياهو أن التسليم بفشل الحرب يمثل بذاته هزيمة لا تحتمل.
في واشنطن حراك شعبي وسياسي مؤيد لمواقف بايدن، وحراك سياسي وشعبي مندّد بمواقفه، وفي الكيان مواقف مؤيدة لنتنياهو ومواقف مندّدة بالاستهانة بخسارة دعم واشنطن.
في القاهرة مناخات تعليق المفاوضات ترجمتها مصادر أميركية بالحديث عن توقف مؤقت، فيما غادر وفد حركة حماس القاهرة، مؤكداً أن لا شيء لديه يضيفه على تمسكه بموافقته على العرض الذي وضعه الوسطاء، محملاً نتنياهو وحكومته مسؤولية إفشال فرص الحل التفاوضي، وبالتالي الذهاب الى المواجهة التي سوف يكون الأسرى في غزة أول ضحاياها.
على جبهات القتال مزيد من التصعيد من غزة إلى جنوب لبنان وصولاً الى اليمن، حيث عدد من السفن الجديدة المستهدفة، وإعلان من السيد عبد الملك الحوثي عن اقتراب الإعلان عن مرحلة خامسة، وعن الاستعداد للذهاب بعيداً دون ضوابط وخطوط حمر إذا أصرّ الاحتلال على المضي قدماً في معركة رفح.
وفيما واصل العدو الإسرائيلي توغله في رفح جنوب غزة، في ظل تعثر مفاوضات القاهرة بعد تجاهل حكومة نتنياهو الورقة المصرية التي وافقت عليها حركة حماس، شهدت الجبهة الجنوبية مزيداً من السخونة والتصعيد على جانبي الحدود، إذ مضت المقاومة في لبنان بتنفيذ العمليات النوعية ضد مواقع وتجمّعات جيش الاحتلال والمنازل التي يتخفى فيها في مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وأكدت مصادر ميدانية لـ»البناء» أن «المقاومة لا تزال تتحكم في الميدان وتملك زمام المبادرة وكل الشمال يقع تحت أعين رجال المقاومة ومرمى صواريخها، وتتحكم بالأهداف بأريحية ولديها بنك معلومات وفيرة وأهداف كثيرة جداً وقدرة كبيرة على استهدافها»، لافتة الى أن «جيش الاحتلال يتخذ إجراءات قاسية ولا يتحرك إلا وفق الضرورة ويتحصن في أماكن جبلية وفي منازل المستوطنين الذين تهجروا منها»، مؤكدة «تكبيد العدو خسائر فادحة رغم التعتيم الإعلامي والرقابة العسكرية المشددة التي يفرضها على خسائره وقتلاه لا سيما من الضباط». وشددت المصادر على أن «المقاومة لديها العديد من المفاجآت التي ستؤلم العدو وتكبّده خسائر فادحة وتمنعه من فرض قواعد اشتباك جديدة على المقاومة»، مكررة التزام «المقاومة بالمعادلات الميدانية المتماثلة والمتوازنة لمواجهة العدو حتى توقف العدوان على غزة».
وفي سياق ذلك، أعلنت المقاومة الإسلامية في سلسلة بيانات متلاحقة استهداف إحدى المنظومات الفنية المستحدثة التي تم تثبيتها مؤخرًا في موقع راميا بالأسلحة المناسبة، وأصابوها إصابة مباشرة ما أدى إلى تدميرها. كما استهدفت مركزًا قياديًا مستحدثًا للعدو الإسرائيلي في مستعمرة نطوعة بقذائف المدفعية، وأصابته إصابة مباشرة، ومجموعة لجنود العدو الإسرائيلي في نقطة الجرداح بالأسلحة المناسبة وأصابتها إصابة مباشرة وأوقعت أفرادها بين قتيل وجريح. كما قصفت انتشاراً لجنود العدو الاسرائيلي في محيط موقع جل العلام بصاروخ بركان من العيار الثقيل.
