خاص ـ الحقول / “دعت” السعودية عشرات المعارضات السورية إلى مؤتمر الرياض. كلَّف اجتماع فيينا الدولي الأخير (14.11.015) السعوديين، بجمع هذا الشتات في “وفد موحد” إلى لقاء مع الحكومة السورية، يفترض أن يعقد مطلع العام المقبل، لـ”البحث عن حل سياسي”.
ينعقد المؤتمر بعد أن امتد الإرهاب إلى قلب أوروبا فأخافه. إستخدم الفرنسيون والإنكليز والأميركان ـ “الإسرائيليون” حرب الإرهاب ضد سوريا منذ عام 011. لكنهم وبعدما جرى ـ وسيجري ـ في عواصمهم ومدنهم، يعيدون الحسبان، من دون أن يوقفوا هذه الحرب.
محور رعاة الإرهاب من الدوحة وأنقرة وباريس ولندن، إلى واشنطن ـ تل أبيب، أوكل إلى الرياض، أحد أقطابه، أن تنجز ما فشل فيه. تتوزع ولاءات المجموعات الإرهابية بين استخبارات هذي العواصم. “الوفد الموحد” خرافة. طالما رعاة الإرهاب مختلفين على ثمن وقف الحرب.
تقول الخارجية السعودية : “سنساعد المعارضة السورية في الداخل والخارج للحوار بشكل مستقل وتوحيد موقفها”. هكذا، ببساطة، كأن هذه المجموعات المعادية للدولة والمجتمع، والتي لا تملك قياد أمرها، قد تطهرت من جرائم الإرهاب واللصوصية وخيانة الوطن!.
“المساعدة” السعودية على دمج الإرهابيين السوريين ضمن قوام سياسي واحد تعادل الصفر. يود غلاة الرجعية العربية في المملكة أن ينجحوا في “تبييض” قوى الإرهاب. يظنون أن وقوف زهران علوش وأمثاله من رموز الإرهاب بالبذلات وربطات العنق، تحت أضواء الصحافة العالمية يحقق المطلوب.
يعرقل “مساعدة” المملكة لهؤلاء المجرمين، خلافاتهم اللصوصية والإنتهازية وارتباطاتهم الخارجية. لكن معضلة مؤتمر الرياض هي في تضارب “أجندات”/ جداول أعمال العواصم الراعية للإرهاب. بعد أن خسرت التعريف المشترك للأهداف الرئيسية في سوريا وسبل تحقيقها.
هذا الضياع الإستراتيجي في “السياسة السورية” لكل من تلك العواصم بات واضحاً اليوم. تتمسك أميركا ـ “إسرائيل” بحق القيادة والسيطرة في الإقليم إزاء تركيا والسعودية وقطر، وبالطبع، تجاه الإتحاد الأوروبي. تترك لهم الهوامش وتحتفظ بالمتن.
دفعت أميركا ـ “إسرائيل” بهذه الدول إلى التورط في المسألة السورية. خلال خمس سنوات أضحت تركيا مضطربة في الداخل ومع الخارج. مأزق أنقرة كبير مع موسكو. وشقة الخلاف مع طهران تتسع. والعداوة مع مصر تتصاعد. فيما الإبتزاز المتبادل يطبع علاقتها مع بروكسل.
السعودية غارقة في الداخل والخارج. يعشش الإرهاب في عقول الناشئة. العلاقة مع مصر متوترة. والعداء مع إيران مكلف. “إسرائيل” ليست ضمانة. بينما تكافح الرياض الأزمة المالية، يتحول العدوان على اليمن إلى حرب وجودية. علاقة السعودية مع تركيا غير متكافئة. حتى أنها رضخت للشروط التركية باستثناء الأكراد من قائمة المدعوين. حرب السعودية ضد سوريا كرس تراجع القوة الأميركية في الإقليم، وألقى بالنظام السعودي صوب الإحتضار.
الإتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا وبريطانيا، ولغ في المسألة السورية. حلم الأوروبيون بـ”فتح دمشق”. لم يكتفوا بتصدير الإرهابيين. “انخرطوا” سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً وإعلامياً في حرب الإرهاب ضد سوريا. وها هم يتلقون نار الإرهاب في عواصمهم. ثم تختل الوحدة الأوروبية مع ارتفاع المد المتوسطي بالديموغرافيا الجارفة. طلب الأوروبيون التفاهم مع دمشق “من تحت الطاولة” وسمعوا الجواب الملائم.
قطر : القاعدة الأميركية ـ “الإسرائيلية”. هذا تعريف كاف للحاضر والمستقبل.
مؤتمر الرياض يذكرنا بالمؤتمرات السابقة. لقد حاولت الدوحة وأنقرة وباريس ولندن وواشنطن وتل ابيب في تلك المؤتمرات “مساعدة” المعارضات السورية على “توحيد موقفها”. ولم تحصد سوى الفشل. وليس بانتظار الرياض سوى الفشل … الأكيد.
COMMENTS