وفي إطار الرد على اغتيال المجاهدين في بلدة بافليه، شنت المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية استهدفت القيادة العسكرية لإدارة قوات العدو في مستعمرة كفرجلعادي ومحيطها، وأصابت غرفة عملياتها بشكلٍ مباشر وأوقعت ضباطها وجنودها بين قتيلٍ وجريح. كما واستهدف المجاهدون آلية عسكرية في موقع المالكية بالأسلحة المناسبة وأصابوها إصابةً مباشرة وأوقعوا طاقمها بين قتيلٍ وجريح وشوهدت النيران تشتعل فيها.، وقصفوا موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
في المقابل استهدف طيران الإحتلال الإسرائيلي المسيّر سيارة من نوع رابيد، على طريق بافليه ارزون. وأطلقت المسيّرة باتجاه الرابيد أكثر من صاروخ قبل أن تتمكّن من إصابتها. وتوجّهت فرق الإسعاف إلى المكان، حيث عملت على نقل من كانوا داخل السيارة. لاحقاً، أفاد الدفاع المدني على حسابه على «إكس» ان الاستهداف «أسفر عن سقوط أربعة شهداء للمقاومة، حيث قام العناصر بسحب جثامينهم وتولّت جهات أخرى نقلهم الى المستشفى».
ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» أن «الورقة الفرنسية تحاول من خلال البنود التي تضمنتها تعديل القرار 1701 لصالح «إسرائيل»، أي بمعنى آخر، نقل القرار من الفصل السادس الى السابع، ما لم تقبله المقاومة ولا الحكومة اللبنانية في عز عدوان تموز 2006، لذلك يتصرف الفرنسيون على أن «إسرائيل» المنتصرة في الحرب فيما حزب الله مهزوم»، وأوضحت الأوساط أن «لبنان سجل تحفظاته على الكثير من بنود الورقة وسلمها للفرنسيين وذلك بعد دراسة قيادتي حزب الله وحركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري وبالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي»، وبينت الأوساط أن من ابرز التحفظات اللبنانية هي إبعاد قوة الرضوان 7 كيلومترات باتجاه شمال الليطاني تحت عنوان ملطف «إعادة تموضع»، إذ لا يمكن إجبار أهالي القرى الحدودية من قوة الرضوان أو أي وحدة في حزب الله الانسحاب منها، كما لا يمكن منح قوات اليونفيل صلاحيات أو حرية حركة في القرى ومن دون التنسيق مع الجيش اللبناني، اضافة الى رفض لبنان أن تعمل وحدات الجيش في الجنوب تحت إمرة وتوجيهات قوات اليونفيل، كما رفض لبنان تشكيل لجنة بمشاركة «إسرائيل» فيها. كما يطالب لبنان انسحاب قوات الاحتلال من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة والنقاط المتحفظ عليها. وجزمت الأوساط بأن «لا اتفاق قبل الأخذ بالملاحظات اللبنانية، علماً ان الورقة الفرنسية لن تطبق ولا تهدئة في الجنوب قبل توقف العدوان على غزة».
وفي سياق ذلك، أشار عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل الى ان جبهة الجنوب ستتوقف إذا توقف العدوان على غزة، لكن إذا اختار العدو الإسرائيلي الاستمرار في حربه فلا بدّ من التصدي. ولفت خليل في حديث تلفزيوني، الى ان بعض الموفدين حاول الضغط على لبنان من أجل فك المسارات مع غزة لكن موقفنا كان واضحاً. وشدد على ان عملية إعادة إعمار الجنوب شأنٌ وطنيّ، لكن بعض السياسيين للأسف وفي موقف خطر نفى مسؤولية الدولة لاعتبارات سياسية.
وخطف ملف النزوح السوري الاهتمام الرسمي والسياسي والروحي، وحط في الصرح البطريركي، حيث عقدت الطاولة المقفلة لمناقشة الأزمة، بدعوة من المركز الماروني للأبحاث والتوثيق، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والوزراء في حكومة تصريف الأعمال هكتور الحجار، عصام شرف الدين، هنري الخوري، قائد الجيش العماد جوزاف عون، النائب نعمة افرام، وممثلين عن قادة الأجهزة الأمنية وعدد من المحافظين، ووأوضح مولوي قبل الاجتماع أن «الهبة الأوروبية لم تبتّ بعد كلياً»، قائلًا: «ستسمعون قريباً بقافلة عودة طوعية للسوريين إلى بلدهم نعمل عليها». وتابع مولوي من بكركي «سندافع عن لبنان ونطبق الإجراءات اللازمة والتعاميم نُفّذت بنسب متفاوتة بين البلديات ولن نقبل ببقاء السوريين غير الشرعيين»، فيما أعلن شرف الدين، من بكركي، أن «الثلاثاء عند السادسة صباحاً تنطلق أول قافلة سوريين إلى بلدهم وتقلّ ألفي سوري».
وإذ علمت «البناء» أن التواصل قائم بين مسؤولين لبنانيين رسميين والسلطات السورية لتنسيق قوافل العودة الى سورية التي أبدت استعدادها التام للتعاون مع الحكومة والأجهزة الأمنية اللبنانية لتسهيل عودة النازحين، كشفت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» أن لا مقاربة لبنانية موحدة لمعالجة أزمة النزوح، بسبب الخلافات السياسية حتى داخل الحكومة، اضافة الى الضغوط الخارجية على بعض اطراف الحكومة لعدم التواصل مع الحكومة السورية وعدم إعادة النازحين الى سورية.
في سياق ذلك، كشف الوزير الحجار أن «هناك خطة وأكثر من خطة في ملف النازحين السوريين، ولكن ما من مرجعية واحدة للتنفيذ، وهناك تضارب في الصلاحيات، ولا قرار واضحاً مئة في المئة وكما ان هناك تدخّلا أمميّاً».
كما علمت «البناء» أن «جزءاً كبيراً من الهبة الأوروبية للبنان مشروطة بإصلاحات سبق وطلب إقرارها صندوق النقد الدولي والدول المانحة، كما أن الجزء الآخر من هبة المليار دولار من غير الواضح لمن ستعطى، الى الدولة اللبنانية ليصار الى صرفها عبر المؤسسات الرسمية أو عبر جمعيات المجتمع المدني».
وحضر ملف النزوح في عين التينة، حيث زار وفد من نواب تكتل لبنان القوي الرئيس بري وتناول اللقاء عرضاً للمستجدات السياسية وملف النازحين السوريين ولشؤون تشريعية. وبعد اللقاء الذي استمرّ زهاء ساعة قال النائب سليم عون: «المال على أهميّته يجب أن يكون وسيلة للعودة، ولكن على الإطلاق لا يجب أن يكون هو الهدف أو إذا اخذنا حتى حسن النية يجب ألا يكون عاملاً تخديرياً لإطالة وجود النازحين فالوقت الذي لا نعطيه أي قيمة منذ ١٣ عاماً واذا أضفنا اليها ٤ سنوات سيتفاقم الوضع أكثر وسيكون العدد قد ازداد والجميع يعرف نسبة الولادات من جهة إضافة الى النزوح الجديد نتيجة فتح الحدود وعدم ضبطها من جهة ثانية وذلك يفاقم الأزمة».
على صعيد آخر، شدد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض على أن «التنسيق مع الجانب السوري قائم وسنعمل فيما خصّ المياه والأنهر المشتركة، وسنقوم بتنسيق أكبر حتى لا تكون مصلحة أي أحد على حساب آخر»، مشيراً الى أنه «أرسل رسائل الى وزير المياه في سورية بهذا الخصوص وستكون هناك زيارة الى سورية لمتابعة الملفات ذات الاهتمام المشترك».
الأخبار
كيف تكيّفت المقاومة مع واقع الجبهة؟ من الدفاع السلبي إلى «الصياد القاتل»
السخونة الواضحة على الجبهة اللبنانية مع قوات الاحتلال لها بعدها المهني والميداني الخاص. هذا لا يعني أنها تقع خارج السياق السياسي للمرحلة الصعبة من البحث حول مستقبل الحرب على غزة. لكنها تعكس في جانب أساسي منها نتيجة لجولة جديدة من المواجهة العسكرية المستندة إلى جهد استخباراتي يحتاج بدوره إلى ظروف وعناصر ليس من السهل توفّرها تحت النار.خلال ثلاثة أشهر من المواجهة، أطلقت المقاومة في لبنان أكبر عملية تكيّف مع الوقائع الجديدة. خططها السابقة لـ«طوفان الأقصى» لم تشتمل على مواجهة كالتي تدور الآن، وكانت الجهوزية النوعية لوحدات المقاومة العسكرية تنطلق من خطتين، واحدة دفاعية لها معطياتها في ظل احتمال إقدام العدو على شن حرب على لبنان، وثانية هجومية تقوم على احتمال أن تبدأ المقاومة الحرب ضد العدو، سواء أكان رداً على اعتداء ما أم حتى من دونه. وفي الحالتين، كانت برامج التدريب تقوم على أسس مختلفة.
من لم يفهموا بعد أن المقاومة في لبنان فوجئت بعملية «طوفان الأقصى»، ربما تساعدهم الوقائع الميدانية على فهم الأمر. ومرة جديدة، لم يصب سوء المقاومة لأن حماس أطلقت عملية نوعية من دون تشاور أو تفاهم مسبق، لا بل سرعان ما لمست فوائد ما قامت به المقاومة الفلسطينية. فعلى مدى الفترة السابقة، أُتيح لحزب الله اكتساب تجربة غير مسبوقة، لم يكن في الإمكان التخطيط لها في سياق الاستعداد لمواجهة أوسع أو أكثر شمولية مع العدو.
في الخطب العلنية كما في الجلسات المغلقة، يؤكد حزب الله أنه لا يخطط لحرب شاملة أو مواجهة من دون ضوابط مع العدو. ويشدّد، من خلال مواقفه السياسية، والأهم من خلال برنامج عملياته العسكرية، أنه يقود جبهة إسناد للمقاومة في غزة، ويوفر كل ما تتطلبه جبهة الإسناد. وهي مهمة تجري وسط قواعد أكثر خصوصية، تستهدف أساساً تحييد المدنيين اللبنانيين إلى أبعد الحدود، وتضييق رقعة الاشتباك العسكري بما يقلّص حجم الضرر عليهم. وقد نجح الحزب، خلال ستة أشهر ونصف شهر، في قيادة عمل عسكري نوعي يزعج العدو ويربكه، فيما تمضي بقية البلاد في حياتها اليومية.
التكيّف الذي أنجزه الحزب تمثّل في المرحلة الأولى بإعادة نشر مجموعات المقاومة في الجبهة الأمامية بطريقة تحاكي بصورة عملانية المناخ الحربي الواسع القائم في هذه الرقعة، أي ما يؤمّن وصول المجموعات إلى نقاط الاستطلاع وتحديد الأهداف وفحصها، ثم تمكين المقاتلين من تنفيذ المهام التي تحتاج إلى قواعد عمل لا تشبه العمليات الفدائية التقليدية التي يعرفها الناس على قاعدة «اضرب واهرب». ذلك أن المتطلبات اللوجستية للعمليات، وطريقة التنفيذ، تحتاج إلى أسلحة من نوع مختلف عن تلك التي اعتاد الناس مشاهدتها. كما أن هذا النوع من المواجهة يحرم المقاومة من الكمائن التقليدية التي تحتاج اإى نصب شرك متفجّر على طريق تسلكه آلية أو مجموعة مشاة. على العكس من ذلك، فإن المقاومة في المواجهة الحالية تقوم على مبدأ الهجوم المتواصل. وحصل خلال مرة أو اثنتين أن حاول العدو إرسال قوات في مهام استطلاع، فجرى التصدي لها من خلال شرك تفجيري دفاعي. لكنّ الغالبية الساحقة من عمليات المقاومة ذات طابع هجومي، حتى ولو كانت تستهدف نقاطاً ثابتة لقوات الاحتلال في مواقع أو مراكز أو بنى مدنية يستخدمها جنود الاحتلال.
والدفاع السلبي الذي يعتمده المقاومون في مواجهة العدو، احتاج إلى آليات عمل جديدة، في مواجهة التطور التقني الهائل في سلاح الاستطلاع والتعقّب من قبل جيش الاحتلال. وقد أدى تعطيل غالبية أجهزة التجسس الثابتة إلى ضرر كبير في حركة العدو، لكن سلاح الجو المُسيّر المتطور جداً لدى قوات الاحتلال، والمبني على «داتا» معلومات هائلة تمّ جمعها خلال 17 عاماً، سمح لقوات الاحتلال بفرض قواعد عمل جديدة على عناصر المقاومة، سواء لناحية مواقع الانطلاق أو التثبيت أو طريقة الوصول إلى نقطة العمل وآلية التنفيذ والابتعاد عن ردة الفعل السريعة لأسلحة العدو.
هذه العملية التي تشمل الدفاع السلبي ومن ثم العمل الهجومي، مرّت بفترات طويلة قبل أن تتحول إلى قاعدة فعّالة في عمل المقاومة، خصوصاً بعدما فرضت عملياتها وقائع ميدانية مختلفة على جيش الاحتلال، فاضطرته لإخلاء غالبية مواقعه، ولانتشار مع برنامج دفاع سلبي جعل الجنود لا يخرجون من نقاط معينة لأيام، وحدّ من حركة التنقل بين المواقع، وجعل اجتماعات ميدانية كثيرة لقوات الاحتلال تحصل في مناطق مفتوحة، ما مكّن المقاومة من استخدام وسائل رصد خاصة، بعضها معلوم وبعضها سيبقى غير معلوم إلى أمد، واستعادة زمام المبادرة على صعيد جمع المعلومات حول حركة قوات الاحتلال، قبل أن يُترك للقيادة الميدانية اختيار الهدف الأفضل، وتحديد نوعية السلاح الأنسب، واختيار المقاومين القادرين على تحقيق النتيجة المرجوّة. ولم يحصل سابقاً أن قامت المقاومة بمغامرات على حساب حياة مقاتليها، لكنها تحمّلت وزر العمليات الخطيرة التي كان لا بد من تنفيذها ولو كانت المخاطر مرتفعة، وهو ما يبرز في حجم التضحيات الكبيرة التي قدّمتها منذ 8 تشرين الأول الماضي.
«ثوان قليلة» هو عنوان معركة أمنية – عسكرية تخوضها المقاومة لتحقيق تقدّم في حرب المُسيّرات والدفاع الجوي
في الآونة الأخيرة، بدا أن المقاومة وجدت علاجاً بقي بعيداً عن الإعلام لأحد التحديات المهمة في هذه المواجهة، والمتمثّل بالمُسيّرات الأكثر خطورة في منظومات طيران العدو. وقد نجح «العلاج» الجديد في إسقاط ثلاث مُسيّرات نوعية، وفي إجبار سلاح جو العدو على الابتعاد عن الأجواء اللبنانية لوقت طويل. كما طوّر الحزب في أسلحته المضادة للدروع، ما مكّنه من تخصيص كل هدف بما يناسبه من الأسلحة المضادة للأفراد أو الآليات، وصولاً إلى تلك المخصّصة للتحصينات. وباتت المقاومة قادرة بصاروخ واحد على إخراج آلية من الخدمة نهائياً، أو تدمير منشأة عسكرية أو مدنية يستخدمها الجيش، وتعريض أي مجموعة جنود للعدو للموت أو الإصابة.
وهذه العمليات ما كانت لتتم لولا استعادة المقاومة السيطرة الكاملة على المشهد الميداني المباشر، أي القدرة على الإحاطة الاستخباراتية بحركة العدو على طول الحافة، وفي العمق حيث تتمركز قيادات القرار الميداني والأمني. وهي إحاطة جعلت المقاومة تدير بعناية استخدام سلاح المُسيّرات الانتحارية (الانقضاضية) التي تحوّلت في الفترة الأخيرة إلى الصياد القاتل، حيث تصعب نجاة من تصيب مكان وجوده، سواء في خيمة أو مبنى أو شقة أو آلية. وهي عملية تتطلب عملاً أمنياً – تقنياً يسمح للمُسيّرة بالانطلاق من نقطة مناسبة والوصول اإى الهدف بطريقة تمنع تفعيل منظومات الدفاع الجوي بسرعة لتعطيل العملية برمّتها. والحديث هنا يدور عن ثوان في بعض الحالات، كما يستفيد المقاومون من خبرة على إدارة حركة المُسيّرات ضمن وقائع الجغرافيا الحدودية بين لبنان وفلسطين، بما يعيق مهمة أنظمة الرادارات الإسرائيلية، علماً أن المقاومة باتت قادرة على توفير عناصر الإلهاء للقبة الحديدية، وهو ما يضطر جيش الاحتلال للدفع بالطيران الحربي لملاحقة المُسيّرات. وفي هذه الحالة، تبرز أهمية الوقت القصير جداً، بين انطلاق المُسيّرة والوصول إلى هدفها.
تعمل المقاومة استناداً إلى واقع أن استعداد العدو للجبهة الشمالية لم يكن عادياً. وتمكن هنا الإشارة إلى التصريحات الأخيرة للرئيس السابق لأركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي خلال لقاء مع يهود أميركيين، إذ قال ما حرفيته: «الجيش الإسرائيلي لم يعتبر غزة تهديداً وجودياً. كانت الاستراتيجية على الأرض تقضي بالتركيز على إيران والساحة الشمالية»، مضيفاً: «من الصعب التصديق أنه من خلال القنوات الدبلوماسية سنحقق الوضع المنشود في الشمال والخيار الآخر هو عملية عسكرية».
COMMENTS